حوار|عبد المنعم سعيد: الشعب تكّيف مع ارتفاع الأسعار.. وعنده عقدة من الثورات

الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
الإجراءات الاقتصادية تأخرت كثيرا.. والدعم طاقة سلبية

 

الوضع الاقتصادي كان أفضل في عهد مبارك قبل ثورة يناير

 

الناصريون لا يجيدون إلا الشعارات.. وأنا لو من اليسار اتكسف من نفسي

 

الدعم لم يكن يوما حلا للفقر.. والأغنياء أكثر المستفيدين منه

 

توزيع الثروة في مصر أفضل من أمريكا والبرازيل

 

الشعب اتعقد من الثورات لأنها تعود عليه بالسلب

 

الحكم على البرلمان الحالي نوع من التعسف 

 

ترامب يُعادي المسلمين بشكل عام.. والمساعدات ستقل بعهده

 

ترامب لا يهتم بحقوق الإنسان والحريات ويُحب السيسي

 

تركيا دولة هامة ويجب تجنب الصدام معها.. وقطر تبحث عن دور  

قال الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابق والخبير السياسي، إن الدعم لم يكن يوماً حلاً لمشكلة الفقر بمصر؛ لأن الجميع يستفيد منه وأحياناً يكون الأغنياء أكثر استفادة، مرحبا بقرارات الحكومة الاقتصادية الأخيرة.

 

وأضاف سعيد، في حواره لـ" مصر العربية"، أن ارتفاع الأسعار لن يدفع الشعب المصري للاحتجاج، متطرقا إلى العلاقات المصرية مع السعودية وقطر وتركيا، ومستقبل العلاقة مع أمريكا بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة.

 

وفيما يلي نص الحوار :

 

كيف ترى الإجراءات الاقتصادية وما تبعها من زيادة في الأسعار؟  

تحرير سعر الصرف خطوة صحيحة جدا تأخرت كثيراً، وكنت أطالب بها منذ عشرات السنين؛ لأنه ليس منطقي وجود سعرين للصرف، أما فيما يتعلق بالدعم فأرى أنه بمثابة طاقة سلبية للاقتصاد، ولم يكن يوماً حلاً لمشكلة الفقر، وعلينا إيجاد طريقة كما هو حاصل في اقتصاديات السوق العالمي.

 

هل يعني هذا أن الفترة المقبلة ستشهد تطورا اقتصاديا؟  

نحن بدأنا وهذا جيد، ولكن النتائج متوقفة على تحول هذه الإجراءات من مجرد تقارير للتنفيذ بشكل جاد ويوضع لها جدول زمني محدد، وكذلك التخلص من عمليات البيروقراطية المعقدة في نظم الضرائب وطرق التمويل، وغيرها من العقبات التى تحجم الاستثمارات، إضافة اتفعيل الحكومة قطاعات الاقتصاد المصري الضخم المعطل حتى يتثنى لها تحقيق الإصلاح المنشود.

 

نفهم من حديثك أنك مع إلغاء الدعم؟  

الدعم لم يكن يوماً حلاً لمشكلة الفقر بمصر؛ لأن الجميع يستفيد منه وأحياناً يكون الأغنياء أكثر استفادة منه مثلما يحدث في قطاع الطاقة، فأصحاب الدخول المرتفعة الأكثر استخداماً للكهرباء المدعمة وسياراتهم هى التي تستهلك الوقود المدعم، والأفضل هو تحديد الفقراء وإعطائهم أموال وهم أحرار في أوجه إنفاقها؛ و80% من الموازنة تقريبا موزعة على الفقراء ومع ذلك لا تصل لهم.

 

وما هى البدائل لتطبيق برنامج حماية اجتماعية؟  

برامج التنمية في العالم أجمع تسعى لإخراج الناس من مظلة الفقر، وليس إدراجهم تحتها، ويمكن استعارة أي برنامج من دول لها تجارب مماثلة، وأرحب بالدعم النقدي للمستحقين.

 

وكيف ترى وصف اليسار للقرارات بأنها في صالح الأغنياء؟  

" أنا لو مكان الناس دي انكسف من نفسي"، قيادات اليسار لم يطرحوا أبداً طوال السنين الماضية أفكاراً تحارب الفقر، وأؤكد أنه لا يوجد ناصري في مصر يعرف كيف توزع الأموال بالموازنة العامة، فهم يريدون زيادة عدد الفقراء بالأخذ من أموال الأغنياء.

 

كما أن فلسفتهم قائمة على المساواة في الفقر وزيادة حجم الفقراء أو ما يمكن تسميته بإدارة الفقر فمنذ ثورة 1952 ونحن نسير في هذا الطريق، حتى عندما حدث تطور في التسعينيات وبداية الألفية تم صرف جزء كبير من الثروة القومية في هذه المصارف غير المجدية ولم ينظر أحدا من رافضي القرارات لعملية توزيع الثروة المعقولة جدا في مصر.

 

 

قلت إن عملية توزيع الثروة في مصر معقولة، كيف ذلك؟  

لو قارنا توزيع الدخل في دول كثيرة، سنجد أن توزيع الثروة في مصر أفضل من الهند والصين وأمريكا وروسيا والبرازيل وتركيا، كما أننا لسنا ضمن الدول الأكثر سواءً في توزيع الثروة.

 

تفسيرك لعدم تجاوب الشارع مع دعوات الاحتجاج وآخرها 11/11؟  

المصريون تكيفوا مع الارتفاع الجنوني للأسعار، ويدركون أن دعوات الاحتجاج يقف خلفها الإخوان ويرفضون عودتهم؛ باعتبار الجماعة عصابة كبيرة، وتنظيم سري يسعى لتغيير هوية البلد.

والشعب بات لديه عقدة من الهبات الشعبية والثورات؛ لأنها كلما تحدث تعود عليه بالسلب، وتزداد الأوضاع سواءً، وهو حالياً يقيم ما حدث قبل 25 يناير 2011، وما بعدها، فالبلد من ناحية الاقتصاد كانت في وضع أفضل من الوقت الحالي.

 

 

هل أداء البرلمان مناسب للطموحات عقب  30 يوينو 2013؟  

مصر عاشت 60 عاما بدون برلمان منتخب بشكل حقيقي، لكن الموجود حاليا يعبر عن الشارع فلم يشكك أحد في عملية الانتخابات باعتبارها مزورة، أما من يريدون برلماناً مفصلاً فيقولون لنا كيف نصنعه بطرق ديمقراطية، وبرأيي أي حكم على البرلمان نوع من التعسف، كما أنه يأخذ مواقف لا بأس بها.

 

لماذا قامت ثورة يناير رغم حديثك عن التطور الاقتصادي؟  

نعم كان هناك نمو اقتصادي في نهاية عهد مبارك، فكل قادة 25 يناير لم يكونوا فقراء، والجميع تقريبا كانوا يعملون، لكنهم خرجوا رفضاً للممارسات الأمنية ورفض وجود مبارك على رأس السلطة لأكثر من 30 سنة وسيطرة نخبة من كبار السن على مقاليد الحكم وغيرها، فالثورة في الأساس كانت على السياسة والأمن، فالشباب ساخط لاعتقال الناس وضربهم في الأقسام بطرق وحشية.

 

لكن من ضمن مطالب الثورة الـ "عيش"؟  

كان مجرد شعار، فالثورة لم يكن هدفها إنقاذ الفقراء وتنمية المجتمع، فلم يشتمل أي برنامج ثوري طرحه المشاركون على طرق لمكافحة البطالة أو الفقر، كلها كانت مطالب خاصة بحرية التعبير وحقوق الإنسان وجاءت بعدها مطالب العدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي.

 

كيف ترى أوضاع الصحافة وكثرة الفصل التعسفي؟  

هناك كثرة في المؤسسات الإعلامية حدثت عقب 25 يناير، وأرى أن إحدى الطرق الهامة للتغلب على الأزمات التي تواجهها وأغلبها مادي هو اندماج كل مجموعة في كيان واحد، وما يحدث حالياً الصُحف مُجبرة عليه؛ لضعف الموارد وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.

 

وماذا عن الصحف القومية؟  

يجب خصخصتها فوراً، فليس هناك صحف قومية بأي دولة في العالم، وحاولت إنشاء شركة قابضة تمهيدا لطرحها في البورصة خلال تواجدي بالأهرام، فالصحافة كلها مرتبطة بالصحافة المطبوعة ومستقبلها سىء؛ لأن توزيع الصحف منهار، ويجب علينا امتلاك الشجاعة وإعلان أرقام التوزيع الحقيقية.

 

كيف قرأت نتائج الانتخابات الأمريكية وتأثيراتها على الشرق الأوسط؟  

دونالد ترامب كأي رئيس أمريكي لديه موضوعات مريحة بالنسبة لغالبية الأنظمة العربية كاستعداده لإنهاء قضية داعش، وسيطرتها على بعض الأراضي، وكذلك رفضه للاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما يجعله أفضل من أوباما.

 

ما هو الجانب المقلق من ترامب؟  

الجانب المقلق هو عدائه للمسلمين بشكل عام، ولديه خلط شديد بين الراديكالية والإسلام والإرهاب، ويضع كل الدول العرب في حزمة شريرة بالنسبة للعالم الغربي، كما أن الرجل يريد الحصول على مدفوعات نقدية من الدول تريد الحماية من إيران أو روسيا، وهذا ليس متوقفاً على السعودية التى يحددها بالاسم، أو حتى ضمناً الخليج، لكن يتعدى لألمانيا واليابان وغيرها.

 

 

 

ما تأثير فوز ترامب على العلاقات المصرية الأمريكية؟

 

أي دولة تنتخب رئيسها لا يؤثر ذلك على الدول الأخرى بشكل مباشر، إلا في المصالح المتبادلة، وأعتقد أن مصر لديها من المصالح والقوة ما يجعل ترامب يتمسك ببناء علاقات قوية معها.

 

هل تقصد أنه لا يمكن الحكم بأن ترامب حليفا للسيسي؟  

أتصور أننا بدأنا بداية موفقة في العلاقة بين الرئيسين، لكن هذه ليست دليلا على قوة العلاقات، فإذا كانت القيادة المصرية ترغب في التقرب منه لزيادة حجم المساعدات، لا أعتقد أنه سيكون حليفا جيدا وقتها، لأنه يرى أن العالم الخارجي يستغل أمريكا، ولابد من أن يدفع لها نظير ما تقدمه له؛ لذلك أتصور أن المساعدات الخارجية التي تقدمها للعالم ستقل.

 

وهناك جزء مهم للحكومة المصرية في فوز ترامب هو أنه ليس مشغولا بقضايا حقوق الإنسان والحريات وهو يُحب السيسي لأنه يراه رجلاً قوياً ويرغب في بناء تحالف لمواجهة الإرهاب، لكن حتى الآن لم نعرف ماذا يريد بمكافحة الإرهاب وهل سيطلب من مصر المشاركة بقوات مسلحة خارج أراضيها، أوأنه يقصد مواجهة الأفكار الدينية وتجديدها.

 

وما أسباب توتر العلاقات المصرية السعودية؟  

اختلاف في الرؤية حول الأزمة السورية، وبدأت بالأمم المتحدة عندما صوتت مصر لصالح القرار الروسي، مما أغضب السعودية، وهذه الأزمة تتميز بغياب النضج الفكري عنها، اضافة لدور السوشيال ميديا في إشعال الأزمة بترويج بعض الأمور وتضخيمها.

 

 

ماذا عن العلاقات مع تركيا وقطر؟  

 بالنسبة لقطر فهى دولة صغيرة تستخدم المال في محاولة إيجاد مكان لها على الساحة الدولية، وانشغالنا بما تقوم به إعطاء للأمور أكثر مما تستحق، أما تركيا فهى دولة إقليمية كبيرة، وكلما تجنبنا الصدام معها كان ذلك أفضل؛ لأن ذلك جزء من استعادة الاستقرار في المنطقة، بعد زلازل 2010 و2011، فالسعودية وتركيا دولتان مهمتان حتى وإن اختلفنا معهما.

 

مقالات متعلقة