اتفاق الصخيرات.. من إنقاذ ليبيا لإعادة تشكيل الصراع

عندما عاد فايز السراج إلى ليبيا مارس الماضي، الوضع بدا أن هناك تفاؤل غير عادي، لمدة سنتين خاضت الحكومات المتنافسة في الشرق والغرب أكثر من التنازع على الانتخابات.

 

وفي ديسمبر الماضي، ممثلين من كلا الجانبين وافقوا على مبادرة السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، وتعرف باسم "اتفاق الصخيرات، حيث تمكن  السراج، من تشكيل حكومة وفاق وطني، ووصوله إلى العاصمة طرابلس يبدو أنه يبشر بمستقبل أكثر إشراقا.

 

لكن الأمور لا تسير بهذه الطريقة - بحسب مجلة اﻹيكونوميست البريطانية- الحكومة الجديدة رغم أنها ظاهريا مدعومة من بعض الميليشيات القوية، فشلت في كسب تأييد واسع النطاق، مجلس النواب (البرلمان الشرقي) رفض الموافقة على تشكيل الحكومة، وبقايا الحكومة القديمة والنواب في الغرب، المعروفة باسم "المجلس الوطني العام" حاول دون جدوى الانقلاب على طرابلس الشهر الماضي.

 

 

بعيدا عن وضع حد للنزاع الليبي، اتفاق الصخيرات أعاد تشكيل الصراع، بحسب تقرير أصدرته مجموعة الأزمات الدولية قائلة: "قبل عام كان الصراع بين البرلمانات المتناحرة والحكومات المرتبطة.. اليوم الصراع أساسا بين مؤيدي الاتفاق، ومعارضيه".

 

 

وبحسب المجلة، الاتفاق لم يقنع أيا من الطرفين، لأنه ترك المسائل الأمنية دون إجابة، وفي الواقع ينبع موقف حكومة الشرق من أن خليفة حفتر، الجنرال المسؤول عن الجيش الوطني الليبي، أكبر جماعة مسلحة في الشرق، سيتم تهميشها بموجب الاتفاق.  

 

الصراع من المرجح أن يتصاعد، ففي سبتمبر الماضي سيطر حفتر على عدة منشآت نفطية على طول الساحل، الآن خليط من الميليشيات، ومعظمهم من الإسلاميين، يستعدون لقتال حفتر وفي مدن مثل درنة وبنغازي.

 

وأوضحت المجلة، إن المجتمع الدولي يأمل أن المعركة ضد داعش سوف تشجع على الوحدة، ولكن حتى غرب ليبيا لا يزال منقسم، وهناك عدد من المليشيات لا تعترف بحكومة الوفاق التي يعتبرها كثير من الليبيين دمية في يد المجتمع الدولي.

 

الدعم الغربي متقلب ويستند أساسا على المصلحة الذاتية، وحكومة الوفاق لا تستطيع السيطرة على الجماعات المسلحة التي شاركت في محاولة الإنقلاب الشهر الماضي، سراج لا يزال يجري لقاءاته في قاعدة بحرية تحت حراسة مشددة، وبعيدا عن مكتب رئاسة الوزراء.

 

البلدان الأجنبية، والكثير منها مارس بعض الضغوط للوصول لاتفاق الصخيرات، كانت تدفع أيضا باتجاه الفتنة، حفتر يتلقى الأسلحة، والدعم عن طريق الطائرات من مصر والإمارات، والمشورة من روسيا، أنصاره يأملون أن دونالد ترامب، رئيس أميركا المنتخب يتحد بجانبهم.

 

ومن جانبها، حكومة الوفاق الوطني لم تفعل شيئا يذكر لكسب المواطنين، فهي في أحسن الأحوال تقدم بعض الخدمات، في حين أن الاقتصاد يترنح، حيث يصطف الناس لساعات أمام البنوك، وتقتصر على عمليات السحب، وارتفعت الأسعار بشكل كبير.

 

الحكومة عاجزة عن دفع الرواتب، تنحي باللائمة في ذلك على نقص التمويل من البنك المركزي، حيث صرف مليار دينار بشكل طارئ في انتظار ميزانية رسمية، على أية حال، حكومة سراج ليس لديها أي سياسة اقتصادية، وعلى الأقل حفتر يسيطر على المنشآت النفطية وهو ما يجلب مئات الملايين من الدولارات للبنك المركزي.

 

 

وأشارت المجلة إلى أن مصير الجنرال ربما السؤال الأكبر الذي يخيم على ليبيا، شعبيته في شرق وأجزاء من الغرب، وقال إنه ربما يسعى إلى اتباع طريق الرئيس عبد الفتاح السيسي -الذي سحق الإسلاميين في مصر وخلع بزته العسكرية وخاض انتخابات الرئاسة- العديد من أنصار اتفاق الصخيرات مقتنعون بأن حفتر لن يتخلى أبدا أو يلقي السلاح، لكنها لا تزال تعتقد أنه أفضل صفقة في تناول اليد.

 

 

وبعد خمس سنوات من الاضطراب، معظم الليبيين يريدون وقف القتال، ودعت مجموعة الأزمات الدولية وغيرها المجتمع الليبي لإجراء محادثات جديدة، وهذه المرة التي تشمل بعض الأشخاص مثل حفتر، الذين يمكن أن يؤثر على أرض الواقع.

مقالات متعلقة