أزمة الأدوية.. المرضى يتوجعون والبرلمان يكتفي بالوعود

علي عبد العال وأحمد عماد

وعود كثيرة قطعها مجلس النواب المصري على نفسه لحل أزمة الأدوية بشقيها النقص وارتفاع الأسعار، وعود تحمل في طياتها الأمل بالنسبة لآلاف المرضى كان آخرها وعد الدكتور علي عبد العال بأن الأزمة سوف تحل خلال يومين فقط.

 

يوما عبد العال مرا ومر غيرهم أيام أخرى، فقد كان هذا التصريح منذ 5 أيام مضت، ولا تزال أزمة الأدوية قائمة وسط أحاديث حول توجه الحكومة ممثلة في وزارة الصحة للاتفاق مع غرفة صناعة الأدوية بزيادة الأسعار بنسبة 50% خلال الفترة المقبلة.

 

لم تكن تصريحات علي عبد العال الأولى من نوعها فقال النواب من قبل يوم 19 نوفمبر الماضي: إن الأزمة سوف تحل في غضون 10 أيام على الأكثر وفقًا لوعود الدكتور أحمد عماد الدين وزير الصحة، والذي قال إنّه سيتم توفير جميع النواقص بمختلف المستشفيات الخاصة والعامة خلال 10 أيام، من خلال استيراد 146 صنفا دوائيا ناقصا إلى الأسواق.

 

عدد من الخبراء في مجال الصحة أكَّدوا أن تصريحات البرلمان وعلى رأسه الدكتور علي عبد العال مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي وغير قابلة للتحقق على أرض الواقع حيث أن البرلمان لا يعي تفاصيل الأزمة وحلولها الحقيقية، في الوقت الذي رد عليه ممثل عن البرلمان في أنهم يبذلون قصارى جهودهم لحل الأزمة من خلال تشكيل لجنة تقصي حقائق، في حين رأى أحد نواب المجلس أن وزارة الصحة تستمر في تجاهل البرلمان وزيادة الأسعار من تلقاء نفسها دون الرجوع إليه.

 

 

من جانبه قال الدكتور خالد سمير، رئيس لجنة الصحة بحزب المصريين الأحرار، إن تصريحات الدكتور علي عبد العال حول انتهاء أزمة الأدوية خلال يومين تأتي في إطار التصريحات غير المسئولة للمسئولين في مصر كما أنها تخالف الحقيقة كما حدث من قبل في وعود محافظ البنك المركزي في أن الدولار بعد تعويم الجنيه سيهبط إلى 4 جنيهات فقط والحقيقة أنه في البنوك الرسمية تجاوز الـ 18 جنيها.

 

وأضاف سمير، لـ "مصر العربية"، أن حديث رئيس مجلس النواب مغلوط وأزمة الأدوية أزمة كبيرة لا يمكن حلها بمثل تلك البساطة وتحتاج إلى استراتيجية جديدة في مجال صناعة الدواء المصرية، وتحديد أولويات الأدوية المستوردة.

 

وتوقع أن تشمل زيادة أسعار الأدوية للمرة الثانية كافة أنواع الأدوية وليس فقط ما تقع تحت سعر محدد كما حدث في الزيادة السابقة، فالأزمة الرئيسية في مشكلة الأدوية هي تضارب المصالح فأصحاب المصالح من رجال الأعمال يجلسون مع بعضهم فقط كما أن وزير الصحة صاحب مصلحة سياسية في استمرار ادعائه بأن أزمة الأدوية سوف تحل وهو أمر لم ولن يتحقق وفقا للمنظومة الحالية.

 

وطالب بإنشاء هيئة مصرية للدواء تشمل الصيادلة وشركات الأدوية تشكل لجانا تعمل على وضع سياسات للنهوض بصناعة الصحة، على أن تضم خبرات في منظومة الصحة، وهذا الأمر موجود في مختلف دول العالم وبعض الدول العربية.

 

وأكد خبير الصحة، أن أبعاد أزمة الأدوية لا يدركها البرلمان بشكل حقيقي، فالأزمة ليست في ارتفاع أسعار المواد الخام فقط، لكنها مرتبطة برفع الدعم عن المواد البترولية بما يقتضي زيادة أسعار نقل المنتجات الطبية، إلى جانب توجه الشركات لرفع أجور الموظفين بما سينعكس أيضا على ارتفاع أسعار الأدوية لسد الفارق في الأجور، متوقعا أن تصل نسبة الزيادة في بعض الأدوية إلى 100%.

 

وشدد سمير، على ضرورة إصلاح الفساد في وزارة الصحة، ومنها وضع أكثر من 13 نوع دواء بديل لكل علاج، وهذا بالطبع ينعكس على غياب أدوية أخرى، وهذا الأمر يعد إهدارا للمال العام حيث أن غالبية تلك الأصناف لا تستخدم ونتحمل تكلفة انتاجها فتجد أدوية بمئات الملايين تنتهي صلاحيتها وأمامها حلين إما أن يعاد تدويرها وهذا أمر خطير، أو أن تذهب بلا استفادة منها.

 

وأوضح أن ثقافة الدواء في مصر لابد من تنميتها حيث أنه لا يمكن ان تكون الصيدلية مثل محل البقالة تشتري ما تريد من ادوية دون وصفات من أحد الأطباء وهذا بالطبع يهدر أنواع كثيرة من الأدوية، ويعرض سلامة المواطنين للخطر حيث أن غالبية من يعملون في الصيدليات غير متخصصين في مجال الطب.

 

 

 

وقال الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، إن البرلمان يحاول بأقصى جهده أن يحافظ على أسعار الأدوية الحالية، وأنهم اتفقوا مع الغرفة التجارية على عدم رفع أسعار الأدوية سوى بعد استقرار سعر الدولار حتى يتم التأكد من نسبة الزيادة المستحقة بشكل واقعي.

 

وأوضح أبو العلا، لـ "مصر العربية"، أنهم أبلغوا غرفة صناعة الأدوية بأن أي قرار لزيادة أسعار الدواء سيكون من خلال لجنة مشكلة تضم كافة أطراف الأزمة، والتي ستتولى تحديد تكلفة الدواء.

 

وأشار وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، إلى أنهم شكلوا لجنة تقصي حقائق للبحث عن الحلقة المفقود في أزمة الأدوية والتي تتمثل في أنه على الرغم من أن انتاج شركات الأدوية تضاعف خلال الفترة الماضية غير أنه الأدوية غير موجودة بالأسواق ويعاني المواطن من عجز في إيجادها.

 

ولفت إلى أن هذه اللجنة تضم 7 أعضاء ولكنها لم تبدأ أعمالها حتى الأن حيث أن النواب أعضاء اللجنة طالبوا بزيادة العدد لكي تكون لجنة موسعة تستطيع حصر أبعاد الأزمة.

 

وطالب أبو العلا، المواطنين بمحاولة البحث عن بديل أو مثيل للأدوية غير المتوفرة في الصيدليات فهناك جانب من الأزمة أيضا أن المواطن لا يرضى بأي بديل عن الدواء المطلوب.

 

 

النائب إيهاب منصور، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تطرق إلى الحديث حول خطورة انفراد وزارة الصحة بالقرارات التي تتخذها وخاصة المتعلقة بأسعار الادوية دون إحاطة البرلمان بهذا الأمر او أسبابه.

 

وأكد منصور، في تصريحات لـ "مصر العربية"، أنه خلال دور الانعقاد الأول ومع فرض زيادة على عدد من الادوية قدم عدد من التساؤلات إلى وزير الصحة الدكتور أحمد عماد، حول الألية التي اعتمدت عليها الوزارة في الزيادة، وما هي الأسس التي اتبعوها لتطبيقها بهذا الشكل المفاجئ، وكانت النتيجة أنه لم يتلقّ ردًا حتى الآن على الرغم من طرحه هذا الأمر أكثر من مرة.

 

وناشد مجلس النواب بذل المزيد من الجهود في سبيل القضاء على تلك الأزمة، وأن يكون أكثر صرامة في التعامل مع الحكومة، والاعتماد على مبدأ المصارحة والمكاشفة فلا يمكن أن تكون وعود البرلمان تحديدا غير مسئولة حتى لا يفقد النواب المصداقية عند المواطنين.

 

 

مقالات متعلقة