بدأ مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، جولة جديدة من الحوار السياسي مع أطراف ليبية جديدة من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة وحلحلة جمود العملية السياسية، الأمر الذي يدعو للتساؤل.. هل ينجح كوبلر في ما لم يحققه في الجولات السابقة أم أنه يريد إطالة عمر الأزمة؟
وعقب سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في 2011، إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربًا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقًا.
وسعت الأمم المتحدة إلى إنهاء هذا الانقسام، عبر حوار ليبي، جرى في مدينة الصخيرات المغربية، تمخض عنه توقيع اتفاق انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية (الوفاق) باشرت مهامها من طرابلس في (مارس) الماضي، إلا أن حكومة الوفاق لم تتمكن بعد من السيطرة على كامل البلاد، وتواجه رفضاً من بعض القوى، ومن مجلس النواب المنعقد بطبرق، شرقي البلاد.
وعقد كوبلر لقاءات في طرابلس مع أطراف الحوار السياسي الليبي والمجلس الأعلى للدولة، وأكد أن أي مقترحات بشأن تعديل الاتفاق السياسي يجب أن تكون من نصوص الاتفاق ذاتها.
جولة حوار
والتقى مبعوث الأمم المتحدة بالعاصمة الليبية رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، كما اجتمع بمسؤولين أمنيين بينهم وزير الداخلية المكلف في حكومة الوفاق الوطني العارف الخوجة، وبحث معه الوضع الأمني بالعاصمة، وفق ما ورد في صفحة كوبلر في موقع تويتر.
ويبدو أن كوبلر يسعى لإطلاق حوار جديد وبين أطراف جديدة، على أن يكون بطلب من الليبيين لكن هل تلقى دعوته صدى وقبول بين الأطراف الفاعلة في ليبيا.
وكان نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية ق أعلن أن المبعوث الأممي مارتن كوبلر اقترح تشكيل لجنة من 15 شخصية تمثل أقاليم ليبيا الثلاثة، لاختيار رئيس حكومة توافقية جديد ونائبين. غير أن المبعوث الأممي كوبلر غرد على صفحته الرسمية بموقع تويتر، بأن اتفاق الصخيرات السياسي سيبقى الإطار الوحيد للمضي قدما وحل الأزمة الليبية.
يُذكر أن مجلس النواب يرفض حتى الآن منح الثقة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وفق ما ينص عليه اتفاق الصخيرات.
التصعيد العسكري
ويطالب المجلس السراج بتقديم تشكيلة حكومية جديدة بدلا من تلك التي لم يتم منحها الثقة، وزادت الأزمة السياسية حدة بعد اجتياح قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الهلال النفطي بين سرت وبنغازي، واستمرارها في التصعيد العسكري في بنغازي.
وأضحى الجمود السياسي سمة بارزة في المشهد الليبي لأن الخلافات بين أطراف الأزمة تتصاعد وتيرتها كل يوم، بسبب رغبة بعض الأطراف في إدخال تعديلات على اتفاق الصخيرات السياسي، لا سيما تلك المواد التي توصف بأنها خلافية.
ومما زاد الأوضاع تعقيدا وإرباكا، العودة الفجائية لحكومة الإنقاذ الوطني في طرابلس حيث سيطرت على مقرات حكومية، إذ إنها تعتبر نفسها ما زالت تتمتع بالشرعية، خاصة أن رئيسها خليفة الغويل يرفض اتفاق الصخيرات.
تحديد ملامح الحوار
وقال الباحث المختصص بالشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كامل عبد الله، إن دعوة المبعوث الأممي لحوار سياسي مع أطراف جدد يشير إلى ثمة تغييرات جديدة قد تلوح في الأفق الليبي المنسد.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن جولات الحوار السابقة عادة كانت لا تكون مع الأطراف الحقيقيين للأزمة لكن كوبلر يستهدف في الحوار الجديد أطراف وشخصيات على علاقة مباشرة بالأزمة مثل الشخصيات الأمنية والسياسية التي التقى بهم مؤخراً.
وأوضح أنه من الضروري قبل البدء في الحوار أن يتم تحديد ملامح الحوار لجميع الأطراف على سبيل المثال هل المشاركين في الحوار يريدون تعديل الاتفاق السياسي أم إلغاؤه وهنا الوضع سيعود إلى نقطة البداية.
إطالة عمر الأزمة
فيما يرى الصحفي والمحلل السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل- إن البعثة الأممية الدولية في ليبيا هى السبب في الأزمة الليبية بسبب دعمها للجماعات المسلحة، لافتاً أن هذه الجامعات تستقوى بالخارج على حد قوله.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن كوبلر ساهم كثيراً في التباعد والانشقاقات التي يدفع ثمنها الجيش الليبي وحده الآن دون وجود سلاح بسب الحظر الدولي، بينما لم يتوقف خط إمداد المجموعات المسلحة وتتلقى الدعم من خلال منافذ بحرية وبرية من الخارج.
ولفت بن هامل إلى أنه إذا لم يكن لدى كوبلر نيه جادة لايجاد حل في هذه الجولة فسيتضح أنه يعمل على إطالة عمر الأزمة الليبية لأن الغرب هو المستفيد من ذلك سواء لبيع السلاح أو لنهب النفط.
وتطورت الأزمة الليبية عقب الثورة التي بدأت فعليا بظهور اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقراره المفاجئ في 14 فبراير 2014 حل المؤتمر الوطني العام وتجميد العمل بالإعلان الدستوري وهو ما وصفه المؤتمر الوطني بأنه محاولة انقلاب، وبداية في 16 مايو ما سماه بعملية الكرامة لتبدأ بعد ذلك عملية سياسية وحوارات ممتدة لإخراج ليبيا من أزمتها.
ومر الحوار الليبي بجولات من الحوارات السياسية من أجل التوصل لحل ينهي الصراع الدائر منذ 2011 وفيما يأتي أبرز محطات جولات الحوار الليبي:
29 سبتمبر 2014
وعقدت الجولة الأولى من الحوار في غدامس بجنوب ليبيا برعاية الأمم المتحدة بين الفرقاء السياسيين المشاركين والمقاطعين لجلسات برلمان طبرق، رغم رفضه من قبل الجماعات المسلحة وإصرارها على الحل العسكري للأزمة.
4 ديسمبر 2014
أعلنت الأمم المتحدة تنظيم جولة حوار "غدامس2" في 9 ديسمبر2014 بين الأطراف السياسية والعسكرية، في مناطق شرق ليبيا وغربها، لكن المبعوث الدولي عاد وأعلن في الموعد المقرر نفسه تأجيل جوالة "غدامس2" بعد فشله في تحقيق التوافق بين الأطراف الليبية.
15 يناير 2015
انطلاق الجولة الأولى من الحوار في جنيف في 14 و15 يناير 2015 بمشاركة حكومة طبرق، وأعضاء من مجلس النواب المنحل وعدد من الشخصيات السياسية، دون مشاركة المؤتمر الوطني العام وحكومة طرابلس.
26 يناير 2015
انطلقت جولة ثانية من الحوار في جنيف بين أعضاء من مجلس النواب المنحل وممثلي البلديات وشخصيات سياسية ليبية، وتمّ الإعلان عن موافقة أطراف الحوار على نقله إلى ليبيا.
28 يناير 2015
قرر المؤتمر الوطني العام المشاركة في الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة بعد أن تقرر نقله إلى داخل ليبيا.
11 فبراير 2015
انطلقت الجولة الثالثة من الحوار الوطني بين فرقاء الأزمة برعاية الأمم المتحدة في مدينة غدامس دون الوصول إلى نتائج.