منذ اندلاع الأحداث الدامية في سوريا قبل 6 سنوات، وتعيش مدينة حلب تحت وطأة القصف واستعار المعارك على جبهات عدة، دفع خلالها آلاف المدنيين والأسر الحلبية ثمنًا باهظًا، لكن هذه الأيام تتعرض المدينة لهجمة وحشية من قبل العدوان الروسي والميلشيات الشيعية حولت المدينة لكومة ركام.
سكان المدينة المحاصرة يواجهون الموت في كل لحظة، فهم محاصرون من كل اتجاه، تارة يذوقون مرارة الحصار، وأخرى مرارة النزوح القاتل الذي يدفعهم إلى العدو فيقتلون، أو يختارون الاستسلام والبقاء ليواجهوا الروس فيقتلون أيضا، فهم مطاردون في وطنهم.
ويواجه سكان المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية في حلب وضعا مأساويا صعبا، بسبب تدهور الوضع الإنساني في شرقي حلب، آلاف الأسر هربت من القصف، وما تبقى يعيش بلا ماء ولا طعام.
ودعت الأمم المتحدة إلى وضع حد للقصف العشوائي على شرقي مدينة حلب السورية وحماية المدنيين وتمكين إدخال المساعدات الإنسانية، وحذرت من أن تلك المنطقة أصبحت حاليا "بلا طعام".
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الأمم المتحدة تشعر بالقلق الشديد إزاء تقارير تصاعد القتال والقصف الجوي العشوائي على شرق حلب خلال الأيام القليلة الماضية واللذين أسفرا عن مقتل وجرح العديد من المدنيين وتسببا في نزوح الآلاف.
وأضاف دوجاريك أن ما يقدر بنحو 275 ألف شخص يعيشون "في ظل ظروف مروعة وفي حاجة ماسة إلى المساعدة، ولم يتمكن العاملون في المجال الإنساني من الوصول إلى المنطقة منذ بداية يوليو 2016".
وتابع المسئول الأممي أن "حصص برنامج الأغذية العالمي الأخيرة المتبقية نفدت منذ يوم 13 نوفمبر، مما جعل حلب الشرقية مدينة بلا طعام".
وحث المتحدث الأممي جميع أطراف النزاع على وضع حد لعمليات القصف العشوائي، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وفتح الباب أمام المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، وفقا للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
المفكر السياسي السوري موفق زريق قال، إن ما يحدث بحلب من مجازر يومية أمر طبيعي، ومتوقع، فهذا قرار دولي متفق عليه مسبقا.
وأوضح السياسي السوري لـ"مصر العربية" أن ما يحدث بحلب هو نتيجة للصفقة التركية الروسية بمباركة أمريكية، فالجميع متورط في دماء السوريين.
وتابع: "علينا أن ننسى الأمم المتحدة، أقصد الأمم الفاسدة، قائلا: "ما أعلنته فرنسا وبعض الدول الغربية عن جلسة طارئة بشأن حلب، هو لامتصاص الرأي العام ليس أكثر.
وأشار إلى أن دماء أهالي حلب لم يعد لها ثمن، فالجميع يسعى لتصفية الثورة عن طريق إسقاط حلب، قائلا: "أبدا أبدا لن تسقط الثورة حتى لو سقطت حلب، فسقوطها يعني سقوط المشروع الطائفي في الثورة، فالعسكرة ارتبطت بالطائفية السياسية، وتم تهميش الجيش الحر الوطني.
الناشط الإعلامي السوري صيام أبو ثائر الحلبي، أحد أهالي حلب وصف حال مدينته المحاصرة بالكارثي، قائلا: "نموت من الجوع، تركنا ديارنا وممتلكاتنا وهربنا من القصف حفاة عراة، نعيش في الخلاء ونلتحف بأوراق الأشجار.
وأوضح الحلبي لـ"مصر العربية" أن الجميع تخلى عنا، صرنا كالفئران، ندخل جحورنا كلما جاءت طائرات الروس والأسد، حتى الجحور والمخابئ هدمت فوق رؤوسنا، "نعيش الموت كل يوم".
وأضاف أحد أهالي حلب، أن العشرات قتلوا في حي باب النيرب أثناء محاولتهم النزوح مشيا على الأقدام، وما تبقى منهم قامت مليشيات الأسد والروس بتصفيتهم، وأيضا فالقصف الوحشي تركز أيضا على أحياء المواصلات القديمة والميسر والجزماتي.
وأنهى الحلبي كلامه، شرق حلب وريفها الغربي والشرقي يتعرضون لحملة تصفية وإبادة.
ومنذ أيام، أعلنت الأمم المتحدة أيضا، أن مليوني شخص تقريباً يعانون من انقطاع المياه في حلب ثاني كبرى مدن سوريا، بعد أن قصفت قوات نظام الأسد إحدى محطات الضخ، وقامت الفصائل المقاتلة بتوقيف العمل في محطة أخرى رداً على ذلك.
من جهته، أصدر الدفاع المدني في مدينة حلب بيانًا، أوضح من خلاله الواقع الإنساني المتفاقم في ظل الحصار والهجمة العسكرية الكبيرة، معلنًا المدينة “منكوبة”.
وجاء في التقرير الذي نشره الدفاع المدني مؤخرا، أن عدد أهالي حلب الشرقية بلغ 279 ألف نسمة، يرزحون تحت حصار كامل منذ 94 يومًا.
ورافق الحصار، بحسب التقرير، استهداف مباشر للمرافق الميدانية والبنى التحتية التي تستخدم لخدمة المدنيين، كمحطات توليد الكهرباء وضخ المياه والأفران والمشافي ومراكز الدفاع المدني.
ووثق الدفاع المدني منذ الثلاثاء 15 نوفمبر، وحتى تاريخ البيان، استهداف مدينة حلب المحاصرة بما يقارب ألفي غارة جويّة، وأكثر من سبعة آلاف قذيفة مدفعية، بالإضافة للصواريخ البالستية والقنابل العنقودية وأسطوانات غاز الكلور المحرمة دوليًا.
وتسبب هذا القصف بخروج جميع المشافي في الأحياء الشرقية عن الخدمة، وفقدان الدفاع المدني لأكثر من نصف معداته وآلياته الرئيسية، بحسب الدفاع المدني.
يذكر أن الأمم المتحدة أعلنت في وقتٍ سابق أن المعارضة السورية المسلحة وافقت على إدخال قوافل مساعدات إلى حلب، في حين لم تتلق بعدُ جوابًا من النظام السوري وروسيا.
وكانت قوات النظام تساندها مليشيات أجنبية بدأت قبل أسبوعين هجوما واسعا من عدة محاور على أحياء حلب المحاصرة، وسط قصف جوي أسفر عن مقتل ما يصل إلى1000 مدني، يذكر أن الأحياء المحاصرة كانت تضم قبل هذا الهجوم الكبير 275 ألف مدني، وفقا للأمم المتحدة.