15 يوما من القصف المتواصل لم تتوقف خلالها آلة الحرب الروسية في حصد أرواح المدنيين السوريين بحلب، حيث تتفاقم معاناة سكان المدينة المحاصرة تحت وطأة الغارات الروسية الوحشية وبراميل الأسد الحارقة.
وتزداد معاناة المناطق الشرقية في حلب، التي تسيطر عليها المعارضة، من جراء ندرة الدواء والخبز والمواد الغذائية، وقلة المناطق الآمنة، وغياب التعليم بعد أن دمرت المدارس والمشافي.
وتدهور الوضع الإنساني في المدينة المحاصرة بشكل غير مسبوق وسط نزوح آلاف المدنيين ونفاد مخزونات الغذاء والوقود، يقابله زحف لقوات النظام السوري باتجاه ما تبقى بيد المعارضة السورية المسلحة.
الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهالي حلب منذ 6 سنوات، لم تشفع لهم في وقف نزيف الدماء، فرغم أوجاعهم وحياتهم الصعبة، إلا أن الموت لا يزال مستمرا.
ودفع اجتياح قوات النظام السوري أحياء مساكن هنانو والصاخور والحيدرية والشيخ خضر وجبل بدورو، وسيطرة الأكراد على حيي بستان الباشا والشيخ فارس (شمال شرقي المدينة) نحو عشرة آلاف مدني إلى النزوح.
وتوجه بعض من هؤلاء إلى المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، وفرّ آخرون إلى الأحياء المتبقية بيد المعارضة، بينما سلم البعض أنفسهم لقوات النظام السوري، وأفاد سكان بأن بعض أقاربهم تعرضوا للتصفية بعد تسليم أنفسهم.
من جهته، وصف الدفاع المدني الوضع في المناطق المحاصرة بالكارثي، وأعلنها منكوبة بالكامل، كما أكَّد أن كميات الوقود التي يستعملها لتسيير عرباته التي تتولى إسعاف المدنيين ستنفد خلال يومين.
وفي الوقت نفسه، حذرت منظمات دولية ومحلية من أن مخزونات الغذاء بصدد النفاد، خاصة أنه لم تدخل المناطق المحاصرة أي مساعدات منذ الصيف الماضي.
وأكد بيان صادر من الدفاع المدني، خروج جميع المستشفيات في الأحياء الشرقية المحاصرة عن الخدمة، وفقدان الدفاع المدني لأكثر من نصف معداته وآلياته الرئيسية، نتيجة القصف المستمر من قبل النظام، وتدمير المرافق الميدانية والبنى التحتية كمحطات توليد الكهرباء، وضخ المياه والأفران والمستشفيات.
وأطلق الدفاع المدني نداء استغاثة، للمنظمات الإنسانية والإغاثية والطبية من أجل التدخل السريع لوقف الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في الأحياء المحاصرة من حلب الشرقية.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمم المتحدة تدعو كل الأطراف لحماية المدنيين، ووقف القصف العشوائي حتى تتمكن من إدخال المساعدات.
وأضاف "الأمم المتحدة قلقة بشدة حول القتل المركز في شرق حلب والقصف العشوائي الجوي خلال الأيام الماضية، وهو ما أدى إلى تسجيل مقتل وجرح كثير من المدنيين، وأطلق العنان لنزوح آلاف آخرين إلى غرب حلب وداخليا ضمن شرق حلب وإلى حي الشيخ مقصود".
وتابع أن الأوضاع لا تزال حساسة ومتحركة في الأحياء الشرقية للمدينة، وقال إن نحو 270 ألف مدني في أمسّ الحاجة للمساعدات الغذائية التي لم تصلهم منذ يوليو الماضي. كما قال إن انقطاع المساعدات منذ ذلك الوقت يحوّل شرق حلب إلى مدينة دون طعام.
عبد الرحمن القيطاز أحد أهالي حلب قال إن الوضع في حلب كارثي، فالمدينة خاصة شرقها باتت منكوبة، لا حياة ولا مشافي ولا غذاء.
وأوضح أن الطيران الروسي لم يتوقف يومًا عن قصف الأبنية السكنية والمدارس، قائلاً القصف الأخير على الصاخور والحيدرية قتل العشرات، والباقون هربوا من جحيم نيران الروس، وملشيات الأسد.
وتابع: "لم يعد لدينا أكل ولا أدوية، فالمخزون الاحتياطي نفد، والمشافي دمرت، ونحن لا نملك وصول المواد الغذائية والطبية الأساسية.
وأشار إلى أنَّ الروس يقصفون الأحياء بالقنابل العنقودية في أحياء الميسر والشعار والقاطرجي، فالقصف الذي استهدف حي القاطرجي مؤخرًا استخدمت فيه قوات النظام غاز الكلور السام.
وأكد القيطاز أن المناطق التي يحتلها الروس والأسد في حلب، يقومون بتصفية أقارب المعارضين، والآن الأسد يحاصر حي الشعار رئة جنوب حلب
أما المحلل السياسي السوري أحمد المسالمة فقال: "كان الله عونًا لحلب وأهلها، فهم يتعرضون لقصف همجي من آلة الحرب الروسية المحتلة وذراعها عصابات الأسد، قصف لا يتوقف، مضيفًا أن الشهداء بكل مكان والجرحى مازالوا عالقين والمخفي تحت الركام لا يعلمه إلا الله.
وأوضح المحلل السياسي السوري لـ"مصر العربية" أنَّ الحالة الإنسانية في حلب غاية في السوء، فقد توقفت الحياة، فلا طعام ولا شراب، فمياه الشرب أوقفتها عصابات الأسد بإيقاف محطة ضخ مياه الحلبي التي تضخ على المدينة.
الكارثة تتفاقم وحلب مدينة منكوبة بكل ما تحويه كلمة منكوبة من معاني، الكلام لا يزال على لسان المسالمة والذي أكّد أن أهالي حلب الفارّين من القصف تعتقلهم قوات النظام وما تبقى منهم تقوم بتصفيته، مشيرًا إلى أنَّ المراصد توقفت عن إحصاء عدد القذائف والغارات التي تنهمر من كثرتها وتوقفت المشافي عن استقبال الجرحى والمصابين لإخراجها عن الخدمة من سلاح روسيا المحتل، قائلا: ماذا تبقى في حلب؟.. تبقى رجال عاهدوا الله وأنفسهم وأهل حلب على الصمود، أمام الغطرسة الروسية الأسدية. "فكان الله مع حلب التي تباد".
يذكر أن الأمم المتحدة أعلنت في وقتٍ سابق أن المعارضة السورية المسلحة وافقت على إدخال قوافل مساعدات إلى حلب، في حين لم تتلق بعدُ جوابًا من النظام السوري وروسيا.
وكانت قوات النظام تساندها مليشيات أجنبية بدأت قبل أسبوعين هجوما واسعا من عدة محاور على أحياء حلب المحاصرة، وسط قصف جوي أسفر عن مقتل ما يصل إلى1000 مدني، يذكر أن الأحياء المحاصرة كانت تضم قبل هذا الهجوم الكبير 275 ألف مدني، وفقا للأمم المتحدة.