يبدو أن مصر على أعتاب مرحلة جديدة من الغلاء وارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة، غير تلك التي شهدتها مؤخرًا بعد رفع أسعار الوقود وزيادة التعريفة الجمركية وإقرار القيمة المضافة وتحرير سعر صرف الجنيه.
ويأتي الغلاء هذه المرة بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية، بعد اتفاق أوبك على خفض الإنتاج الأسبوع الماضي، وهو ما قد يدفع الحكومة للتعجيل بخطواتها نحو رفع الدعم عن الوقود، وذلك لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي، للحصول على الشرائح المتبقية من القرض.
وسجلت أسعار النفط ارتفاعًا هائًلا، حيث تخطت الـ 55 دولارا للبرميل لأول مرة منذ 16شهرا، وعلى إثر ذلك، فإن شركة "بلتون" المالية، توقعت أن ترفع الحكومة في مصر أسعار البنزين والسولار نحو 100 أو 150%.
150 % زيادة
وأرجعت "بلتون" في تقرير له، هذه الزيادة بسبب تخصيص الحكومة فى ميزانية السنة المالية 2017 نحو 35 مليار جنيه لدعم الطاقة اعتمادًا على فرض أن سعر البترول 40 دولارًا للبرميل في المتوسط وسعر الدولار 9 جنيهات، ولكن بعد تعويم الجنيه واتفاق أوبك خفض الإنتاج فإن الدولار قفز من 9 إلى 18 جنيهًا وسعر برميل البترول زاد من 45 إلى 52 دولارًا.
وأضح التقرير أن تعويم الجنيه واتفاق أوبك دفعا فاتورة الدعم للزيادة بنحو 150% لترتفع إلى 90 مليار جنيه، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتوقع فيه الحكومة عجزًا بنحو 319.5 مليار جنيه فى السنة المالية 2017، إضافة إلى مطالبتها بخفض هذا العجز تلبية لشروط صندوق النقد.
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إننا نعيش فترة صعبة للغاية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار، وهو ما يزيد العبء على كاهل المواطن، بسبب ارتفاع أسعار النفط عن التقييم الذي سبق وحددته الحكومة بنحو 40 دولارا للبرميل.
الدين المحلي
وأوضح في تصريحات لـ "مصر العربية"، أن هذا الأمر سيزيد العبء على الموازنة المصرية وبالتالي تفاقم الدين الداخلى، حيث ستكون الدولة مطالبة بضخ حوالي 800 مليون دولار شهريًا للحصول على احتياجاتها من النفط، خاصة بعد تراجع شركة «أرامكو» السعودية عن اتفاقها مع مصر.
وتوقع النحاس، أن تقوم الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار إلى نحو 120%، متابعًا أنه لو أخذنا في الاعتبار رفع الدولة لأسعار الوقود بالتزامن مع تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، من الممكن أن تصل نسبة الزيادة إلى 95% أو 105%.
وتابع، أن رفع أسعار الوقود من شأنه زيادة التكلفة في كل القطاعات وهو ما يتبعه ارتفاع في الأسعار، ويتحملها المواطن في النهاية، مؤكدًا على أن تحرير أسعار الوقود ستتم خلال العامين المقبلين، تنفيذًا لشروط صندوق النقد وفقًا للبرنامج الذي تقدمت به الحكومة.
عجز الموازنة
وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، إن اتفاق أوبك الأخير ورفع أسعار النفط، سيؤدي إلى بلا شك إلى عجز الموازنة العامة للدولة، لأن الفاتورة التي ستدفعها ستكون أكبر.
وأضاف في تصريحات لـ "مصر العربية"، أننا لا نمتلك حكومة قادرة على التفكير قبل اتخاذ القرارات، حيث أنها لم توفق بين سياساتها النقدية والمالية على الأوضاع الاقتصادية، مشيرًا إلى أن عجز الميزانية كان سيزيد بعد تعويم الجنيه، والآن سيزيد أكثر وأكثر.
وأشار عبده، إلى أن العجز في الميزانية، سيتخطى توقعات الحكومة المقدرة بنحو 320 مليار دولار، وذلك لأنها قدرت سعر برميل النفط بـ 40 دولار، بينما كان أقل سعر له خلال هذا العام 43 دولار والآن تجاوز الـ 53 دولار.
زيادة الأسعار
وقال، إن الحكومة ملزمة برفع الدعم عن الوقود خلال 5 سنوات بشكل تدريجي، وهو ما بدأت فيه بالفعل، حيث ارتفعت أسعاره خلال العام الماضي، وفي هذا العام بالتزامن مع تحرير سعر صرف الجنيه المصري.
في المقابل يرى الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن ارتفاع أسعار النفط ربما يدفع الحكومة لتحريك أسعار البنزين ورفعها قبل الميعاد المحدد، والمفترض أن يكون مع ميعاد استلام الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، وربما رفعها في فبراير بدلًا من مارس المقبل.
وقال في تصريحات خاصة لـ مصر العربية"، أن الحكومة ستتحمل عبء الزيادة في أسعار النفط إلى أن يتم رفع أسعارها، وهو ما يتسبب في زيادة معدلات الدين الداخلي وعجز الموازنة.
وأشار فهمي، أنه بعد رفع أسعار البنزين والوقود في مصر، سيتحمل المواطن هذه التكلفة والزيادة، الأمر الذي يؤدي إلى التضخم بسبب زيادة الأسعار مع تدني المستوى المعيشي والدخل القليل.