خريطة للدول المهددة في أوروبا: البلقان مستهدف في جولات العنف الآتية

في اليوم ذاته (16 تشرين الثاني - نوفمبر) الذي أعلنت فيه الشرطة الكوسوفية عن اعتقال مجموعة اتصال بين «داعش» في سورية وأخرى في ألبانيا كانت تُعدّ لعمل إرهابي خلال مباراة ألبانيا- إسرائيل التي أجريت في وسط ألبانيا يوم السبت 12 تشرين الثاني، نشرت جريدة «دايلي ميل» البريطانية خريطة جديدة للعالم بالألوان المختلفة للدول وفق درجة الاستقرار والعنف في مجتمعاتها. ويلاحظ هنا أن دول البلقان اشتملت على كل الألوان، أي من أفضل الدرجات وأعلاها الى أدناها!

مباراة ألبانيا- إسرائيل

عشية المبارة المبرمجة ضمن تصفيات مونديال موسكو 2018، أعلنت السلطات الأمنية تحضير «داعش» للقيام بعملية إرهابية خلال مبارة ألبانيا- إسرائيل التي كانت مبرمجة في ملعب مدينة شكودرا شمال ألبانيا ذات الغالبية الإسلامية المحافظة.

ووفق التفاصيل التي نشرتها الصحافة، فإن الهجوم كان مخططاً أن يكون بالقنابل والأسلحة الرشاشة بناء على طلب من القائدين الكوسوفيين في قوات «داعش» لافدريم مهاجري ورضوان عاكفي. وبناء على الاتصالات بين القائدين المذكورين والمكلّفين العملية على شبكة «سكايب»، فقد كان الطلب واضحاً: قتل «الكفار». وتبيّن أن الاتصالات كانت تتمّ بين هذين القائدين وخلايا داعشية في كوسوفو، ومن هناك كان الاتصال يتم مع الإمام جزائر فيشتي في ألبانيا الذي اعتقل لاحقاً مع الإمامين غنسي بالا وبويار هيسي.

وبسبب هذا «الكشف» المبكر، أعلنت حال الطوارئ لتأمين المباراة، ولذلك تم نقلها إلى ملعب مدينة إلباسان - وسط ألبانيا القريب من مطار تيرانا حيث طبّقت إجراءات أمنية استثنائية لمرافقة الفريق الإسرائيلي الذي سبقه فريق أمني، بما في ذلك إغلاق بعض الطرق. وما إن مرّت المباراة بسلام لمصلحة إسرائيل (3 – صفر) حتى أعلنت أجهزة الأمن الكوسوفية اعتقال تسعة أشخاص متورطين في المشاركة بالتخطيط لهذه العملية، مع الإشارة الى تعاون اقليمي مع جمهورية مقدونيا المجاورة وآخر دولي مع إسرائيل التي لم تعترف بعد بكوسوفو.

وفي هذا السياق، وُجد من يربط وجود مثل هذه الخلايا الداعشية في كوسوفو بنمو «العداء للسامية» في كوسوفو، أو العداء لليهود وإثارة المشاعر ضدهم بواسطة ترجمة ونشر الكتب المعروفة التي تتحدث عن نظريات المؤامرة ودور اليهود في كل ما يجرى في العالم من شرور.

وكان من اللافت للنظر أن يقوم مركز مقاومة العداء للسامية «سيمون فيزنتال» في باريس بمخاطبة وزير الداخلية الكوسوفي اسكندر حسيني، ومن ثم الرئيس الكوسوفي هاشم ثاتشي بعد أسبوع نظراً الى عدم وصول أي رد من الوزير الكوسوفي. وفي هذه الرسالة الى الرئيس التي نشرت في الصحف، انتقد مدير المركز ادعاء كوسوفو محاربة الإرهاب من ناحية والتساهل مع الجماعات الاسلامية التي تترجم وتنشر في الألبانية الكتب التي تثير العداء لليهود مثل كتاب «كفاحي» لهتلر وكتاب «كنيس الشيطان» لأندرو هيتشكوك وكتاب «الأسد لايغفو» لدافيد اسكه وغيرها.

وكان من اللافت للنظر هنا أن يتهم مدير المركز «جماعة الإخوان المسلمين» في مصر بالمساعدة على ترجمة وطبع بعض هذه الكتب نفسها. وربما يفهم من ذلك أن هذا كان يتم خلال 2012-2013، حين كانت العلاقات المصرية- الكوسوفية تتطور بسرعة وصولاً إلى اعتراف مصر بكوسوفو في نهاية حزيران (يونيو) 2013.

الألوان المتعددة في البلقان

وفي هذا السياق، جاء نشر جريدة «دايلي ميل» خريطة العالم بالألوان الجديدة في اليوم نفسه الذي نشرت فيه الصحافة خبر اعتقال المتورطين في التخطيط للهجوم على الملعب الذي تجرى فيه مباراة ألبانيا- إسرائيل، وكذلك نص رسالة مدير مركز «سيمون فيزنتال» الى الرئيس الكوسوفي.

ويلاحظ في هذه الخريطة في ما يتعلق بالبلقان أنه لدينا ثلاثة ألوان: الأخضر والأصفر والبني. فاللون الأخضر (الذي يغطي جمهورية سلوفينيا فقط) يشير إلى أكثر الدول استقراراً، وهو يغطي في بقية القارة الأوروبية النرويج وفنلندا والسويد وايسلندا فقط. أما اللون الأصفر الذي يغطي معظم أوروبا والبلقان فهو يشير إلى الدول «حيث الجرائم ذات الطبيعة العنيفة والعرقية والطائفية نادرة، وحيث أعمال الإرهاب غير مألوفة، وتكون قوات الأمن والتدخل السريع فعّالة».

وأما اللون البني، لذي شمل كوسوفو والسنجق في جنوب صربيا في البلقان، وروسيا واوكراينا في أوروبا، فهو يشير إلى الدول التي تعاني من نزاعات سياسية واضطرابات أهلية.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الأمر ليس له علاقة بالدين أو الجغرافيا بل بنظام الحكم ومدى تعامله الحكيم مع المعارضة المتصاعدة، بفعل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. فالألبان (الذين ينتمون بغالبيتهم إلى الإسلام) ينقسمون بالتساوي تقريباً بين ألبانيا وكوسوفو، ولكن يلاحظ أن ألبانيا ظهرت باللون الأصفر بينما ظهرت كوسوفو باللون البني. ومن المعروف هنا أن كوسوفو تعاني منذ سنتين (2014-2016) من أزمة سياسية كبيرة انتقل العنف فيها من الشارع الى البرلمان بسبب الفساد الذي رفع مستوى البطالة إلى مستويات قياسية وأصبحت فيه كوسوفو تشبّه بغزة، وهو ما ساعد الشباب العاطلين من العمل على التوجه إما إلى المخدرات أو الى «داعش» وأخواته.

والشيء نفسه يمكن أن يقال عن البشناق المسلمين في إقليم السنجق الذي انفصل إلى قسمين متساويين في 2006 عندما انفصلت جمهورية الجبل الأسود عن صربيا. فالسنجق في جمهورية صربيا يظهر باللون البني، بينما يظهر السنجق في جمهورية الجبل الأسود باللون الأصفر، أي أن الأمر ليس له علاقة بديانة المسلمين في كوسوفو أو في السنجق وثقافتهم بل بفساد النظام وتهميش الشباب.

 

نقلا عن الحياة

مقالات متعلقة