منذ أيام قليلة تعطل كورنيش الإسكندرية، خاصة بمنطقة سيدي جابر، وتم تحويل مسار السيارات إلى طرق جانبية وعلى شارع أبو قير وطريق الحرية، ومع وضع لوادر ومعدات حفر وفرض حراسة أمنية مشددة.
وتبادر فى أذهاننا سؤال: ما هذا المشروع المبهم المعطل للمرور الذى يتم التعتيم على تفاصيله بكورنيش الإسكندرية؟ وما الجهة التي يتبعها؟ ولماذا لا توجد لوحات معلوماتية أو ارشادية لتفاصيل المشروع والجهة المنفذة وتصريح إشغال الطريق من حي شرق الإسكندرية؟ إلى أن علمنا أنه مشروع سياحي ضخم للربط بين عدة فنادق بالكورنيش وبناء جراج للسيارات مكون من ثلاثة طوابق.
بدأ التخطيط للمشروع منذ عامين تقريبًا، حيث تم هدم تراث معماري فريد، وهو “مسرح السلام” المطل على الكورنيش بسيدي جابر؛ لبناء المشروع الذي يربط فنادق وشواطئ القوات المسلحة بمنطقة سيدي جابر ببعضها بعضًا، ومع الوصول لتوقيت التنفيذ الفعلي منذ عدة أيام، أصيبت جميع شوارع الإسكندرية الرئيسية بالشلل المروري بدون سابق إنذار.
ومع بداية الحفر ووضع المعدات على كورنيش سيدي جابر، ثار الأكاديميون وخبراء التخطيط وأعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وأعضاء المجتمع المدني والمدافعون عن الكورنيش.
المشروع الاستثماري الضحم ميزانيته مليار جنيه، وتقيمه الإدارة العامة لنوادي القوات المسلحة، وهو عبارة عن ثلاثة قطاعات رئيسية: القطاع الأول منطقة مسرح السلام، وسيقام عليه فندق “توليب2″، والقطاع الثاني تطوير الطريق وإنشاء كوبري وجراج متعدد الطوابق، والقطاع الثالث تطوير الشاطئ ونوادي القوات المسلحة المطلة على الكورنيش مباشرة وربطها بفندقي توليب 1وتوليب 2، مع إنشاء أنشطة شاطئية جديدة لشواطئ القوات المسلحة كعروض دولفين وملاهي مائية ولاند سكيب.
فندق توليب 2 المزمع إقامته سوف ينشأ بداخله مسرح بديل لمسرح السلام، وطريق الكورنيش سيصبح ثلاث حارات بدلًا من خمس، ومدة التنفيذ تنتهي 30 مايو 2017 قبل شهر رمضان. يسع الجراج المزمع إقامته 1700 سيارة، وهو ملك للمحافظة تتولى القوات المسلحة إدارته وتأمينه، وهذا لاعتبارات أمنية، كما سيتم تشكيل لجنة فنية بين الاستشاري والجهة المنفذة للمشروع وكلية الهندسة والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري والمجتمع المدني؛ لدراسة أي تعديلات للمشروع. ودراسة الجدوى أقامتها الهيئة الهندسية والكلية الفنية العسكرية للقوات المسلحة.
ومن المفاجآت الطريفة التي تحيط بالمشروع أن هيئة الطرق والكبارى بالإسكندرية لا تعلم شيئًا إطلاقًا عن مشروع الجراج متعدد الطوابق، وأيضًا لم يعرض المشروع على كلية الهندسة للدراسة أو لإبداء الرأي كما يحدث فى كافة مشروعات الإسكندرية؛ لكون الكلية هي الجهة الرسمية والأساسية لدراسة هذه المشروعات، وكذلك نواب الإسكندرية الذين قرروا الخروج عن صمتهم بعد فشلهم في الرد على شكاوى المواطن السكندري.
وكثر الجدل المقام حاليًّا؛ لعدم شفافية المشروع وسوء العرض وعدم الإعلان عن دوافع تنفيذه، وغياب دراسته من ناحية تقييم الأثر البيئي على الكورنيش بالنسبة لحجم السيارات التي ستكون بالجراج وكمية العوادم والأدخنة والأضرار البيئة قبل وأثناء وبعد العمل بالمشروع، وغياب الدراسات المرورية للمدينة بعد إقامة هذا المشروع، كما أنه لا بد أن يكون هناك جزء من المشروع خدمة عامة للسكندريين، كإقامة مسرح ثقافي بديلًا لمسرح السلام، ويجب ألا يحجب المشروع رؤية الكورنيش للأهالي ورواد المدينة، وأن يكون هناك اتفاق ومراجعة للارتفاعات والتوسعات الشاطئية.
وأبدى خبراء تخطيطيون تخوفاتهم من إقامة ذلك المشروع وخاصة إنشاء الكوبري، متسائلين: هل من المسلم به أن نأخذ الشارع لعمل جراج يخدم مشروعًا استثماريًّا؟ فالطريق الحالي خمس حارات، سيصبح ثلاثًا، والحارتان الأخريان ستكونان طريق خدمة تحت الكوبري للوصول للجراج، وسيكون الكوبري بارتفاع ثلاثة أدوار بديلًا عن مكان طريق الكورنيش القديم، وبهذا سينتهي وجود الكورنيش الجديد تمامًا. وكانت هناك تجربة لبعض الهيئات عام 95 لعمل جراج متعدد الطوابق، ورفضها القضاء الإداري؛ لأن الشارع ملكية عامة، لا يحق لأي جهة من الجهات أخذه، فهذه المنطقة ليست بها أي منفعة إلا للجراج الذي يخدم المنشأة السياحية الجديدة المزمع إقامتها.
نقلا عن البديل