نازحو حلب .. قتل واعتقال وإذلال طائفي

نازحون من حلب

أشلاء متناثرة .. وجثث لا تجد من ينتشلها .. وأطفال ملقون أرضا بجوار أمهاتهم .. مشهد أفزع العالم منذ أربعة أيام حين قصف طيران النظام السوري أحد الممرات التي قال إنها آمنة لانسحاب النازحين من حلب.

 

هذا ما رآه الجميع بالصوت والصورة ولكن هناك مشهد آخر قاتم خفي يعانيه النازحون من حلب لا يعلمه أحد، كشفه بعض الساسة السوريين والعاملين بمجال حقوق الإنسان.

 

من ينجو من قصف طيران النظام الذي لا يفرق بين رجل أو امرأة أو طفل أو شيخ لن ينجو من عمليات الاعتقال ومن ثم التعذيب الذي يفضي للموت أو القتل بشكل مباشر، بجانب الإذلال الطائفي بحسب ما أجمع المراقبون للوضع.  

في حلب الشرقية حيث معقل المعارضة السورية التي تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية معتدلة كان يوجد 250 ألف وبحسب بعض التقديرات نزح منهم 30 ألفا وبقي 220 ألفا يخشون المغامرة.

 

النظام السوري وحليفه الروسي والإيراني عازمون على استئصال المعارضة من حلب مهما كلف ذلك من انتهاكات وتدمير لبلد توقف فيه كل شيء من سبل الحياة للمستشفيات بجانب المساعدات الإنسانية التي لا تصل.

 

مد الطريق لإدلب

ويهدف بشار الأسد السيطرة على حلب من أجل مد الطريق إلى محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة السورية الكبيرة من أجل فرض نفسه بالأمر الواقع معتمدا على تخاذل الموقف الأمريكي ومساندة النظام الروسي الذي بات يتحكم في كل شيء بسوريا.

 

روسيا التي طالما أنكرت في الفترة الأخيرة مشاركة طيرانها في أية عمليات قصف في حلب عاد اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ليقول إن بلاده ستدعم عملية قوات بشار الأسد في شرق حلب ضد أي مقاتلين من المعارضة الذين يرفضون المغادرة.

 

إرهابيون

وأكد أنهم سيتعاملون  مع مقاتلي المعارضة المسلحة باعتبارهم "إرهابيين"، معبرا عن اعتقاده أن روسيا والولايات المتحدة ستتوصلان إلى اتفاق بشأن انسحاب كل مقاتلي المعارضة من شرق حلب.

 

كشف بسام الملك القيادي عضو الائتلاف السوري المعارض مصير النازحين من مدينة حلب الشرقية التي تتعرض للقصف العنيف منذ أكثر من أسبوعين وفق وثائق وصلت لهم.

 

تعذيب حتى الموت

وذكر في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن 220 ما زالوا محاصرين في حلب بعد نزوح 30 ألفا تعرضوا للاعتقال والتعذيب حتى الموت ومنهم من أعدم بشكل مباشر.

 

وأردف أن التنكيل الذي تعرض له النازحون من حلب دفع البقية على التراجع عن المحاولة، فالموت في مدينتهم بكرامة خير من الموت على أيدي الميليشيات الطائفية المناصرة للنظام.

 

وتابع المعارض السوري:" لم يعد للناس الثقة الخروج من مناطقهم في اتجاه النظام السوري"، مفيدا بأن الروس يستخدمون سياسة الأرض المحروقة بحرق كامل حلب.

 

وقال الملك إن وزارتا الدفاع والخارجية الروسية تكذبان بالادعاء بأنهم لم يقصفوا حلب منذ 45 يوما، فمن يقصف حلب بعد النظام هم الروس.

 

شهور

وتوقع أن تصمد حلب الشرقية لمدة 6 أشهر إذا لم تتدخل الدبابات في المعركة، وشهرين إذا هوجمت المدينة بكل الأسلحة وكل حلفاء النظام من إيرانيين وروس والميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية.

 

ولفت إلى أن تركيا تحاول التفاوض مع روسيا لفرض الهدنة في حلب في ظل سعي الروس للهروب من العزلة الدولية، مشيرا إلى أن الهدنة هي خيار الفصائل المعارضة أيضًا.

 

واختتم:" نتمنى العودة للمفاوضات والاعتماد على مرجعية القرارات الدولية، ففي النهاية لابد أن يكون هناك حل سياسي".

 

إذلال طائفي

من جانبه قال ميسرة بكور رئيس مركز الجمهورية للدراسات السياسية وحقوق الإنسان السوري إن الميليشيات الإيرانية تبث فيديوهات يبين كيف يتم إذلال النازحين بالشتم وبالأناشيد الشيعية الطائفية التي تتحدث عن مجدهم.

 

وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية":" الحقيقة أن الإيرانيين يريدون كسر إرادة المقاومة لدى الشبان السوريين وعائلاتهم بشكل عام وتبث رسالة أنه من يفكر أن يتمرد علينا سيعاقب بالموت حتى لو عاد معتذراً".

 

ورأى أن النظام السوري يريد التخلص من النازحين لأنه ليس بحاجة لمزيد من الإرباك يعيق تقدمه في حلب مثل إيواء نازحين وتقديم خدمات لهم في وقت يعاني من تقديم مقومات الصمود لـ"مرتزقته" من ماء وطعام وسكن.

 

وتابع بكور:" وقد وجد في إذلال النازحين فرصة ليصالح أنصاره الطائفيين ممن قتل ذويهم في العدوان على حلب، وقد يكسب ود حاضنته الشعبية في إظهار الحزم في التعامل مع الثوار، وهي رسالة للجميع أن لامجال للعفو عن من يفكر مجرد تفكير بالتمرد".

 

واستعادت قوات الحكومة السورية والمليشيات الموالية لها عدة مناطق من الجزء الشرقي من مدينة حلب.

 

وأعلن المرصد السوري الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له أن الجيش السوري سيطر على منطقة قاضي عسكر - الذي كان يستخدم كسجن من قبل جبهة النصرة - بعد سيطرته على كرْم الميسر، وكرم القاطرجي، وكرم الطحان.

 

وأضاف مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن مئات الأفراد فروا من المناطق التي استعادتها القوات الحكومية. 

مقالات متعلقة