"تتبع مصر توجها جديدا تجاه نظام حماس بغزة في محاولة لجلب الهدوء الأمني على طول الحدود مع القطاع وشمال سيناء. تؤكد مصر لرئيس السلطة الفلسطينية أنها عادت لتلعب دورا فاعلا على الساحة الفلسطينية".
هذا ما ذهب إليه المحلل الإسرائيلي للشئون العربية "يوني بن مناحيم" في مقال نشره موقع "نيوز 1” اعتبر فيه أن النظام المصري قرر أخيرا تغيير سياسيته تجاه حركة حماس بقطاع غزة بشكل يسمح بإقامة علاقات اقتصادية معها ويقود لهدوء الأوضاع الأمنية بشمال سيناء.
وقال "بن مناحيم" إن الإشارة الأولى على هذا التوجه الجديد يمكن تلمسها خلال الأسابيع الأخيرة عبر تقليل الهجوم على قطاع غزة وحركة حماس في وسائل الإعلام المصرية التي اعتادت توجيه انتقادات لاذعة للحركة.
وتابع :”إشارة أخرى كانت في قرار محكمة النقض المصرية قبل عشرة أيام بإلغاء حكم الإعدام بحق الرئيس المصري السابق محمد مرسي الذي أدين بالتجسس لصالح حماس ضد مصر".
ولفت إلى أن محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح كان له – بحسب وسائل إعلام مصرية وفلسطينية- أثرا كبيرا في تغير التوجه المصري تجاه القطاع، إضافة لرغبة القاهرة في أن تبدي للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) غضبها لرفضه طلب "الرباعية العربية" (مصر والأردن والسعودية والإمارات) التصالح مع دحلان. واستطرد قائلا "لكن يبدو أن الحديث يدور عن عملية أكثر عمقا تبلورت داخل منظومة صنع القرار المصري".
كان موقع "الرسالة" المقرب من حماس، نشر في 28 نوفمبر أن مدير المخابرات المصرية خالد فوزي قرر تبني سياسة رئيس المخابرات السابق عمر سليمان التي تعرف بـ"سياسة الاحتواء" تجاه قطاع غزة وليس السياسة الهجومية التي تبنتها مصر ضد القطاع وحماس منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، على خلفية ما أثير عن تورط الحركة في دعم جماعات جهادية مسلحة بسيناء.
ويقضي التوجه الجديد- بحسب “ بن مناحيم”، بإجراء محاولات لتهدئة الأوضاع بشمال سيناء من خلال تحسين العلاقات بين مصر وقطاع غزة، مشيرا إلى أن “مئات المواطنين الذين اشتغلوا في التهريب وبناء الأنفاق بشمال سيناء انضموا لصفوف تنظيم “ولاية سيناء” الموالي لداعش، كرد فعل لعمليات الجيش المصري ضد الأنفاق على الحدود مع القطاع.
"الآن تريد مصر إقامة علاقات اقتصادية جديدة مع غزة في محاولة لتحسين الوضع الاقتصادي في القطاع وسيناء على أمل أن يؤدي ذلك لهدوء أمني”. أكد "بن مناحيم".
وفقا لمصادر في حركة حماس زار وفد مصري رفيع المستوى القطاع قبل أيام للوقوف على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والتقى ممثلي الفصائل الفلسطينية المختلفة. ونقلت مصادر صحفية عن مسئول كبير بالخارجية المصرية أن القاهرة بلورت توجها جديدا وإيجابيا للاهتمام بمشاكل قطاع غزة.
الخطوة الأولى، التي بدأت تتحقق على أرض الواقع، جاءت عبر دعوة وفد فلسطيني من القطاع لزيارة مصر. ومن هذا المنطلق شهدت مدينة عين السخنة المصرية خلال الأسابيع الماضية عدد من اللقاءات الأكاديمية والاقتصادية مع وفود جاءت من غزة.
وفي الأسبوع الماضي انطلق وفد إعلامي فلسطيني من القطاع للمشاركة في ندوة بمصر.
وتابع “بن مناحيم”:المرحلة الثانية من الخطة المصرية الجديدة ستكون إجراء لقاءات سياسية في القاهرة مع ممثلي الفصائل الفلسطينية المختلفة. وقبل أسبوعين زار مصر وفد من حركة الجهاد الإسلامي بقيادة الأمين العام عبد الله رمضان شلح للتمهيد لتلك اللقاءات”.
واعتبر أن مصر مهتمة باستعادة دورها التقليدي في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية لتحقيق مصالحة وطنية، وسحب هذا الملف من دولة قطر وذلك في أعقاب توتر العلاقات المصرية مع محمود عباس. ووفقا لمصادر مقربة من حماس، سيزور وفد من حماس القاهرة قريبا للقاء مدير المخابرات المصرية.
وذهب الكاتب الإسرائيلي إلى أن مصر تعتزم اتخاد سلسلة من الخطوات للتخفيف عن سكان القطاع، كفتح معبر رفح بشكل دائم عدة أيام شهريا، وزيادة تزويد القطاع بالكهرباء، وتوسيع معبر رفح وإقامة فندق على الجانب المصري من المعبر، وكذلك منطقة تجارة حرة في رفح المصرية.
وقال أسامة كحيل، رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينين الذي زار القاهرة مؤخرا ضمن وفد رجال أعمال إنه سيجرى في القريب التوقيع على اتفاقات اقتصادية جديدة بين مصر ورجال أعمال من القطاع.
المحلل الإسرائيلي “بن مناحيم” خلص إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي جرب حتى الآن النهج العدواني تجاه حركة حماس، بدا أخيرا مستعدا لمحاولة تجريب نهج آخر اتبعته المخابرات المصرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
وختم بالقول:”على ما يبدو تريد مصر العودة للعب دور فاعل على الساحة الفلسطينية، وفي ضوء توتر العلاقات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فإنها تحاول التقرب مجددا من حركة حماس من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية بقطاع غزة والعودة لدور المنسق بين الفصائل الفلسطينية.
الخبر من المصدر..