انتقل النوبيون إلى مركز كوم أمبو وتم تسكينهم في منطقة مساحتها 50 كيلو مترًا بمحيط بحيرة ناصر، بعد ما كانت 350 كيلو مترًا، نتيجة تهجيرهم من منطقة الشرق بأسوان مع التفكير في بناء الخزان عام 1898، ثم حدثت تعليات للخزان في أعوام 1902 و1912 و 1933، وبحلول 1964 أصبحت المنطقة المحيطة بالبحيرة خالية من النوبيين بعد بناء السد العالي.
استمرت معاناة أهالي النوبة لأكثر من قرن وتوارثتها الأجيال، ثم بدأ الاعتراض على التهجير يلوح في الأفق من خلال تنظيمهم لوقفات واعتصامات للمطالبة بحقهم في العودة إلى محيط البحيرة، ولكنها في أول الأمر لم تظهر الاحتجاجات على فترات متتالية نظرًا للحروب والأزمات التي مرت بها البلاد خلال هذه الفترة.
البداية
جاءت صحوة النوبيون، في يوم السبت الموافق 19 نوفمبر، من خلال تنظيم مجموعة من النشطاء النوبيين قافلة لبدء اعتصام مفتوح في قرية فورقند بتوشكى في أسوان، رفضًا لضم قريتهم ضمن مشروع "المليون ونصف فدان" التابع لشركة الريف المصري، ضمن مشروعات الرئيس السيسي القومية.
ترصد "مصر العربية" في السطور القادمة القصة الكاملة لاعتصام أهالي النوبة حتى تعليق الاعتصام لمدة شهر.
السبت 19 نوفمبر 2016
أطلق النوبيون حملة "قافلة العودة النوبية" للتعبير عن اعتراضهم على قرارات الدولة بشأن مشروع المليون ونصف فدان التابع لشركة الريف المصري، الذي يتضمن بيع أراضي من بينها "توشكى"، مؤكدين أحقية أبناء النوبة في تملك منطقة توشكى حيث أنها أراضيهم الأصلية.
وأعلن العشرات من أهالي النوبة، في السابعة صباحًا، تحرك "قافلة العودة النوبية" و دخولها إلى أول كمين شرطة بطريق أسوان - أبوسمبل، رفضًا لضم قريتهم ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان، وخلال مسيرتهم تم إيقاف جميع سيارات القافلة وسحب الرخص من السائقين والبطاقات الشخصية للمشاركين و تصويرها بـ"الموبايل".
ومنعت قوات الأمن القافلة، وقللت من تحركات المشاركين، دون إبداء أي أسباب، وبعد ذلك تبادل رجال الأمن المكالمات الهاتفية، إلا أنهم قرروا منع زحف الأهالي نهائيًا، قائلين: "لدينا أوامر عليا بعدم عبوركم طريق أسوان أبوسمبل".
كانت الأخبار المتداولة هناك خلال المشاحنات التي استمرت حتى الحادية عشر مساءً، تفيد بأن مجموعة من النوبيين عبروا عن غضبهم، عقب منعهم للوصول إلى قرية فورقند بتوشكى في أسوان، بقطعهم لخط السكة الحديد أمام مزلقان بلانة بمركز نصر النوبة، والطريق الزراعى "مصر- أسوان".
وتسبب قطع السكة الحديد فى توقف القطار رقم 980، أسوان – القاهرة، بمحطة بلانة وتأخر مواعيد القطارات لمدة 40 دقيقة.
وانتهى اليوم الأول للاعتصام، بقطع طرق "أبوسمبل الدولى والسادات بمدينة أسوان والطريق الزراعى بقرية بلانة". ، أمام مزلقان بلانة بمركز نصر النوبة، والطريق الزراعى "مصر- أسوان"، رفضًا لعدم مرورهم إضافة إلى منع المآكل والمشرب عن المعتصمين من شباب النوبة.
أهالي النوبة دون أكل وشرب
النائب ياسين عبد الصبور، ممثل النوبة في مجلس النواب، قال إن أهالي النوبة لم يدخلوا في اعتصام، ولكن رجال الشرطة قاموا بتوقيفهم أثناء توجههم في رحلة إلى توشكى.
وفي تصريحات يوم الاثنين، أكد أن "الناس قاعدة بقالها 52 ساعة بدون أكل ولا مياه في الصحراء"، بداية من الساعة السابعة صباح السبت، كما أن الداخلية رافضة وصول أي مساعدات خارجية لأهالي النوبة".
وأشار إلى أن هذه الرحلة "كان معد لها يوم 11/11 ولكن مدير أمن أسوان طلب تأجيلها ليوم 19 نوفمبر، وعلشان أهالي النوبة أخلاقهم عالية وافقنا"، مضيفًا "ما يحدث لنا هو اضطهاد علني، ولن نرضخ لأي مفاوضات سوى الحصول على حقنا في توشكى"، على حد قوله.
سلوى فؤاد، مدير المكتب التنفيذي لتعمير النوبة، نفت ما تردد في وسائل الإعلام المختلفة بأن أهالي النوبة قاموا بقطع السكة الحديد، وقالت: "احنا في الكيلو 46 بعد مطار أسوان بالقرب من طريق أبو سمبل السياحي، ولا يوجد سكة حديد قريبة نهائيًا".
اللواء محمد يوسف، مساعد وزير الداخلية، ومدير إدارة شرطة النقل والمواصلات، أعلن صباح الاثنين، في ثالث أيام الاعتصام، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إعادة فتح السكة الحديد بخط أسوان بعد أن قطعها مجموعة من الأهالي وأدى ذلك لتوقف حركة القطارات (أسوان – القاهرة) بمحطة بلانة".
وقال اللواء مجدي موسى، مدير أمن أسوان، إنه لا صحة لما يردده البعض بأن هناك مجموعة من أهالي النوبة "معتصمون"، ولكنهم فقط معترضون على القرارات الصادرة مؤخرًا بشأن بيع أراضي بالمغرة والفرافر وغرب المنيا وتوشكى.
رد الدولة ممثلًا في شركة الريف المصري
"إحنا مش هناكل حق حد وكله بالوثائق الرسمية"، هكذا قال عاطر حنورة، رئيس شركة الريف المصري المسؤولة عن توزيع المليون ونصف المليون فدان، مؤكدًا أن موقف الشركة واضح، وإذا كان للنوبيين حقوق سيأخذونها بالقانون أو بتقديم المستندات التي تثبت ملكيتهم لتلك الأراضي، وسيتم حل تلك الأزمة خلال 24 ساعة فقط.
وأوضح أنه دائم التواصل مع ياسين عبد الصبور، ممثل النوبة في مجلس النواب، منذ أكثر من أسبوعين، ولم يأت بأي مستندات لإثبات حقهم بالأراضي، لافتًا إلى أن الرئيس الراحل أنور السادات وعدهم شفهيًا بملكية هذه الأراضي، وهذا غير قانوني.
وقال حنورة، إن منطقة خور قندي "فورقند"، لم تكن من ضمن المليون ونصف فدان التابعين لشركة الريف المصري، متابعًا "إذا كان لديهم حقوق لن تذهب إلى غيرهم، وسيكون لهم الحق الأول والأخير في شراء تلك الأراضي".
من جانبه، طالب اللواء مجدي حجازي، محافظ أسوان، النائب ياسين عبد الصبور، في خطاب رسمي وجه له ثاني أيام الاعتصام، بسرعة تسليم الوثائق والمستندات المطلوبة لإثبات إن منطقة خور قندي، تابعة للنوبيين.
خطاب الرئيس السيسي الموجه لأهالي النوبة
وجاء نص الخطاب، "فى إطار تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية بإعطاء أولوية لأبناء النوبة فى أراضى توشكى المخصصة لشركة الريف المصرى، وعلى ضوء الاتفاق الشفوى مع رئيس مجلس إدارة شركة الريف المصرى، يرجى موافاتنا بالوثيقة الرسمية التى توضح إحداثيات منطقة خور قندى، وبعد موافاتنا بهذه الوثيقة فإن المحافظة ستقوم بإرسالها إلى شركة الريف المصرى لدراسة موقع هذه المنطقة مقارنة بأراضى الشركة فى توشكى".
واستكمل الخطاب:" أنه تم الاتفاق أيضًا مع رئيس مجلس إدارة الشركة على أنه فى حال وقوع منطقة "خور قندى" بالكامل، أو جزء منها، داخل أراضى الشركة فى توشكى، فسيتم إعطاء أولوية مطلقة لأهل النوبة فيها، وفى حالة وقوعها أو جزء منها خارج أراضى الشركة، فسيتم تحديد جهة الولاية على هذه الأرض ومعها نفس الأولوية، واختتم الخطاب بسرعة موافاة المحافظ بالوثائق والإحداثيات المطلوبة لسرعة اتخاذ اللازم".
مفاوضات قديمة
محمد عزمي رئيس الاتحاد النوبي العام بأسوان وأحد المتحدثين باسم "قافلة العودة"، قال إن رجال الأمن بأسوان منعوا في الخامس من نوفمبر، مسيرة قافلة العودة إلى أرض "توشكي- فورقندي"، النوبية، لعدم وجود تصريحات رئاسة الجمهورية بأولوية النوبيين في تملك أراضي المشروع.
مطالب استكمال الاعتصام وتحرك القافلة
أوضح أنه بعد التشاور مع ممثلي القرى النوبية ومراجعة أحكام المواد (47،48،50،236) من الدستور المصري فقد تم الاتفاق على مطالبة مؤسسة الرئاسة بالرفض القاطع بضم منطقة (فورقندي النوبية) إلى مشروع المليون ونصف فدان التابع لشركة الريف المصري ونطالب برفع المنطقة من كراسات الشروط المطروحة، إضافة إلى إعطاء الأولوية في تملك باقي أراضي المشروع بمنطقة توشكي لشباب الخريجين من أبناء محافظة أسوان.
المطلب الثاني هو تعديل القرار 444 لسنة 2014 المخالف للنصوص الدستورية بما يضمن إعادة توطين أبناء القرى النوبية محل هذا القرار بأماكن قراهم الأصلية مع سرعة ترسيم حدود القرى النوبية محل النص الدستوري، بالإضافة إلى مطالبة مجلس النواب بسرعة تفعيل نص المادة 236 من الدستور بإقرار قانون هيئة توطين وإعمار النوبة بعد الدعوة لحوار مجتمعي مع أبناء النوبة عن طريق لجان شعبية وفنية تشارك في كل مراحل العودة،
وأخيرًا نرفض بشكل تام الدخول في أي مفاوضات تخص هذه المطالب بما ينتقص من الحق النوبي الدستوري".
استمرار الاعتصام
واصل المئات من أبناء النوبة، اعتصامهم على طريق "أسوان- أبو سمبل"، بالكيلو 40 جنوب محافظة أسوان، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء وهو اليوم الرابع للاعتصام.
وقضى المعتصمون، ليلتهم على طريق الأسفلت وداخل بعض الخيام التي نصبوها على الطريق، بعد أن اعترض رجال الأمن بأسوان "قافلة العودة النوبية" التي انطلقت السبت، حاملين لافتات "النوبة ليست للبيع" و"لا لقرار 444 وتفعيل الدستور 236"، وذلك اعتراضًا منهم على طرح الدولة لـ110 آلاف فدان للاستثمار ضمن مشروع 1.5 مليون فدان التابع لشركة الريف المصري.
وقفات واعتصامات
قال منير بشير رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية النوبية للمحامين، إنَّ النوبيين بدأوا في المطالبة بحقوقهم منذ الثلاثينيات بالتوجه إلى مجلس النواب والنزول إلى الشارع في احتجاجات.
وأضاف - لـ"مصر العربية": "جاءت ثورة 25 يناير ليزداد الحراك النوبي في الشارع المصري بخروج ائتلافات وكيانات شبابية، حيث نظم شباب النوبيين اعتصامًا في أسوان استمر لمدة 9 أيام، للمطالبة بانشاء هيئة عليا تعمل على إعادة توطين النوبيين على ضفاف بحيرة ناصر".
تكرار المآساة بمشروع المليون ونصف فدان
أعلنت شركة الريف المصري المسؤولة عن مشروع المليون ونصف المليون فدان، طرح أراضي المشروع بعدة مناطق كان من ضمنها توشكى، مما أثار غضب الأهالي لعدم وجود بند واضح في كراسة الشروط يؤكد أحقية أهالي النوبة لتلك الأراضي.
اجتماع الرئيس
وفي أول أيام الاعتصام، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعًا، ضم وزراء الإسكان، والزراعة، والري، إضافة إلى رؤساء هيئة قناة السويس، وهيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فضلاً عن مستشار رئاسة الجمهورية للتخطيط العمرانى، ورئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، ومدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ورئيس شركة الريف المصري.
وقال السفير علاء يوسف، الناطق باسم رئاسة الجمهورية إنَّ الاجتماع تناول الموقف التنفيذي لمشروع المليون ونصف المليون فدان، حيث استعرض رئيس شركة الريف المصري عاطر حنورة، تطورات عملية حفر الآبار وتجهيز الأراضي وفتح باب الحجز وسحب كراسات الشروط، مشيرًا إلى تخصيص مساحات مناسبة من الأراضي للشباب.
ولفت إلى أن الرئيس وجه بمنح الأولوية لأهالي النوبة في تملك الأراضي التي تُطرح في إطار المشروع بمنطقة توشكى، وكذلك أهالي مطروح في الأراضي التي تطرح بمنطقة المغرة، ولأهالي سيناء بالأراضي التي تطرح في شمال وجنوب سيناء.
النوبيون يرفضون تصريحات الرئاسة
ودعا الناشط النوبي بشير منير، رئيس الجمعية المصرية النوبية للمحامين، أبناء النوبة بعدم الفرحة والانخداع بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حول منح الأولوية لأهالي النوبة في تملك أراضي توشكى بمشروع المليون ونصف المليون فدان، واصفًا إياها بـ الفخ.
وأوضح في تصريحاتٍ لـ "مصر العربية" أنَّ حقوقهم ليست الأولوية في شراء أرض بمشروع توشكى ولكنها قرى نوبية بأراضيها ومنازلها وخدماتها على ضفاف بحيرة ناصر، قائلاً: "حقوقنا مازالت معلقة بأعناق الحكومة، فمشروع توشكى ليس حلمنا ولا يُفعل الدستور".
وتساءل بشير: "كيف يكون لي الأولوية في شراء أرض وأنا صاحب ومالك لأرضٍ أخرى، فهل اشتري ملكي بكراسات شروطهم؟.
ووصف الناشط النوبي حمدي سليمان تصريحات الرئيس بـ"الفُتات والفرقعة الإعلامية"، قائلاً: "إعطاء الأولوية لنا في شراء الأراضي ما هي إلا فتات لتخديرنا وإخماد الأصوات العالية وغضب الشباب الذي يبحث عن حقه كاملاً".
وأوضح أنَّ مطلبهم هو قرار جمهوري بحق العودة وتملك أراضي نوبية، بدون مزايدات أو تجارة، مثلما كان القرار بالتهجير.
إشادة بتصريحات الرئيس
وصف فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، قرار الرئيس بمنح أراضي توشكى لأهل النوبة بـ"الصائب"، لافتًا إلى أنَّ الأراضي من حق الأهالي بمشروع المليون ونصف المليون فدان.
وأضاف لـ"مصر العربية" أنَّ كراسة شروط المليون ونصف المليون فدان لا تحتوي على هذا البند الخاص بتخصيص الأراضي لأهل المنطقة، مطالبًا بتغيير بنود كراسة الشروط ووضع الشرط الخاص بأولوية الأهالي للأراضي ضمن كراسة الشروط.
وقال الدكتور عبد الغني الجندي استشاري بمشروع المليون ونصف فدان إنَّ منطقة توشكى في مراحل المشروع الثلاثة لا تحتاج لأي مصدر مياه لاعتمادها على نهر النيل.
وأضاف لـ"مصر العربية" أنَّه سيتم تنفيذ 110 آلاف فدان في المرحلة الأولى من أراضي توشكى، والمساحة الكلية المستهدفة في توشكى هي 134 ألف فدان وسيتم زراعة 125 ألف فدان في جميع المراحل الثلاثة.
القرار 444
أصبحت مسودة مشروع قانون المادة 236 حبيسة الأدراج في حكومة المهندس إبرهيم محلب، ما دفع النوبيون لتنظيم وقفة في مايو 2015 للمطالبة بخروج القانون، إلا أنهم فوجئوا أن الجهات السيادية ترغب في تشريع قانون يعمل على هيمنة وزارة الدفاع على المنطقة بالكامل.
وصدر القرار 444 من الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي ينص على تحديد المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية لمصر التي تقع بها مناطق بلاد النوبة الأصلية على ضفتي البحيرة بطول 350 كيلو مترًا من جسم الخزان شمالاً حتى الحدود المصرية السودانية جنوبًا، وبموجب هذا القرار وضعت وزارة الدفاع يدها على أكثر من 100 كيلو متر من أراضي النوبة، وتمَّ تقسيمها ما بين مناطق ممنوعة ومحظورة، باعتبارها خاضعةً للأمن القومي الاستراتيجي لمصر.
تقديم الطعون رفضًا للقرار
قدم النوبيون طعنًا في مجلس الدولة بتاريخ 27 ديسمبر 2014 على القرار، اعتراضًا على خروجه بدون قواعد منظمة توضح الأماكن المسموحة والمحظورة، وطلبوا تصريحًا من المحكمة للذهاب إلى المطابع الأميرية ومعرفة ما إذا كان القرار مرتبط بقواعد أم لا، لأن عدم وجودها يعتبر بمثابة إلغاء للقرار.
وأوضح منير، أن مجلس الوزراء أصدر القواعد، وبرر عدم وجودها سابقًا بأنه سقط منهم سهوًا، قائلاً: "دا مش قانوني لأن أي قانون بياخد قوته القانونية بعد 60 يوم لكن القواعد صدرت بعد 3 شهور وهو ما أدى إلى نوع من الارتباك القانوني".
القرار سيادي لا يجوز الطعن عليه
واستنكر منير، رد مجلس الدولة عليهم خلال الجلسات السابقة بأن هذا القرار سيادي لا يمكن الطعن عليه، مشيرًا إلى أن القرار السيادي يجب أن يكون في حالة الحرب فقط، وهذا بمثابة تعدٍ على الدستور الذي أكد في مواده 48، 62، 63، 263 على حقهم في التوطين والتنقل والمحافظة على التراث وتاريخ هذا المكان لما به من ثروات معدنية.
وأضاف أن هناك قرارًا سابقًا ومشابهًا له برقم 204 لعام 2010 إلا أنه كان محددًا لبعض المناطق وتم تغيره، وهو مايدل على عدم سيادته وإمكانية الطعن فيه.
طلبات الرئاسة
أوضح منير، أنهم تقدموا بطلب لرئاسة الجمهورية في أغسطس 2015 باسم الهيئات النوبية في مختلف المحافظات، لمقابلة الرئيس وعرض مشروع القانون، ولكن تم رفض الطلب.
وأكد أن حل هذه القضية التاريخية يكمن في حدوث لقاء بين النوبيين، والرئيس السيسي والمجلس العسكري، للاتفاق على ورقة عمل توضح حقوقهم مع عدم الإخلال بالأمن الوطني.
وأشار إلى استمرارهم في إعطاء الضوء الأحمر لمؤسسات الدولة من خلال الوقفات والاعتصامات في الشارع المصري واللجوء للقنوات الشرعية، ومطالبة النوبيين الموجودين بالخارج عن طريق اللجوء إلى المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر، حتى يحصلوا على حقهم ويتم توطينهم في أماكنهم لأن استبعادهم يزيد على عاتق القوات العسكرية في الحماية، بالإضافة إلى استغلال ثرواتها التي بإمكانها تحويل مصر أغنى دول العالم.
وأوضح حمدي سليمان، أن خلال لقاء رئيس الوزراء الأربعاء الموافق 30 نوفمبر، أكدوا على إصدار قرارا جمهوريا بحق العودة وتملك أراضي نوبية، بدون مزايدات أو تجارة، مثلما كان القرار بالتهجير، وإرجاء القرار الجمهوري الخاص بوضع أراضي توشكى ضمن المشروع القومي، إضافة إلى العمل بالدستور في أحقية النوبة لأراضيهم.
خامس أيام الاعتصام
عقد عدد من أبناء النوبة، مع وفد من مجلس النواب، ضم كلاً من مصطفى بكري وعمرو أبو اليزيد وياسين عبد الصبور ومحمد سليم، مؤتمرًا لمناقشة القضية النوبية وإيجاد حلول لها.
وقال طارق يحيى، المسؤول الإعلامي لقافلة العودة النوبية، إن أعضاء مجلس النواب وعدوا أبناء النوبة بإبلاغ مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بمطالبهم المتمثلة في تفعيل المادة 263 من الدستور، وتعديل القرار 444، وحذف "فورقندي" من كراسات شروط مشروع المليون ونصف فدان، وتفعيل قانون الهيئة العليا لتوطين وتنمية النوبة.
فض الاعتصام في فجر اليوم الخامس
وأكد لـ "مصر العربية" أن قافلة العودة النوبية تحمل النائب عمرو أبو اليزيد تنفيذ وعوده التي دفعت الشباب لفض الاعتصام، مضيفًا: "لن نتنازل عن مطالبنا ولن نسمح بأن يكون المؤتمر مجرد مسكن".
ورأى الناشط النوبي حمدي سليمان، أن ما قاله النواب خلال المؤتمر لن يختلف كثيرًا عن وعودٍ مثل كل مرة يثور فيها أبناء النوبة ولن تنفذ، قائلاً: "المؤتمر مجرد شو إعلامي ومسكن للشباب ولكننا لا نثق في تنفيذ الوعود".
وأضاف أن حل القضية في يد الجهات السيادية ولن يتم حلها سوى عن طريق مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية.
وأوضح الناشط النوبي بشير منير، رئيس الجمعية النوبية للمحامين، أن كثرة وعود المسؤولين أصابت الشباب النوبي باليأس وعدم الثقة في التنفيذ.
وأشار إلى وقوع مشادات وامتناع عدد من الشباب النوبي عن حضور المؤتمر ومنهم منسق قافلة العودة النوبية ورئيس الاتحاد النوبي محمد عزمي، لوجود عدد من الشخصيات التي يرى الشباب أنها لا تمثلهم وكانت ضد اعتصامهم ومنهم النائب ياسين عبد الصبور.
وأكد لـ "مصر العربية" أنه في حال عدم تنفيذ مطالبهم يدخل النوبيون في اعتصام مفتوح بجميع محافظات مصر دون القبول بأي تفاوضات أخرى، مضيفًا: "هنحولها قضية دولية".
رفض الجلوس مع المشير طنطاوي
ورفض المعتصمون، في اليوم الثالث، إرسال وفدا منهم للتفاوض مع المشير محمد حسين طنطاوي، حول فض الاعتصام، مؤكدين أنه لا سبيل للفض سوى قرار جمهوري بإعادة توطينهم.
و قال ياسر عرابي، أحد المشاركين بالاعتصام، إن قوات الجيش أبلغتهم بطلب المشير طنطاوي لـ 10 متحدثين للتفاوض معه بالمحافظة، إلا أنهم رفضوا.
وأوضح لـ "مصر العربية" أنهم اجتمعوا وتفاوضوا كثيرًا وحصلوا على وعود دون تنفيذ، مؤكدًا أن مطلبهم واضح وهو صدور قرار رئاسي بإعادة التوطين ولا تراجع عنه.
تخصيص 12 ألف فدان
قال الناشط النوبي بشير منير، إن مجلس الوزراء قرر تخصيص مساحة 12 ألف فدان لأبناء النوبة بمحافظة أسوان.
وأضاف لـ "مصر العربية" أنهم لم يتسلموا أوراق رسمية حتى الآن تفيد بموقع الأرض التي تم تخصيصها لصالحهم، موضحًا أن النائب مصطفى بكري هو الذي أبلغهم بقرار رئاسة الوزراء.
الأمن يفض وقفة لشباب النوبة في الإسكندرية بالقوة
نظم عدد من أهالي النوبة المقيمين في محافظة الإسكندرية، وقفة احتجاجية، تضامنًا مع أهل النوبة المعتصمين بأسوان، اعتراضًا على بيع فورقندي ضمن مشروع المليون فدان.
وتداول أحد النشطاء صورًا من الوقفة، فيما أفاد ناشط آخر بأن الوقفة كانت أمام النادي النوبي العام، وفضتها قوات الشرطة من قسم العطارين بالقوة.
مصطفى بكري هددنا بفض الاعتصام بالقوة
قال عدد من المشاركين في اعتصام قافلة العودة النوبية بالكيلو 45 بأسوان، إن النائب مصطفى بكري هددهم بفض اعتصامهم بالقوة في حال عدم تراجعهم.
وأكدوا في تصريحات لـ "مصر العربية" أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم المشروعة التي كفلها دستور 2014 في المادة 263 والتي نص الجزء الأخير منها على: "تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال 10 سنوات على النحو الذي ينظمه القانون".
وأشاروا إلى وصول الأمن المركزي إلى مكان قريب من مقر اعتصامهم، قائلين: "لا تفاوض ولا استسلام ولا خوف من تهديد".
ورفض وفد "قافلة العودة النوبية" الذي اجتمع مع وفد مجلس النواب، ويضم كل من مصطفى بكري ومحمد سليم ومنى شاكر، فض اعتصامهم بالكيلو 45 بأسوان، لحين صدور قرار جمهوري بإعادة توطينهم.
وأشار محمد عزمي، رئيس اتحاد النوبة العام، إلى مطالبة النوبيين لرئيس مجلس الوزراء بإصدار توجيهات لعلاج أبناء النوبة المصابين في أحداث قافلة العودة النوبية على نفقة الدولة وتعويضهم تعويضًا مناسبًا.
واعترض خلال حديثه لـ "مصر العربية" على وصف أبناء النوبة بـ "الخونة والعملاء والإنفصاليين"، مطالبًا رئيس الوزراء بمنع وسائل الإعلام من توجيه مثل هذه الاتهامات لهم.
قطع جميع الإمدادات على المعتصمين
وقررت القوات المكلفة بمنع وصول أهالي النوبة إلى توشكى، قطع جميع الإمدادات عن المعتصمين المحتجين، ورفضوا دخول المآكل والمشرب عن الشباب، ما اضطر الأهالي من رفض الجلوس في أي مفاوضات مع أعضاء مجلس النواب وقرروا:-
أولاً
السماح للمعتصمين بالكيلو 45 في أسوان بحرية التنقل والتحرك وحصولهم على المواد الغذائية اللازمة، وعدم ملاحقتهم أمنيًا، محملين الجهات المعنية مسؤولية أمن وسلامة المعتصمين.
ثانيًا
إجراء تحقيق فوري مع من أطلق الرصاص على أبناء النوبة المصريين وإعلان نتيجة التحقيق على الشعب المصري.
ثالثًا
صدور قرار سيادي من القيادة السياسية يضمن حق النوبيين في العودة إلى اراضيهم تفعيلا للمادة 236 من دستور مصر 2014.
رابعًا
استبعاد كافة الأراضي النوبية من المشاريع الاستثمارية حاليًا ومستقبلاً.
خامسًا
إعادة النظر في القرار 444 لسنة 2014 وتعديلاته على ألا يتعارض مع حق النوبيين في العودة إلى اراضيهم.
سادسًا
إنشاء هيئة عليا لتعمير منطقة بحيرة النوبة في الفصل التشريعي الحالي.
ﺧﺘﺎﻣًﺎ
الدخول في ﺍﻋﺘﺼﺎﻡ ﻣﻔﺘﻮﺡ ﻟﺤﻴﻦ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻗﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ، ورفض الممارسات ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻭﺣﺮﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻤﻴﻢ الأفواه.
ذاكرة الاعتصام.. البيتزا وسيارات الإسعاف
قال عبد الفتاح حسن، عضو الاتحاد النوبي العام، إنهم متواجدون حاليًا بالكيلو 45 ويتفاوض معهم قائد المنطقة الجنوبية لفض الاعتصام، مؤكدًا على استمرار اعتصامهم حتى تنفيذ حقهم المشروع منذ أكثر من 118 عامًا.
وأضاف عبدالفتاح لـ"مصر العربية": "اللي بيحصل هنا مهزلة، الأمن حصرنا في منطقة جبلية كي لا يحدث بلبلة بأسوان، وبيستفزنا بمنع الأكل والشرب عننا، والكماين مقفولة وبنطلع فوق الجبل علشان الموبايل يجيب شبكة ونتواصل مع الناس".
ووصف الأهالي قوات الأمن التي اعترضت طريق القافلة، بأنها لا تعرف أي شيء عن حقوق الإنسان، بعد منعهم ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺀ، ﻭﻣﺴﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺼﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭﺭ ﺍلأﺗﻮﺑﻴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ.
العديد من أبناء النوبة المعتصمين، أكدوا في تصريحات خاصة لـ مصر العربية، أن أكثر شئ لفت نظرهم خلال أيام الاعتصام، هو عدم وصول المآكل والمشرب لهم، في حين وصول الكثير من سيارات الإسعاف في مواعيد "الفطار والغداء والعشاء".
وتابعوا، في أول يوم الاعتصام لم يتطرق أحد منهم إلى معرفة لغز مرور سيارات الإسعاف بكثافة في مواعيد المآكل.
وأوضحوا، أنه في ثاني أيام الاعتصام، قرروا معرفة السر في مرور سيارات الإسعاف، وكانت المفاجأة، وبعد إصرارهم بتفتيش السيارات، التي من المفترض أن تحمل مرضى، وبعد مشادات مع رجال الأمن، وجدوا أن سيارات الإسعاف خاوية من المرضى وتحمل وجبات جاهزة من "البيتزا"، لتذهب إلى القوات المكلفة بمحاصرة الاعتصام.
عبدالفتاح، أكد أنه رغم الجوع الذي يعانوه، إلا أنهم لم يعترضوا على مرور المآكل والمشرب للقوات المكلفة بمنع زحف الأهالي.
الأمن يلغي وقفة نقابة الصحفيين
أبلغت نقابة الصحفيين منسقي قافلة العودة النوبية بإلغاء مؤتمر أبناء النوبة الثلاثاء 29 نوفمبر بالنقابة لدواعِ أمنية.
وقال الناشط النوبي ياسر عربي، إنه تم إبلاغهم بتلقي نقيب الصحفيين اتصالاً تليفونًا من وزارة الداخلية بإلغاء مؤتمر قافلة العودة النوبية.
لقاء أبناء النوبة بـ "الوزراء والبرلمان" وتعليق الاعتصام
التقى أبناء النوبة، برئيسي مجلس الوزراء والبرلمان، الأربعاء 30 نوفمبر، لمناقشة ظروف و أسباب تحرك قافلة العودة النوبية و منع الأمن لها.
وانتهى الاجتماع أنهم تقدموا بالعديد من الطلبات أبرزها، وقف كراسات الشروط الخاصة ببيع 110 ألف فدان في منطقة توشكى "فورقندي" حتى يتم رفعها بشكل كامل من مشروع المليون ونصف المليون فدان.
تمليك مساكن نوبية على مجرى خزان أسوان وتعلياته و تخصيص أراضي كظهير صحراوي لكل قرية بخطة زمنية محددة.
البدء في مناقشة مسودة مشروع قانون إنشاء هيئة تنمية و تعمير وإعادة توطين أهالي النوبة خلال الفصل التشريعي الحالي و الذي سوف يتم تقديمه عن طريق النائب ياسين عبد الصبور خلال الأيام المقبلة.
مطالبة رئيس الجمهورية بإنشاء لجنة فنية نوبية يرشح أعضاءها أهالي النوبة تكون مختصة بمراجعة جميع الخطط و المشروعات الاستثمارية في نطاق منطقة جنوب السد العالي و تحديد نطاق الأماكن الخارجة عن حدود القرى النوبية، على أن تنتهي مهمة هذه اللجنة بمجرد صدور قانون إنشاء هيئة التوطين.
تعديل القرار 444 لسنة 2014 بما يحقق ضمان توطين القرى النوبية الواقعة في نطاق أماكنها الأصلية.
وعود "الوزراء والبرلمان"
تشكيل لجنة من مجلس الوزراء يكون، النائب ياسين عبد الصبور عضو بها بالإضافة إلى مجموعة من منسقي القافلة للاطلاع على الخرائط والإحداثيات الخاصة بمنطقة فورقندي لتقسيم حدودها استعدادا لرفعها من المشروع.
مناقشة مشروع قانون هيئة تنمية وإعمار وتوطين أهالي النوبة (ولم يحدد مخطط زمني لذلك).
قرارات قافلة العودة النوبية
تعليق جميع فاعليات قافلة العودة النوبية، لمدة شهر واحد من تاريخه لإتاحة الفرصة للدولة حتى تقوم بالوفاء بوعودها و جميع ما ذكر بجلسات التفاوض.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أصدر- في أغسطس الماضي- القرار رقم 355 لسنة 2016، والذي قضى بتخصيص 922 فدانًا مملوكين للدولة لمشروع تنمية توشكى، وهو القرار الذي انعكس على الشأن النوبي بجعل أراضي توشكى غير مخصصة بالكامل لإعادة توطين النوبيين.
وسبق للسيسي إصدار القرار بقانون رقم 444 سنة 2014، بشأن تحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية، والذي أقره البرلمان لاحقًا، وبموجبه تم تخصيص مساحات من الأراضي كمناطق عسكرية لا يجوز سكنها، وتضمنت هذه الأراضي 16 قرية نوبية.
وأثار القراران، غضبًا واسعًا بين أبناء النوبة، خوفًا من الإطاحة بأحلام العودة للأراضي النوبية.