17 ديسمبر 2015 .. كان موعد اتفاق الصخيرات بين بعض أطراف الصراع في ليبيا تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات في المغرب التي انبثق عنها تشكيل حكومة وفاق وطني بقيادة فايز السراج.
كان مهندس الاتفاق المبعوث الأممي لليبيا مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الأهلية الليبية والذي بات موقفه أكثر تذبذبا في الآونة الأخيرة، ووقع على هذا الاتفاق 22 برلمانياً ليبياً على رأسهم صالح محمد المخزوم عن طرف المؤتمر الوطني العام و محمد علي شعيب عن طرف مجلس النواب الليبي في طبرق.
حكومة الوفاق من اسمها جاءت للم الشمل وتوحيد الفصائل المتنازعة في ليبيا تحت لوائها إلا أن واقع الأمر أنها مع مرور الوقت زادت الأطراف المتصارعة واحدا، وأصبحت جزءا من الأزمة السياسية والحرب الأهلية الدائرة منذ عدة سنوات.
ورغم تأييد نواب من جانبي الصراع " المؤتمر الوطني العام في الغرب" و"برلمان طبرق في الشرق" إلا أن الطرفان رفضا الانصياع لحكومة الوفاق ما صعب مهمتها في ليبيا.
مفقودة الثقة في الشرق
في بداية تشكيل حكومة الوفاق الوطني حصلت على دعم من 100 نائب وقعوا على بيان مشترك ولكن هذا لم يكن كافيا لمنحها الثقة.
وفي وأواخر يناير 2016 رفض البرلمان الليبي في طبرق التشكيلة الوزارية المقدمة من حكومة الوفاق الوطني بواقع 89 صوتًا من أصل 104 حضروا الجلسة، مطالبًا بتشكيل حكومة مصغرة من سبع عشرة حقيبة وتقديمها خلال عشرة أيام من تاريخ الجلسة.
ورأى البرلمان أن هناك أخطاء كارثية ارتكبها المجلس الرئاسي أثناء اختيار هذه الحكومة لمجاملة الميلشيات وقوى الإسلام السياسي وكان هناك اتفاق على أن تكون الحكومة مصغرة، لكن فجأة تم تشكيل الحكومة جاء بعدد 32 وزيرا.
في 20 مايو أعلن خليفة حفتر قائد عملية الكرامة التابع لبرلمان طبرق أن قواته لا يمكن "على الإطلاق" أن تنضم لحكومة الوفاق الوطني قبل حل "الميليشيات" المتحالفة معها.
وطوال شهور فشل برلمان طبرق في الانعقاد بسبب عدم اكتمال النصاب لعشرات المرات، وعندما اكتب النصاب في 22 أغسطس رفض نواب البرلمان الليبي في طبرق منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني.
ورفض 61 نائبا منح الثقة، في حين منحها نائب واحد، وامتنع الباقون عن التصويت في الجلسة ومنح المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فرصة أخيرة لتشكيل حكومة مصغرة.
مرفوضة في الغرب
لم يكن وضع حكومة الوفاق في الغرب أفضل حالا فظلت لمدة ثلاثة أشهر من تشكيلها تعمل من خارج البلاد في تونس، حيث رفضت سلطة المؤتمر العام دخول حكومة السراج للعاصمة لمباشرة أعمالها وهددت باعتقال أعضائها.
وفي 30 مارس وتحت وطأة الضغوط الدولية تمكنت على متن فرقاطة إيطالية الدخول إلى ساحل العاصمة، وبدأت أعمالها من القاعدة البحرية حتى تم تأمين مقر الحكومة في طرابلس.
وبعد فترة هدوء في طرابلس وبعد أن أصبحت معقلا لحكومة السراج أعلن رئيس حكومة المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، خليفة الغويل في 15 أكتوبر 2016 أن حكومته هي الحكومة الشرعية، وذلك عقب سيطرته على مقار السلطة في العاصمة الليبية، طرابلس.
وكرد فعل على هذه الخطوة أمرت حكومة الوفاق باعتقال كل من تورط في اقتحام المقار في طرابلس، متهمة إياهم في محاولة زعزعة الاستقرار السياسي والأمني.
خسارة الموانئ النفطية
الضربة الأكثر وجعا التي تلقتها حكومة الوفاق كانت في منتصف سبتمبر الماضي حين سيطرت قوات حفتر على موانئ رأس لانوف والسدر والبريقة النفطية بعد اشتباكات عنيفة مع قوات حرس المنشآت المؤيدة لحكومة الوفاق.
وقال حفتر: "الحراك العسكري كان بهدف تحرير هذه المنشآت النفطية من قبضة ميليشيات خارجة عن القانون كانت تسيطر على هذه الموانئ، وتعتمد أسلوب الابتزاز للحصول على أموال طائلة".
هزيمة داعش
الإنجاز الملموس الذي حققته حكومة فايز السراج هي طرد تنظيم داعش من معقله الرئيسي في سرت الذي كان يتخذ منها قاعدة انطلاق تجاه الهلال النفطي، عندما أطلقت عملية البنيان المرصوص لتحرير المدينة مايو الماضي.
ومع تدخل الطيران الأمريكي في المعركة في أغسطس الماضي تلقى التنظيم ضربات موجعة بعد48 ضربة جوية استهدفت مخازن الأسلحة والكثير من عناصر التنظيم والسيارات الخاصة به.
وأعلنت قوات البنيان المرصوص 5 ديسمبر انتهاء معركة سرت وتحرير كامل المدينة من فلول تنظيم "داعش"، مفيدة بانهيار مقاومة مسلحي "داعش" في حي الجيزة البحرية آخر موطئ قدم للتنظيم بسرت، ومقتل 22 مسلحا واستسلام 12 آخرين وإجلاء 4 نساء.
وتدور اشتباكات عنيفة بين الميليشيات المتناحرة في طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق ووضع كل ميليشيات حواجز أسمنتية استعدادا لمعارك أكبر.