وفاة فيدل كاسترو تكشف المعايير المزدوجة لـ بي بي سي.. هكذا عنونت صحيفة " تليجراف" البريطانية مقالة للكاتب والمحلل السياسي تشارليز مور والذي ركز فيها على الامتداح المفرط وغير المتوقع الذي أظهرته هيئة الإذاعة البريطانية للزعيم الكوبي فيدل كاسترو بعد وفاته، إلى حد دفعه إلى المقارنة بينه وبين رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر.
وذكر الكاتب أن ريتشارد جوت مقدم برنامج " توداي" المذاع على " بي بي سي" قد تناول في حلقته المذاعة السبت الماضي، فيدل كاسترو، الزعيم الكوبي بلطف وتأدب، أكثر مما حظيت به حتى برئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر.
وسخر الكاتب من تناول جوت لوفاة كاسترو الملقب بـ "أبو الثورة الكوبية" والذي أظهره بأنه "أيقونة" عالمية، بعكس تاتشر " المثيرة للانقسام".
وأوضح الكاتب أن جوت، الكاتب السابق بصحيفة " جارديان" البريطانية قد تحدث بشكل مؤثر عن الكيفية التي عشق بها الناس في أنحاء العالم "القائد" في إشارة منه إلى كاسترو الذي وافته المنية مساء الجمعة الماضية عن عمر يناهز الـ 90 عاما.
وقال جوت إن اغتيال الزعيم الكوبي لخصومه السياسيين لا يعدو سوى كونه " نوعًا من الأشياء التي يمكن للمرء أن يتوقعها" في هذا البلد اللاتيني."
وأكّد جوت أنّه توجد ثمة حاجة لتنفيذ إصلاحات بعد وفاة كاسترو لأنّ "كافة التغييرات الضرورية قد أدخلت بالفعل."
ولفتت الصحيفة إلى أنّ جوت يُصنف خبيرًا متخصصًا في شئون أمريكا اللاتينية، محملة هيئة الإذاعة البريطانية مسؤولية إتاحة الفرصة له لإبداء إعجابه الشخصي بما وصفته بـ "الوحش" الكوبي.
وولد فيدل كاسترو في الـ 13 أغسطس من 1926 في مقاطعة أورينت جنوب شرقي كوبا لأب مزارع من أصل إسباني، وأم كانت خادمة لزوجة والده الأولى.
حمل كاسترو السلاح ضد الرئيس فالجنسيو باتستا عام 1953 على رأس أكثر من مائة من أتباعه. إلا أن محاولته أحبطت وسجن هو وشقيقه راؤول. وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي واصل حملته لإنهاء حكم باتستا من المنفى في المكسيك. وشكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو.
وقد اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدا واسعا في كوبا. وتمكنت قواته في عام 1959 من الإطاحة بـ باتستا الذي أصبح نظامه يرمز إلى الفساد والتعفن وعدم المساواة.
وتسلم كاسترو سدة الحكم وسرعان ما حول بلاده إلى النظام الشيوعي لتصبح كوبا أول بلد تعتنق الشيوعية في العالم الغربي.
وجاءت وفاة كاسترو بعد مرور ثلاثة أشهر على احتفالات كوبا بعيد ميلاده التسعين، حيث نظمت احتفالات حاشدة في العاصمة هافانا في 18أغسطس الماضي، شارك فيها الآلاف، واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وتزامنت مع كرنفال هافانا السنوي.
وكان فيدل كاسترو اعتزل السلطة عام 2006 بسبب تردي حالته الصحية، حيث تولى أخوه الأصغر راؤول كاسترو مهامه قبل أن يجري تعيين الأخير بشكل رسمي رئيسا للبلاد عام 2008، لكن فيدل ظل محتفظا بلقب "الزعيم الأسطوري".
وتعرض كاسترو لمحاولات كثيرة من الاغتيالات والقتل ومن التدخلات الأمريكية وتحول الرجل إلى مثال أمام بلدان وقيادات أخرى في أمريكا اللاتينية وغيرها. وربما يكون الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز أبرز مثال على اقتفاء أثر كاسترو في سياسة المواجهة والتحدي.
وتذكر وكالات الأنباء أن فيدل كاسترو نجا من أكثر من 600 محاولة اغتيال، وتحدى عشرة رؤساء أمريكيين، وواكب أكثر من نصف قرن من التاريخ.
لمطالعة النص الأصلي