ارتفاع فوائد شهادات الاستثمار.. كيف يؤثر على الاقتصاد المصري؟

شهادات الاستثمار وتأثيرها على الاقتصاد

بعد ارتفاعات كبيرة بأسعار صرف الدولار أمام الجنيه بالسوق الموازية اتخذ البنك المركزي قراراً بـ تعويم الجنيه، وزيادة أسعار الفائدة 3% ليصبح سعر عائد الإيداع والاقتراض لليلة واحدة 14.75% و15.75% وسعر الائتمان والخصم 15.25%.

 

وإثر ذلك حاولت بنوك القطاع العام زيادة السيولة النقدية لديها عبر إصدار شهادات ثلاثية بعائد شهري 16% بخلاف إصدار شهادة لمدة 16 شهرا بعائد ربع سنوي 20%، أملا في أن يقوم صغار المضاربين بالسوق الموازية في بيع ما لديهم من دولار وإيداع الحصيلة بالبنوك.

 

وبهذا لم ترتفع الفوائد على الودائع 3% فقط بل ارتفعت في الواقع بمقدار 8.25%"، وهو ارتفاع ضخم سيؤدي لحدوث حالة من التغيير الكامل لاستثمارات البنوك خلال الفترة القادمة بخلاف أن ارتفاع أسعار الفوائد على الودائع بهذا الشكل سيرفع من نسبة المخاطر على استثمارات البنوك خصوصاً في مجال منح الائتمان.

 

وحسب دراسةحديثة للخبير المصرفي، أحمد آدم، فإنه في ضوء ارتفاع أسعار الفائدة سترتفع أسعار العائد على أدوات الدين من أذون وسندات خزانة، وهو ما سيزيد من عبء خدمة الدين ومع الوضع في الاعتبار أن البنك المركزي قد ألغى عطاء لأذون الخزانة يوم صدور قرار رفع أسعار الفائدة.

 

وبالتالي وخلال الفترة القادمة ومع استمرار قيام البنوك في قبول إصدار شهادات ادخار بفائدة 20%، فمن المتوقع عزوف الشركات عن التقدم للحصول على قروض وتسهيلات ائتمانية من البنوك وبالتالي عدم إجراء أي توسعات للاستثمارات القائمة بمصر بل سيتجه بعض المستثمرين للإغلاق أو الحد وبشكل كبير من أنشطتهم والاعتماد على فوائد إيداعاتهم في البنوك لتسيير أعمالهم، وهو ما سيزيد من حالة الكساد بالسوق ويكون عاملاً شديد التأثير على أية استثمارات تفكر في الدخول للسوق المصرية.

 

على النقيض يرى بعض الاقتصاديين أن هذا القرار من البنك المركزي بغرض امتصاص السيولة النقدية من المواطنين وضخها في البنوك للاستثمار في المشروعات القومية وشراء سندات الخزانة من الحكومة، مؤكدين أنها تساعد في تقليل معدل التضخم وهو ما يؤدي إلى تقليل معدل السرعة في زيادة الأسعار الذي تشهده السلع.

 

الخبير المصرفي محمد بدرة يرى أن طرح شهادات الادخار لفترة محدودة وستكون آثاره أكثر سلبية إذا استمر طويلا ، إذ أن قيمة الأموال المودعة في البنوك المصرية تتخطى 2.1 تريليون جنيه في حين أن قيمة شهادات الإدخار في البنوك  200 مليار جنيه فقط أى بنسبة لا تتخطى الـ10% لذلك فهى لن تؤثر على الاقتصاد بقوة.

 

وأضاف بدرة وفقا لتصريحاته لـ"مصر العربية" أن لدى كل بنك لجنة تسمى لجنة "الأصول" وهي التي تزن عملية النسب المرتفعة والمنخفضة على الأموال المودعة فبنسبة 20% فقط يطرح البنك شهادات الادخار المرتفعة من "20:16%" أما نسبة الـ80% فتعتمد على صناديق الوفير والأموال المودعة بنسبة 8% ، 10% ، 11%، أو بدون نسبة.

 

وطالب بدرة، الحكومة بتوظيف هذه الأموال لإقراض رجال الأعمال والمستثمرين بشكل مناسب إذ أن المستثمر لابد أن يحقق هامش ربح بعد أن يقترض من البنك بفائدة أكثر من 20% وعلى البنوك دراسة هذا الأمر جيدا .

 

أما الدكتور معتصم الشهيدي، العضو المنتدب لشركة هورايزون لتداول الأوراق المالية، فيؤكد أن شهادات الادخار ذات الفائدة 20:16% هي ذات نسبة عالية جدا ولكن كان المقصود منها تشجيع المدخرين لكي يحولوا مدخراتهم من الدولار إلى جنيه مصري وهو ما توقعت الحكومة من خلال أن يتم عملية تدفق دولاري وهو تصور خاطئ، لأن الفائدة على مدخرات الجنيه أعلى بكثير عن سعر الدولار في السوق.

 

وأوضح أن 20% كفائدة  للمدخرين أمر مدمر للاقتصاد المصري وخاصة الاستثمار، والدليل على ذلك ما حدث خلال عهد رئيس الوزارء الأسبق عاطف صدقي عندما رفع سعر الفائدة على المدخرات في البنوك وهو ما أدى إلى تدمير المشروعات الوطنية وأغلق المصانع لأن رجال الأعمال في هذه الحالة سيقترضون من البنك بفائدة عالية تتخطى الـ25% .

 

واعتبر الشهيد أن مثل هذه القرارات السياسية الخطيرة لابد أن يتم دراستها بشكل جيد من قبل متخصصين، حيث إن مثل هذا القرار جعل المواطنين يقبلون على شراء هذه الشهادات وقد لا تجد البنوك ما تموله من رجال الأعمال بسبب ارتفاع سعر الفائدة وهو ما يؤدي إلى حالة من الركود في حركة الاستثمار، تستغله الحكومة في بيع سندات وأذون خزانة وهو أمر مدمر للاقتصاد.

 

 

أما الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي سابقاً فيقول إنه مع حالة ارتفاع الأسعار المتسارع وزيادة معدلات التضخم فإن هذه السياسة النقدية نحو رفع سعر فائدة شهادات الإدخار أمر طبيعي، لكي يمتص السيولة النقدية الموجودة في الشارع المصري لتقليل معدل التضخم لعدم لجوء المواطنين للشراء والاكتفاء بوضع مدخراتهم المالية في البنوك وهو ما يؤثر سلبيا على أسعر السلع.

 

ويضيف الفقي، إن هذه السياسة تأتي إلى جانب رفع أسعار الجمارك على بعض السلع وكذلك تعويم الجنيه وتطبيق قانون القيمة المضافة، نافيا أن يؤدي هذا القرار إلى حدوث انكماش اقتصادي وسيستهدف فقط الحد من وطأة التسارع في زيادة الأسعار.

 

وأوضح الفقي أن الرئيس السيسي يستمر على الجانب الآخر في دعم المشروعات القومية والاقتصادية، وذلك باستخدام تحسين مناخ الاستثمار ومحاربة البيروقراطية والفساد.  

 

النائب البرلماني، عمرو صدقي،  قال إن الحكومة تعمل فى جزر منعزلة، ولا يوجد تنسيق بين السياسات النقدية والمالية، ولعل أكبر دليل على ذلك أنه عقب قرار تعويم الجنيه ، صدرت مجموعة من القرارات المتناقضة ، حيث تم رفع الفائدة بنسبة اقتربت من 3% وهو ما يعنى تحميل الموازنة بعبء جديد كون الحكومة أكبر مدين للبنوك بديون تقترب من 3 تريليونات جنيه وخدمة دين تصل إلى 292 مليار جنيه .

 

وأضاف: بحسبة بسيطة ستزيد خدمة الدين بمقدار 90 مليار جنيه بسبب رفع الفائدة ، فى الوقت نفسه تم رفع اسعار الفائدة على شهادات الاستثمار 16 و20% ، وهو ما يعنى أن من لديه أموال وسيولة لن يتجه للاستثمار فى مشروعات ، بل سيشترى شهادات ويضع امواله فى البنك كمكسب سريع ومضمون وكبير .

 

مقالات متعلقة