تواصل الحكومة المصرية تأجيل طرح سندات دولارية بالأسواق الدولية لأسباب تتغير من حين لآخر، فتارة تكون سندات السعودية سببا، وتارة أخرى يكون ترامب سببا أخر، وثالثة يأتي سبب التأخير بحجة ارتفاع سعر الفائدة، ويبقى السؤال متى ستقوم الحكومة بطرح السندات المنتظرة؟
ووفقا لوزير المالية عمرو الجارحي، فإنه بسبب التقلبات التى تعترى الأسواق العالمية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، تعتزم الحكومة تأجيل طرح السندات الدولارية في الأسواق الدولية، حتى منتصف يناير المقبل، والتي كان مقرر لها نهاية نوفمبر الجاري.
وقال الجارحي أن التأجيل يأتي أيضًا، بسبب الهدوء الذى سيسود هذه الأسواق مع موسم أعياد الكريسماس،معلنًا عن زيادة إصدار السندات الدولية إلى نحو 6 مليارات دولار، بعد أن كانت قيمتها ستتراوح بين 2 و2.5 مليار دولار، وذلك بهدف دعم الاحتياطى النقدى الأجنبى بالبنك المركزي وتمويل عجز الموازنة.
مصادر بوزارة المالية، أكدت اليوم الأحد، أن تأجيل طرح السندات الدولارية، تم بناء على نصيحة 5 بنوك استثمار، إضافة إلى أن سعر الفائدة ليس مغريا في الوقت الحالي، فيما قال نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كوجك، إنه سيتم حسم توقيت طرح السندات الدولارية بالأسواق العالمية غداً الإثنين، موضحا أن المفاوضات لا تزال جارية مع بنوك الاستثمار التى تدير الطرح.
وكانت الحكومة قد أعلنت في أغسطس الماضي عن إصدار سندات بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر، على أن تتولى 4 بنوك استثمار دولية وهم "ناتكسيس، وسيتى بنك، وبى أن بى باريبا، وجى بى مورجان" إدارة طرح السندات الدولية، إلا أن مجلس الوزراء أقر بعدها اقتراح وزارة المالية بتأجيل طرحها.
وجاء التأجيل وقتها بهدف الابتعاد عن مواعيد طرح سندات المملكة العربية السعودية، التي طرحتها بقيمة ١٠ مليارات دولار فى الأسواق العالمية، في منتصف أكتوبر الماضي، بالتزامن مع طرح مصر لسنداتها مع مصر، وذلك تحاشيًا للخسائر الفادحة التي يمكن أن تحدث، باعتبار سندات المملكة أكثر أمانًا وضمانتها أكبر بالنسبة للخارج.
و كان القرار وقتها بأن يتم الطرح في نهاية نوفمبر الحالي، وفقًا للاتفاق الذي تم عقده مع صندوق النقد، وهو ما تتجه الحكومة لتأجيله للعام المقبل.
وفي ظل هذا التأجيل المتكرر ترصد "مصر العربية" أراء خبراء الاقتصاد حول هذا الأمر، خلال هذا التقرير:
الدكتور صلاح الدين فهمي، رئيس قسم الاقتصاد السابق بجامعة الأزهر، رأى أنه لا يوجد سبب واضح لتأجيل طرح السنات الدولية، موضحًا أن التقلبات في السوق العالمي بسبب فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، كانت لفترة وجيزة وانتهت.
وقال "فهمي" خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، إن تأجيل الطرح لبداية العام، من الممكن أن يكون بسبب أن العلاقات الاقتصادية مع بعض الدول الغربية ليست على ما يرام، مثل إيطاليا وبريطانيا وفرنسا، بسبب مقتل الباحث الايطالي "ريجيني" في القاهرة بداية العام.
وتابع فهمي، "ربما يكون التأجيل لحين هدوء الاوضاع بشكل أو بأخر، لأن النوحي الاقتصادية تتأثر بشكل كبير بالأوضاع السياسية في البلاد، موضحًا أنه لو تم طرح السندات حاليًا في السوق الدولي، لن يتم التجاوب معها بالشكل المطلوب.
وأضاف أنه ربما السبب في التأجيل عنصر داخلي، وهو توفير الدولار في الوقت الحالي لدى البنك المركزي، مشيرًا إلى أن طرح السندات الدولارية لابد أن يحدث قبل أن تتسلم مصر الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، لكي يتأكد من امكانية سدادنا للقرض، لأنه في النهاية ودائع دول لديه.
وكانت وزارة المالية، قد أصدرت سندات ببورصة أيرلندا بقيمة 4 مليارات دولار في 10 نوفمبر الجاري،من خلال طرح خاص لصالح البنك المركزى المصرى، في خطوة مباغته لم تعلن عنها مسبقًا.
وأصدرت حينها، سندات بقيمة 1,360 مليون دولار بعائد سنوى قدره 4.62% تستحق فى 10 ديسمبر 2017، وسندات بقيمة 1,320 مليون دولار بعائد سنوى قدره 6.75% تستحق فى 10 نوفمبر 2024، وسندات بقيمة 1,320 مليون دولار بعائد سنوى قدره 7% تستحق فى نوفمبر 2028.
وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أن اصدار مصر لسندات في بورصة ايرلندا بقيمة 4 مليارات دولار، كان بمثابة طرح خاص في هذه الدولة، لأنها رأت مناخ السوق هناك مواتي لطرح السندات، بينما السندات المرتقب طرحها فستكون في عدد من الدول الأوربية والغربية.
من جانبه أوضح أمير الكومي، الخبير الاقتصادي، أن قرار تأجيل طرح السندات يعود لمحافظ البنك المركزي ووزير المالية، وذلك على حسب السيولة النقدية في المركزي والمستهدف من الدولارات الذي يحتاجها، قائلًا: "كل ما كان معاه دولار فهو مش محتاج طرحها".
ورجح "الكومي" خلال تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن طرح السندات لن يتم في القريب، بسبب تذبذب الدولار، خاصة بعد تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، مؤكدًا على ضرورة اختيار الوقت المناسب للطرح، بعد استقرار الدولار، وهو ما لن يحدث قبل شهر من الآن، من وجهة نظره.
وشدد الكومي، على أهمية دراسة السوق الذي سيتم فيه إصدار السندات، من حيث المناخ العام أو الظروف الأمنية والسياسية، لأن السوق إذا كان قويا وجاهزا، فإنه سيستوعب السندات المطروحة بسرعة وبالتالي يتم تناولها، على عكس لو كانت الأسواق ضعيفة.
واعتبر أن التأجيل في حد ذاته لن يؤثر على السندات عند طرحها أو يسبب لها ارتباكًا، طالما تم اختيار الوقت المناسب لإصدراها وكانت الأسواق الدولية جاهزة لاستقبالها.
جدير بالذكر أن سندات الخزانة، عبارة عن أدوات مالية منخفضة المخاطر مقارنة بسندات الشركات، حيث لا يتعرض حاملها لأية خسائر رأسمالية، بالإضافة إلى التزام الحكومة بدفع القيمة المدونة على وثيقة السندات، مع حلول تاريخ الاستحقاق، الذي يتراوح بين سنتين و30 عامًا أو أكثر.