ارتفاع الأسعار، تعد هي الأزمة الأكبر المسيطرة على المشهد الاقتصادي منذ عقود، وذلك كأحد تبعات تحرير سعر الصرف بتعويم الجنيه وإلغاء الدعم عن الوقود جزئيًا.
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والتي اطلقت عليها ما يسمي بـ"الإصلاح الجريء"، تناست المواطن في خطتها، وادعت أن جميع هذه الخطوات من أجله، إلى الحد الذي وصلت فيه زيادة الأسعار إلى 120%، فضلا عن النقص الشديد الذي يعاني منه السوق من تلك المنتجات.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، طالب الحكومة بالتنسيق مع القطاع الخاص، لإقامة مشروعات مشتركة لإنتاج السلع الغذائية الأساسية بمختلف أنواعها، لضمان وصولها للمستهلكين بأسعار مناسبة، والحد من الاستيراد، واتخاذ القرارات المناسبة بهدف استمرار توافر منتجات الدواجن بالسوق المحلية.
وفي المقابل، أصدر السيسى نفسه، قرارًا جمهوريًا، رقم 538 لسنة 2016، يقضى بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 184 لسنة 2013، بزيادة التعريفة الجمركية على 364 سلعة، بنسب تصل إلى 60%.
خبراء أكدوا لـ"مصر العربية"، أن الهدف من تصريحات السيسي الأخيرة بشأن تعاون الحكومة مع القطاع الخاص لإنتاج السلع الغذائية هو "التهدئة"، وأنها لن تجدى نفعا في ظل قرارات الحكومة "الضعيفة" حسب وصفهم، معتبرين أن الأولوية الآن لدعم شركات القطاع العام القائمة، وتشجيع القطاع الخاص على توسيع خطوط إنتاجه.
الدكتور أمير الكومي، مستشار ورئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك، رأى أن توجيهات الرئيس لا تزيد عن كونها مجرد تصريحات إعلامية للتهدئة، لا تُغني ولا تُثمن من جوع، خاصة وأنه لم يتخذ قرارًا بذلك سواء في الاجتماعات الوزراية أو البرامج المعلنة.
وأكد في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن الحكومة في الفترة الأخيرة أقبلت على اتخاذ قرارات متناقضة، ففي الوقت الذي تحاول فيه ضبط أسعار السلع والمنتجات، التي ارتفعت بنسبة 120%، نجدها تقر بزيادة الجمارك ما بين 20 إلى60%.
وقال الكومي، إنه قبل الحديث عن تنسيق الحكومة مع القطاع الخاص لإنتاج السلع الغذائية، لا بد من تشجيع هذا القطاع، من خلال الإعفاءات الضريبية، كي يزيد من خطوط إنتاجه داخل السوق المحلي.
وشدد على أهمية أن تخلق الدولة حالة التنافسية في السوق في ظل الأدوات المتوفرة لديها في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن القطاع العام يمتلك العديد من المصانع الغذائية مثل "مصنع قها"، ويبلغ عددها نحو 76 شركة.
وتابع: "خطوط شركات القطاع العام الإنتاجية متهالكة للغاية، وتعبئتها سيئة رغم جودة المنتج، ومن المفترض أن تولى لها الحكومة اهتمام بإعطائهم الامتيازات وتطوير تلك الشركات وإعادة هيكلتها"، مؤكدًا أن الدولة إذا لجأت إلى هذه الخطوة فسوف تسد 40% من الفجوة الغذائية، على أن يتم إرجاء الإدارة للقطاع الخاص.
وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي الاقتصادي المصري، إن الطرح في حد ذاته جيد، غير أن الحكومة ضعيفة وغير قادرة على العمل، وآن الأوان لتغييرها، حال عجزها عن ترجمة تلك التوجيهات إلى أرض الواقع.
وأوضح في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، تتطلب أن يكون هناك دراسة جدوى اقتصادية للمشروعات التي يقبلون على تنفيذها، ومن الممكن أن توفر الدولة الأرض، وتضخ جزءا من رأس المال إلى جانب رأس مال القطاع الخاص.
وأضاف عبده، أنه في حالة أخذ الموضوع بجدية من الممكن أن نعمل خطوط إنتاج محلية للسلع الغذائية، على أن يتم الاعتماد بشكل أساسي على المواد الخام المصرية، مشيرًا إلى أنه في حالة استيراد المواد الخام غير المتوفرة في السوق سيكون ذلك أفضل من الاستيراد الكامل للسلع.
وأشار إلى أن الاتجاه لعمل مشاريع من هذه النوعية سيساهم في تنشيط السوق والبورصة وخلق فرص للعمل، والأهم هو تلبية احتياجات الشعب المصري، شرط أن تتحول إلى واقع.