بعد أن تمكن اللبنانيون من عبور بحر العواصف التي تضرب المنطقة بأقل الخسائر الممكنة- بانتخاب رئيس للبلاد بعد طول انتظار، إلا أنهم دخلوا في مشكلة تشكيل الحكومة التي مر علي البدء في تشكيلها أكثر من 30يوما الأمر الذي أحدث جدلا واسعا في الأوساط السياسية اللبنانية.
ولا شك أن لبنان نجح في انتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ طال عامين ونصف، لكن اكتمال هذا النجاح مرهون بنجاح سعد الحريري الذي كلفه الرئيس ميشال عون بعد انتخابه رئيسا للبنان الشهر الماضي بتشكيل الحكومة في أسرع وقت. بحسب مراقبين.
وبعد 46 جلسة للبرلمان اللبناني فاز العماد ميشال عون (83 عاما) ، برئاسة الجمهورية اللبنانية، ليصبح الرئيس الثالث عشر للجمهورية، ويحل نزيلًا جديدًا في قصر بعبدا الرئاسي.
انتظار تدوير عجلات الإنتاج
وانتظر اللبنانيون انتهاء عامين ونصف من الفراغ الرئاسي بفارغ الصبر، حتى يأتي رئيس للجمهورية ليُصلح ما أفسده هذا الشغور السياسي، وينتظر الشعب تشكيل الحكومة لتبدأ تدوير عجلات الإنتاج .
وجاء انتخاب عون نتيجة تسوية وافقت عليها غالبية الأطراف السياسية وشملت تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة في ظل انقسامات سياسية حادة حول ملفات عدة داخلية وخارجية، على رأسها الحرب في سوريا المجاورة التي يشارك فيها حزب الله إلى جانب الجيش الحكومي السوري.
وكلف الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون، الشهر الماضي، رئيس الوزراء الأسبق وزعيم كتلة المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد يومين من انتخابات الرئاسة.
صعوبات
ويواجه الحريري، في تشكيل الحكومة الحالية صعابًا تشبه ظروف تشكيل حكومة 2009، بدأت منذ التصويت على رئاسته للحكومة، حيث لم يصوت نواب حزب الله على اختياره كرئيس للحكومة الجديدة، بينما تشير مصادر سياسية لبنانية إلى أن حزب الله يسعى للمشاركة في الحكومة.
وكان رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري قال في تصريحات صحفية إن جهوده لتشكيل حكومة جديدة تواجه "عثرات" مما يلقي بظلال من الشك على الآمال في تشكيل سريع لإدارة جديدة تخرج البلاد من الأزمة السياسية.
مسألة وقت
بدوره قال الدكتور مختار غباشى ـ نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن هناك توافقًا سياسيًا في الساحة اللبنانية وهذا بدا من اجتياز مشكلة انتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً أن تأخر تشكيل الحكومة هى مسألة وقت ليس أكثر.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن توافق تيار المستقبل الذي يمثله الحريري مع 8 آزار المنضوى تحتها حزب الله وحركة أمل، مع الأطراف الأخرى مثل الكتائب مع سمير جعجع مع وليد جنبلاط نستطيع القول أن الحكومة حتمًا ستظهر قريبًا طالما أنها ستمثل من كافة القوى المذكورة.
وأوضح أن ما يقال عن أن الحكومة ستسلك طريق الرئاسة الشائك، فلا توجد مقارنة بانتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة، لأنّ اختيار رئيس للبنان كانت تتحكم فيه أطراف دولية وإقليمية خاصة إيران، وقد اجتاز لبنان هذه المشكلة أما الحكومة فهى أمر واقع لابدَّ منه طالما تم التوافق على رئيس.
تنحية الطائفية
فيما قال الناشط السياسي اللبناني منذر البستاني، إن تشكيل الحكومة الحالية يشبه تماما حكومة 2009 التي واجهت صعابا كبيرة بسبب الاتهامات المتبادلة وقتها بين الجنرال عون والحريري بتعمد تعطيل الحكومة من قبل أيادي داخلية وخارجية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه لابد أن يعلم الجميع أن المناصب الحكومية ليست جوائز لترضية السياسيين، وإنما هى مسؤوليات لابد أن يقوم بها أصحاب الخبرة والكفاءات لإنجاز ملفات ومشاكل ثقيلة على الشعب اللبناني أهمها إنعاش الاقتصاد الذي اقترب على الموت فضلاً عن ضبط السياسة الخارجية للبلاد وعدم التدخل في شؤون الغير.
وأكد أن لبنان يحتاج لحكومة قوية فى هذا الوقت الصعب الذي تمر به المنطقة بل والعالم كله، من أجل الدخول صلب أزمات الشعب والدولة، وكل ما سبق يحتاج إلى جرأة وجدية من أجل إيجاد وسائل فعالة لحل هذه الأزمات، كما لابد من تنحية الطائفية جانبا وكذلك المحاصصة التي قد تدخل البلاد في نفق مسدود.
وتصاعد التوتر بين الزعماء المتنافسين حول توزيع الحقائب الوزارية وعدد الوزارات في الحكومة الجديدة وقانون الانتخابات المثير للجدل والذي يتعين إقراره من أجل إجراء الانتخابات البرلمانية في 2017.
ويحتاج لبنان بصورة عاجلة إلى حكومة فعالة للتصدي للمشكلات الاقتصادية والتنموية القائمة منذ فترة طويلة مثل تحسين البنية التحتية وتنظيم معالجة النفايات والاستفادة من الاحتياطيات البحرية للنفط والغاز.