خبراء عن الإصلاح الجريء: حبر على ورق .. والدول لا تدار بالشعارات

شعار الإصلاح الجريء

في محاولة للترويج لسياسات الحكومة الاقتصادية مؤخرًا، التي بدأتها بإقرار القيمة المضافة ثم تحرير سعر الصرف بتعويم الجنيه وتبعتها مباشرة برفع الدعم عن الوقود جزئيًا، انتشرت في الفترة الماضية وبشكل مكثف الحملات الإعلانية، التي تدعم البرنامج الاقتصادي وتدعو لتأييده.  

وجاءت الحملات الإعلانية تحت عنوان ثابت "بالإصلاح الجريء نقصر الطريق"، وتحمل عددًا من الشعارات البراقة مثل؛ "ثقتنا في قدرتنا نغير حياتنا"، "نقدر قوي نقوي عملتنا نظبط فاتورتنا" و"نقدر قوي نزود صادرتنا ونكبر مواردنا".

 

ومع هذا، يبقى الحديث عن الاصلاح الاقتصادي لدى المواطن لا يزيد عن كونه مجرد كلمات رنانة، ربما تنتبه إليها عيناه أو تنجذب لها أذنه، لكنه يظل بعيدة كليًا عن الواقع، الذي تضاعفت فيه كافة أسعار السلع والمنتجات.

 

كما لحقت الأزمات بالعديد من القطاعات، كأحد تبعات الإصلاح المزعوم، فنجد أن هناك عددًا كبيرًا من شركات المقاولات، هددت بوقف تنفيذ الأعمال والمشروعات القومية والاستراتيجية، بعد زيادة أسعار الحديد ومواد البناء، بسبب فروق الأسعار للمواد الخام.

 

ويعاني حاليًا، مستوردو السلع الأساسية مثل القمح والأدوية، من خسائر فادحة وصلت لنحو مليار دولار، لحقت بهم بعد تعويم الجنيه، وذلك بسبب فتحهم لخطوط ائتمان أثناء ربط الجنيه بالدولار ولم يقوموا بتسويتها، إضافة إلى أثر ارتفاع الدولار الجمركى.

 

وتفاقمت أزمة نقص الأدوية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد تحرير صرف الجنيه، حيث تسبب ارتفاع سعر الدولار، في أزمة لدى شركات الاستيراد التي طالبت وزارة الصحة، بتسعيرة جديدة للدواء، تتماشي مع تداعيات القرار، وعليها ارتفعت أسعار الدواء بشكل مضاعف.

 

وأشعل قرار الحكومة بإعفاء كميات الدواجن المجمدة التى ستستورد أو تم استيرادها خلال الفترة من 10 نوفمبر 2016 وحتى 31 مايو 2017 من الضرائب الجمركية، لخفض أسعارها، نار الغضب لدى أصحاب الصناعة المحلية، باعتبارها تهديد للإنتاج المحلي ودعم للأجنبي.

 

وكأحد تبعات تعويم الجنيه، فإن الحكومة تعتزم التخلص جزئيًا من بعض الشركات والبنوك المملوكة للدولة عبر الطرح العام، لعبور مصر أزمتها الاقتصادية الراهنة، وهو ما سيثقل كاهل المواطن العادي، الذي ينتفع بمثل هذه الخدمات والمرافق.

 

وتسببت تلك القرارات في ارتفاع تكاليف الطباعة بنسبة 80% بداية من ديسمبر المقبل، وهو الأمر الذي يضر بالصحف الورقية ويهددها، لارتباط مستلزمات الطباعة المستوردة بسعر الدولار.

 

"مصر العربية" ترصد آراء الخبراء حول هل حققت الحكومة بسياساتها الأخيرة الاصلاح الاقتصادي، خلال هذا التقرير:

 

الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أكد أن إدارة الدول لا تتم من خلال الشعارات ولا التصريحات، ولكن من خلال التشريعات والآليات والعمل على أرض الواقع، موضحًا أن السياسات الاقتصادية التي أقبلت عليها الحكومة مؤخرًا، ليست إصلاحًا كما يتردد، بقدر ما هو استجابة وتنفيذ لشروط صندوق النقد الدولي.

 

وأكد خزيم، في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن الحكومة الحالية أدمنت الاقتراض الداخلي والخارجي، ولن تؤدي سياساتها الحالية إلى مردود حقيقي وإيجابي على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى تبعات قرارتها بالارتفاع الدائم في الدين العام وعجز الموازنة العامة للدولة.

 

وشدد خزيم على أن الإصلاح الحقيقي والجريء، ليس شعارًا بقدر ما هو آليات على الأرض نحو التنمية، وكان من المفترض أن تقدم الحكومة الحالية والمجموعة الاقتصادية، هذه الآليات للبرلمان الحالي لمناقشتها، مضيفًا: ولكن النواب أعطوها شيكًا على بياض، وهذا نتيجته.

 

ورأى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة فشلت حتى الآن في تحقيق شعاراتها الإصلاحية، موضحًا أنها اتخذت قرارات غير مدروسة بتعويم الجنيه، نعيش توابعها في الوقت الحالي، بالاختفاء الكامل في السلع .

 

وتابع في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن الخسائر الناتجة عن تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم جزئيًا عن الوقود، أكبر من فوائده، ومن المتوقع أن يحدث زيادة في الدين الداخلي بنحو 400 مليار جنيه، وربما تصل الخسائر الاجمالية للدولة إلى تريليون جنيه بنهاية العام. 

 

وأوضح النحاس، أن الحكومة لعبت بقراراتها الأخيرة بـ"كرة" من اللهب، والمشكلة أن ما نشهده الآن هو من تبعات هو بداية الكارثة وليس منتهاها، متابعًا:"والكرة مسكت فيها وفي الشعب، احنا داخلين على نفق مظلم".

 

وقال إنه لا يمكنه اعتبار سياسات الحكومة الأخيرة اجراءات اصلاحية في ظل اضرارها الحالية والمتعددة، بينما تشير سياساتها بأن هناك عجز في السيولة المتوفرة لديها، وبالتالي لجأت إلى تعويم الجنيه، لطباعة أموال جديدة.

مقالات متعلقة