معارض سوداني: العصيان مسمار في نعش البشير.. وجنودنا يتساقطون باليمن  

صلاح أبو سرة

انتفض الشعب السوداني ضد السلطة بإعلان العصيان المدني عقب إجراءات تقشفية اتخذتها الحكومة السودانية، في وقت كان يسعى فيه النظام لحوار وطني يجمع الأحزاب السياسية من أجل حكومة جديدة.

 

إلى أين تصل الاحتجاجات الشعبية؟ وما مصير الحوار الوطني؟ وهل يشهد السودان ربيعا عربيا؟ وما حقيقة قتال الجنود السودانيين على الأرض في اليمن؟

 

كل هذه التساؤلات وأكثر يجيب عليها المعارض السوداني البارز صلاح أبو سرة في حوار مطول لـ"مصر العربية".

 

إلى نص الحوار ..

 

لماذا الانتفاضة ضد النظام السوداني؟ ولأي سبب اختار المحتجون وسيلة العصيان المدني تحديدا؟

 

أسباب العصيان المدني في السودان تراكمات السنوات الماضية وتاريخ من المآسي والأحزان مر بها الشعب السوداني وتطور الوعي وحركة نضوج لجيل تربى في كنف حكومة المؤتمر الوطني من سنة 1989 حتى الآن.

 

كل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السودانيون منذ سنين بجانب انعدام الحريات أدت للانفجار، والمظاهرات حين اندلعت في قلب الخرطوم ديسمبر الماضي 2013 تم التعامل معها بالضرب المبرح والقمع لذلك جاء التفكير في العصيان.

 

العصيان المدني هو السبيل الوحيد لتجنب مواجهة آلة "القمع الفاقدة للرحمة"، وهي فكرة انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتعتبر أول مسمار في نعش النظام.

 

وفي رأيك إلى أن ستصل الأمور؟

المعركة  ستتواصل، والحراك في الداخل يقوده شباب وعلى رأسهم الفتيات اللاتي ظهرن في مسيرات في الفترة الأخيرة بشكل منظم وغالبيتهن من طلبة الثانوية ويليهن المرأة السودانية.

 

الحراك سائر للأمام وسيتطور في ظل انعدام الحريات التي كانت سببا في ظهور الحركات المسلحة سنة 94 و 95 في  الجبهة الشرقية الحدود بين السودان وإريتريا وفي إقليم دارفور وقبلها في مناطق جنوب السودان.

 

والحراك يدق مسمارا الآن في نعش  التسوية السياسية أو ما يسمونه الهبوط الناعم ومسمارا  آخر في نعش النظام.  

 

ولكن من بين الأسباب المعلنة للعصيان خطة التقشف  التي أعلنها السودان، فهل كان للسودان بديل عن ذلك بعد أن فقد أغلب النفط الذي كان يأتي من الجنوب؟

 

أزمة جنوب السودان بدأت تتفجر منذ سنة 1955 وحتى البترول اكتشف  أخيرا والسودان كان ثريا قبل أن تأتي حكومة المؤتمر الوطني إلى سدة الحكم كان السودان غني بموارده الطبيعية.

 

حكومة عمر البشير عندما أتت للسلطة اعتمدت على البترول كمورد جديد وكسروا كل مشاريع التنمية التي كان يعتمد عليها السودان في الزراعة والرعي وهذا جزء من السياسات الخرقاء المرتبطة بالمشروع الدولي لتقسيم السودان.  

المؤتمر الوطني نفس السياسات الدولية الساعية لهدم السودان  وخصخص الاقتصاد وحوله لقطاع خاص، وأوقف كل المشاريع الكبيرة للإنتاج الزراعي وبالتالي اعتمدوا على البترول وحده.

 

وبعد انفصال جنوب السودان والحرب الأهلية أصبحت كل الموارد معطلة  ولجأ النظام  لروشتات البنك الدولي وهي لن تكون أبدا مخرجا للسودان لأنها مبنية على أساس التحرير الاقتصادي،  وبالتالي النظام لا يملك المخرج للأزمة الاقتصادية الطاحنة لأنه سبب فيها.

 

وبدأ النظام نهج تجويع الشعب ونهب الثروات في ظل تعطل الإنتاج نظرا للنزوح الجماعي من مناطق الإنتاج في الريف إلى المدن، وارتمى السودان في حضن الاقتراض والمؤسسات الدولية وطوال فترة حكم المؤتمر العام لم يقدم شيئا بل ضيع كل شيء، والمفترض تقوم سلطة أخرى تتبنى مشاريع قومية حقيقية.

 

 

ولكن الدعوات للعصيان تأتي في وقت الحوار الحوار الوطني الذي دعا له البشير فهل العصيان يعتبر فشلا لهذا الحوار؟

 

الحوار وقف عندما بدأ العصيان، والحوار طرح موضوع المشاركة والتسوية سياسية وقيام حكومة عريضة بين المؤتمر الوطني والجبهة الثورية وباقي الأحزاب، والعصيان المدني قال لا للهبوط الناعم ونعم لإسقاط السلطة.

 

وبالتالي مشروع الحوار انزوى بأحزابه وحكومته، والشعب مصر على السير قدما لتغيير حقيقي في بناء الدولة السودانية بتغيير نظام الحكم وليست الحكومات لأن الحكومات التي تأتي عقائدية لا تسعى لإحداث أي تغيير.

 

هل تتوقع أن تصل الاحتجاجات للإطاحة بالنظام رغم اندلاع احتجاجات سابقة وفشلت؟

 

نحن نتوقع أن التطور الطبيعي لاستخدام القوة الشعبية إزاحة السلطة الغاشمة والمهيمنة على ثروات وأقدار الشعب، ولكن الأمر لن يحدث بين ليلة وضحاها الأحداث متسارعة والمؤتمر الوطني في جعبته العديد من السيناريوهات أولها الحوار الوطني وكان المغزى منه مشاركة اسمية للأحزاب وهو  مسيطرعلى منافذ الاقتصاد، ولكن هناك قوى سياسية ممانعة.

 

 لذلك لم يغفل عمر البشير في خطابه الأخير عندما رفع توصيات مؤتمر الحوار القول بأن الذين لم يأتوا سيحضرونهم  فهو يعلم أن هناك ممانعين لمشروع التسوية ومتمسكين بإسقاط السلطة.

 

خرج تقرير من لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للتحذير من عمليات "تطهير عرقي منتظمة" بجنوب السودان، هل تتفق مع هذا التوصيف؟

الصراع في جنوب السودان ليس صراعا سياسيا بين الرئيس ونائبه ولكن في الواقع هو صراع بين قبيلتين بخصوص التهمشين في السلطة وتدخلت قبائل أخرى في الصراع بعمل مسلح وهي من الأمور المحزنة أن يكون الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة قائم على أساس قبلي.

 

الصراع في النهاية صراع عرقي مبني على القبائل الناس، يتبارزون بالسلاح بدلا من الصراع السياسي.

 

 

أحاديث مستمرة عن جنود سودانيين يقاتلون في اليمن ما صحة ذلك؟ ولماذا يقدم السودان على هذه الخطوة إن صحت؟

 

السودان كشعب ليس مستفيدا من الصراع في اليمن، وليس لدينا أي خلاف مع إخواننا في اليمن على العكس هناك تواصل وترابط تاريخي بين السودان واليمن، واليمنيون جزء من المكون الاجتماعي للشعب السوداني فلدينا قبيلة الحضارمة أصولها من  حضرموت باليمن.

 

 

الخرطوم قطعت العلاقة مع إيران بحكم أن السعودية والخليج الداعمون لمشروع الإسلام السياسي في السودان، ونعرف الدور القطري وأموال الخليج في دعم الجبهة القومية الإسلامية جماعة حسن الترابي وتكوين بنك فيصل والبركة، فهم المساندون لحركة الإخوان في السودان.

 

عندما قررت السعودية خوض المعركة في اليمن رفضت مصر الزج بأبنائها في القتال، فاتجهت المملكة للسودان والبشير ولأنه يقتل السودانيين فلا مانع لديه أن يرسلهم للموت في اليمن، فهو متهم كمجرم حرب.

 

الإمارات نفسها انسحبت عندما فقدت 23 جنديا لها، ولكن السعودية تعتمد على أن المشاة قوات سودانية بشكل كامل، ومن حين لآخر نرى طائرات تنقل جنود لتعويض الخسائر في اليمن ولكن لا نستطيع تحديد العدد بالضبط، هذه حرب عمالة وليست وكالة.

 

مقالات متعلقة