" إعفاء الدواجن المستوردة لمدة 3 أشهر من الرسوم الجمركية".. قرار اتخذه مجلس الوزراء الاثنين الماضي ، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول أسبابه وتوقيته والعواقب التى ستلحق بقطاع الدواجن في مصر.
"مصر العربية" ترصد كواليس الأزمة الراهنة من بدايتها في السطور الأتية:-
بداية الأزمة
بدأت أزمة ارتفاع سعر الدواجن في السوق المحلي منتصف مايو الماضي، بعدما ارتفع سعر كيلو الدواجن في السوق لـ 30 جنيها، مقارنة بـ 20 جنيها ، هذه أول مرة يصل سعر إليها كيلو "الفراخ" لهذا المستوى وتعلل المنتجون وقتها بزيادة سعر الدولار ووصوله لمستوى الـ 8 جنيهات.
ارتفاع الدولار فى هذا الوقت جعل أسعار كافة مدخلات الإنتاج المستوردة سواء كانت أعلاف أو أمصال تواصل الارتفاع ، حيث لجأ مستوردى الأعلاف لرفع سعر الطن إلى 5 آلاف جنيه ما جعل سعر كيلو الدواجن لأول مرة في التاريخ يصل إلى 22 جنيها .
حملات المقاطعة
بعد وصول أسعار الدواجن لمستوى الـ 30 جنيها داخل سوق التجزئة، لجأ العديد من المواطنين إلى مقاطعة شراء الدواجن واتجهوا نحو المستوردة التى كانت سعرها في متناول أيديهم بسعر يصل إلى 22 جنيها للكيلو، بالإضافة لشراء الأسماك كبديل للدواجن .
الأسماك لم تقف على وضعها الحالي لمدة يومين من تاريخ الاتجاه لشرائها كبديل عن الدواجن ، فقام التجار برفع الأسعار ليصل سعر الكيلو البلطي كمتوسط سعر عند مستوى الـ 20جنيها متخذا ورائه العديد من الأصناف كالجمبري والبياض وغيرها .
تحركات وزارة التموين
لم تكن وزارة التموين في معزل عن الوضع حينها ، حيث أعلنت هيئة السلع التموينية، أنه تم التعاقد على شراء 2000 طن من أجزاء الدواجن "أوراك" مجمدة من أمريكا، لطرحها للمواطنين مباشرة دون وسيط بالمجمعيات الاستهلاكية، بسعر 9 جنيهات للمستهلك ولكنها تراجعت فجأة.
تحركات وزارة التموين جعلت منتجي الدواجن في السوق المحلي يهبون لحماية استثماراتهم داخل السوق، فوقع اتحاد منتجي الدواجن مع وزارة التموين اتفاقا على توريد 4000 طن دواجن بداية من شهر يوليو الماضي على أن يتم البيع بأسعار مدعمة من خلال المجمعات الاستهلاكية، عقب قرب نفاد الكمية التى تم التعاقد عليها بداية العام الحالى، والتى تقدر بـ4000 طن وتشمل الصفقة 2000 طن دواجن و2000 طن أجزاء دواجن.
اقرأ أيضا|التموين تعلن قوائم الدعم الجديدة وخطتها لمواجهة ارتفاع الأسعار
الطرح بالأسواق
بمجرد طرح الدواجن المجمدة والأجزاء التى تم التعاقد على شراء من منتجى الدواجن، لم تستمر تواجدها داخل المجمع أكثر من ساعة واحدة أو أقل ، فالمواطن لا يريد شراء السلع بسعر مخفض لأن سعر كيلو الدواجن ما زال عند مستوى الـ 30 جنيها .
شكاوى عديدة من اختفاء الدواجن المجمدة وهياكلها من المجمعات والعربات المتنقلة، حيث زاد شكوى المواطنين من عدم توافر ما يتم الإعلان عنه من دواجن ، حتى أن بعض المواطنين قالوا " كل شوية وزير التموين يقول بنضخ سلع وإحنا مش لاقيين الفراخ".
نتيجة الضخ
إعلان وزير التموين حينها عن ضخ أكثر من 2000 طن دواجن مجمدة في المجمعات دون تواجدها على أرض الواقع، دفع احد الصحفيين للهجوم عليه قائلا:" هى الدواجن المجمدة ده مش موجودة في المجمعات والمواطن مش لاقيها ولا احنا كمان عارفين نشوفها يا معالي الوزير هو الضخ الدواجن ده بيروح الصومال هو احنا في مجاعة علشان تخلص بمجرد طرحها".
تراجع الأعلاف
بدأت أسعار الأعلاف في بداية أغسطس الماضي في التراجع بعض الشىىء لتصل لمستوى الـ 4800 جنيها للطن لتنخفض معها سعر الدواجن داخل المزراعة حتى وصل الكيلو لمستوى الـ 15 جنيها
واستمرت أسعار الدواجن خلال شهر أغسطس في الانخفاض لتستقر عند مستوى الـ 14 جنيها في المزراعة ، نتيجة لحالة الركود المسيطرة على السوق بعد توقف حالة البيع والشراء .
ارتفاع الإنتاج اليومي
واستمرت أسعار الدواجن في الانخفاض التدريجي في سوق التجزئة حتى وصل سعر المنتج لمستوى الـ 22 جنيها للكيلو، بفعل حالة الركود المسيطرة على السوق وليس تراجع مدخلات الإنتاج لأنه في هذه الفترة كان سعر العلف يتجاوز الـ 5 آلاف جنيه للطن ، حيث ارتفع معدل الإنتاج اليومي ليصل إلى مستوى 1.5 مليون طائر يوميا .
اقرأ أيضا| رغم ارتفاع الأعلاف.. أسعار الدواجن تواصل التراجع
انخفاض الأسعار جعل السوق يتحرك بعد الشىء لتعود إليها حالة الرواج الموجود في سعر البيع والشراء بعد توقف دائم عدة أسابيع ، وبدأت الأعلاف تأخد موجة أخرى من الصعود ليصل السعر إلى 5600 جنيه للطن أول أكتوبر .
التعويم وارتفاع الدولار
خلال أكتوبر الماضي، تراوح سعر الكيلو في المزراعة بين 15 إلى 17 جنيها ، رغم تعويم الجنيه وراتفاع سعر الدولار لضعف مستويات، وبعد وصوله إلى نحو 18 جنيها اليوم فى البنوك ارتفعت أسعار الدواجن لتصل بين 20 إلى 22 جنيها .
تعويم الجنيه أثر كليا على سعر مدخلات الإنتاج والأعلاف والأمصال ليسجل الطن حوالي 6400 جنيها نهاية نوفمبر بزيادة قدرها 1400 جنيه في الطن مقارنة بسعر يوليو الماضي، ورغم هذا الارتفاع بقي سعر الدواجن مستقر في السوق المحلي عند مستوى الـ 16 جنيها في المزرعة و 22 جنيها في سوق التجزئة .
جمارك الدواجن المستوردة
أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء الاثنين الماضي قرارا بإعفاء كميات الدواجن المجمدة التي ستستورد أو التي تم استيرادها، خلال الفترة من 10 نوفمبر 2016 وحتى 31 مايو 2017، من الضرائب الجمركية، ونشر هذا القرار في الجريدة الرسمية .
منتجو الدواجن ضد الحكومة
قابل المنتجون القرار باستياء شديد، وأكدوا أن أسعار الدواجن في الوقت الحالي منخفضة مقارنة بالتكلفة الإنتاجية التى ارتفعت 50%، متسائلين ما الداعي لاستيراد دواجن مجمدة تهلك استثمارات المصريين وتفتح باب الإغراق أمام المنتج المحلي .
اقرأ أيضا| مربو الدواجن: "رفع الجمارك" يهدد 2 مليون عامل.. ويغلق 50% من المزارع
موقف وسائل الإعلام
شن الإعلامي أحمد موسى هجوما حادا على الحكومة بسبب الارتفاع المبالغ فيه في أسعار كافة السلع في الأسواق،قائلا:” الأسعار بقت نار، والمواطن مش عارف يعمل أيه"
أقرأ أيضا| فيديو..موسى يفجر مفاجأة عن أزمة الدواجن: "في باشا جديد دخل السوق"
45 مليار جنيه على حافة الهاوية
"تشريد أكثر من 60 ألف عامل وانهيار 45 مليار جنيه استثمارات، إغلاق 50 ألف مزرعة زيادة الضغط على الدولار" .. كل هذه تبعيات سلبية تهدد قطاع صناعة الدواجن في مصر حال إعفاء مجلس الوزراء مستوردي الدواجن من الرسوم الجمركية المقدرة بـ 30%.
وقال الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، إن حجم الاستثمارات داخل قطاع الدواجن تصل إلى 45 مليار جنيه معرضة للانهيار في ظل ارتفاع الأعلاف وغلاء مدخلات الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أنّ السماح لاستيراد هذه الكميات سيكون له مردود سلبي على الاستثمارات التى على حافة الهاوية.
اقرأ ايضا| رفع الجمارك عن المستورد.. مسمار فى نعش صناعة الدواجن
موت الصناعة الوطنية
في السياق ذاته، وصف نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجي الدواجن، سماح مجلس الوزراء برفع الجمارك عن مستورد الدواجن من الخارج، بمثابة " نهاية صناعة الدواجن في مصر" ، قائلا:" السماح بالاستيراد هيموت الصناعة إلا بنكبر فيها بقلنا سنين".
وأضاف فى تصريحاته، لـ " مصر العربية" أن مجلس الوزراء يخالف اتجاهات الدولة المصرية بتقليل الاستيراد وتشجيع المنتج المحلي ، مطالبًا الرئيس السيسي بالتدخل لحل اﻷزمة الحالية التى تعرض العديد من المنتج للإفلاس.
2 مليون عامل معرض للتشريد
مربو الدواجن فى السوق المصري، اعتبروا أن إعفاء مجلس الوزراء مستوردى الدواجن من الرسوم الجمركية سيؤدى لخراب بيوت 2 مليون عامل فى صناعة الدواجن، لافتين إلى أنّ القرار سيخرج 50% من المربين ما يؤدي لتراجع الإنتاج اليومي لـ 850 ألف طائر يوميًا.
تأثير رفع الجمارك على الأسعار
واستبعد عاملون بقطاع الدواجن، انخفاض الأسعار خلال الفترة الراهنة بعد إعفاء مجلس الوزراء الدواجن المستوردة من الجمارك، مرجعين ذلك لارتفاع أسعار الأعلاف داخل السوق المحلي بعد تعويم الجنيه وتخارج المربين .
وقال أحمد صقر رئيس غرفة الصناعات الغذائية بالإسكندرية، إن إعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك سيزيد التنافسية في السوق المحلي، ولكن لن يخفض الأسعار على المدى القريب، موضحا أن هناك رسوم اللجان الراقبية المقدرة بـ 1500 جنيه لم يتم الإعفاء منها .
وأضاف فى تصريحات لـ "مصر العربية" أن ثمن طن الدواجن المجمدة في السوق العالمي يتراوح بين 1500 إلى 1600 دولار وهو ما يعتبر مرتفعا بعد الشيء مقارنة بالفترة الماضية.
أقرأ أيضا| لهذه الأسباب.. أسعار الدواجن لن تنخفض بعد إعفاء المستورد من الجمارك
تحركات المنتجين
رفعت شعبة الدواجن بالاتحاد العام للغرف التجارية، مذكرة عاجلة إلى لجنة الزراعة بمجلس النواب لمنع القرار الصادرة من مجلس الوزراء الذين أكدوا أن القرار اتخذ دون علمهم ما جعلهم يقدمون لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال طلب لاستجواب للحكومة ووزير الزراعة على سماحهم بالقرارالصادر أول أمس برفع الرسوم الجمركية عن واردات المستوردين من الدواجن القادمة من السوق الخارجي .
وإلى وقتنا هذا لم يتضح حقيقية الأمر حول تقديم أحد النواب طلب إحاطة للحكومة لمعرفة أسباب القرار الذي سيؤدى لتشريد 2 مليون عامل وهلاك 45 مليار جنيه كاستثمارات مباشرة في قطاع تربية الدواجن وإغلاق أكثر من 50 الف مزرعة .