فرانسوا فيون.. كاثوليكي معاد للإسلام

فرانسوا فيون مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية بفرنسا

بفوز فرانسوا فيون في الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين ويمين الوسط بفرنسا، يكون هذا التيار نجح في الاتفاق وراء مرشح واحد لخوض غمار السباق نحو اﻹليزيه المقرر ربيع العام المقبل متفاديا حالة التشرذم والتشتت التي يعاني منها اليساريون.

فيون الذي يحب شرب الشاي، وقيادة السيارات الكلاسيكية وسباقاتها، استطاع الفوز بتأييد اليمين واﻹطاحة بعمدة بوردو آلان جوبيه، بعد حصد ثلثي اﻷصوات (66.5) في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية لليمين التي جرت لأول مرة في التاريخ.

فوز فرانسوا فيون في الانتخابات التمهيدية لليمين يعد مفاجأة كبيرة، خاصة أنه حل رابعا خلف جوبيه ونيكولا ساركوزي وبرينو لومير، في استطلاعات الرأي قبل الجولة اﻷولى من الانتخابات.

إلا أن الحملة الهادئة لرئيس الوزراء والبرلماني السابق وإقناعه الناخبين من خلال التركيز على كلمة "ليونة"، وراء تصدره المشهد وإطاحته بعدد من الشخصيات السياسية البارزة في فرنسا.

 

خسارة في 2004

فيون البالغ من العمر "62" عاما والمنحدر من أصول كاثوليكية، بدأ حياته السياسية كملحق لنائب منطقة سارت ووزير الدفاع والنقل السابق جويل لو تول، وهو صديق أيضا لوالد فرانسوا، وعندما انتقل لو تول للوزارة أخذ معه فيون كمكلف مهمات.  

بعدا اثنا عشر عاما من انتخابه نائبا في الجمعية الوطنية 1981 شغل منصب وزير التعليم العالي ثم وزيرا للتكنولوجيا والبريد والمواصلات، ووزيرا للشؤون الاجتماعية ثم للتربية الوطنية بحكومة جان بيار رفران.  

في عام 2004 تفرغ للعمل في حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بعد خسارته في الانتخابات الجهوية، وبعد انتخاب ساركوزي رئيسا لفرنسا، عاد من جديد ليصبح رئيسا للحكومة حتى 2012.

عقب فوز الاشتراكيين في الانتخابات الرئاسية ودخول أولاند قصر الإليزيه، قرر فيون المشاركة في الانتخابات التشريعية وانتخب نائبا في الجمعية الوطنية عن الدائرة الثانية لباريس، وفي 2015 أعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة الفرنسية.

 

معادته للإسلام

يعتبر فيون أن بلاده لديها مشكلة ترتبط بالإسلام، وطالب بأن يقبل الدين الإسلامي ما وافق عليه الآخرون في الماضي، وأن التطرف والاستفزاز لا مكان لهما في فرنسا، كما يرفض فيون التعددية الثقافية قائلا إن المهاجرين الذين يرغب في تقليص أعدادهم إلى "الحد الأدنى الصارم" ينبغي أن تكون لديهم القدرة على الاندماج، وفسر ذلك قائلا “عندما تدخل منزل شخص لا يجب أن تكون لك الهيمنة".  

لكن كثير من يرى أنه توجد صلة مباشرة بين صعود فيون المفاجئ في الانتخابات التمهيدية لليمين ، ونشر كتابه "هزيمة الشمولية الإسلامية"، الذي يرى فيه أن "الغزو الدموي للأصولية الإسلامية في حياتنا اليومية يحضر لحرب عالمية ثالثة، لافتا إلى أنه لا توجد "مشكلة دينية في فرنسا، وأن هناك مشكلة ترتبط بالإسلام". مرشح اليمن المحافظ الذي يناهض ارتداء الحجاب في المدارس والبرقع والبوركيني، أكد أنه حال انتخابه رئيسا سيعمل على أنشاء جهاز استخباراتي فعال ورفع قدرة استيعاب السجون والترحيل الفوري دون إمكانية العودة للأجانب الذين يمثلون تهديدا لأمن البلاد.

 

تاتشر فرنسا

فيون يقدم للناخبين برنامجا اقتصاديا ليبراليا بامتياز، مستوحى من ذاك الذي طبقتهُ مارجاريت تاتشر، رئيسة الحكومة البريطانية السابقة المعروفة إعلاميا بـ "المرأة الحديديةِ" وهو ما جعل الغرب يصفه بـ "تاتشر فرنسا".

من أهم اقتراحات فيون الاقتصادية، رفع عدد ساعات العمل إلى 39 ساعة أسبوعيا، ورفع سن التقاعد إلى 65 عاما، وإلغاء حوالي نصف مليون وظيفة في القطاع العام خلال خمس سنوات، فضلا عن تسهيل عملية تمويل الشركات الصغيرة عبر تخفيض نسبة الضرائب التي تدفعها هذه الشركات بين 30 و50 %، وتخفيض الضرائب على المؤسسات بمبلغ 40 مليار يورو.

 

مؤيد لبوتن

ومن الأفكار الجدلية لفيون اعتزامه توطيد علاقة فرنسا مع موسكو وإخراجها من مرحلة البرود، ويعتقد مرشح اليمين أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة استفزا روسيا من خلال التوسع في أوروبا الشرقية.  

فهو يدعو إلى التقارب مع روسيا وينوي رفع الحظر الاقتصادي والتجاري المفروض عليها منذ احتلال جزيرة القرم، وكذلك التعاون معها حول الملف السوري، كما أنه يمتدح فكرة التحالف مع النظام السوري للقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية".

 

فيون واليمين المتطرف

قليل من الناس كانوا يراهنون على فوز رئيس الوزراء السابق في الجولة اﻷولى من الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين ويمين الوسط، وبخاصة اليمين المتطرف حزب "الجبهة الوطنية".

فوز جويبه أو ساركوزي كان سيصب في صالح زعيمة "الجبهة الوطنية" مارين لوبان، فاﻷول يجسد النخبة وأصحاب الامتيازات، والثاني له مشاكل كثيرة مع العدالة، لكن الصعود المفاجئ لفيون، دمر خطط لوبان المدبرة، فالخصم الآن مواقفه قريبة من مواقف الجبهة الوطنية المتطرفة. فبعد فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية، سيبدأ فيون في توضيح الفرق بينه وبين الجبهة الوطنية، كما أن جدول أعماله المحافظ يضمن له تأييد الناخبين الكاثوليك والمعارضين المتشددين الذين كانت تعول عليهم لوبان للوصول إلى الإليزيه، خاصة بعد فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، وتصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وبهذا أصبح فرانسوا فيون فرصته كبيرة لخلافة أولاند خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل ومايو المقبلين، وذلك في ظل الانقسامات التي يعاني من اليسار المنتمي إليه الرئيس الحالي وعدم رغبة الفرنسيين في وصول اليمين المتطرف لسدة الحكم.

 

تحديان للفوز بالرئاسة

قد يكون فيون متناغما مع قاعدته الحزبية لكنه لا يوافق غالبية الناخبين، لذا سوف يكون عليه اقناع الفرنسيين بثورته الليبرالية اقتصاديا والمحافظة مجتمعيا، في ظل برنامج تقشفي بامتياز.

ولم يصل رئيس الوزراء السابق إلى الرئاسة إلا إذا نجح في توحيد تيار اليمين المحافظ الذي المنتمي إليه فيون ويمين ساركوزي البونابارتي ويمين جوبيه المعتدل.  

أما التحدي الثاني فيتمثل بالفوز بثقة الطبقة الغاضبة والشكاكة التي تشكل الخزان الانتخابي لليمين المتطرف وإقناعهم بالتصويت له وإدارة الصراع بينه وبين خصمه العنيد مارين لوبان.

يشار إلى أن فيون متزوج وله خمسة أولاد، ابنته البكر تدعى ماري (34) عاما متزوجه وأم وتعمل محامية، أول أبنائه الذكور محامي أيضا ويدعى شارل فيون (32) يعمل في بنك مورجان ستانلي، الابن الثالث أنطوان فيون (30عاما) عمل في العديد من الأماكن في الخارج، والآن مصرفيا في أحد فروع بنك "يو بي أس" الفرنسي. بعد تخرجه من جامعة ESSEC، عمل إدوارد فيون، الابن الرابع لرئيس الوزراء السابق، في شركة الاستشارات رولاند بيرجر بباريس، أما أصغر أبناء فيون فهو أرنو (15 عاما) طالب في المدرسة الثانوية.

مقالات متعلقة