قبل نحو شهرين كانت سعيدة البالغة من العمر 18 عاما، ترقد داخل مستشفى مدينة الحديدة اليمينة، عبارة عن هيكل عظمي نتيجة سوء التغذية التي تضرب اليمن، واليوم بدأت صحة هذه الفتاة تتحسن لكن ما زال الطريق العالج طويل.
مجلة "باري ماتش" الفرنسية سلطت الضوء على الفتاة اليمنية سعيدة أحمد باغيلي، التي صدمت صورها العالم نتيجة سوء التغذية التي تضرب اليمن.
بابتسامة على وجهها تشعر سعيدة ببصيص أمل، بعد أن كانت تجلس على سرير في المستشفى قبل نحو شهرين بجسد هزيل وأعضاء متهالكة وأعين نصف مغلقة، في وضع صحي خطير، بسبب سوء التغذية الحاد الذي تعرضت له بشكل ملحوظ منذ بداية الصراع بين الحكومة والتحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين الشيعية المدعومة من إيران.
دخلت سعيدة المستشفى في أكتوبر الماضي، حيث كان يبلغ وزنها 11 كيلوجراما، واليوم زاد وزنها أكثر من خمسة كيلوجرامات، وبدأت تبتسم للأطباء والأقارب، بعد أن كانت تكافح من أجل البقاء مستيقظة.
لكن الأطباء لا يعرفون إلى متى سيستمر العلاج "فعظامها أصبحت هشة ولم تعد لنموها الطبيعي" كما يؤكد الدكتور وصفي زكريا، بمستشفى الثورة بصنعاء، مشيرا إلى أنه في جميع الاحتمالات، لن تعود سعيدة الى طبيعتها.
والد سعيدة الذي يعيش حاليا في غرفة بأحد الفنادق القريبة من المستشفى، لم يخف هو اﻷخر قلقه على ابنته قائلا ”إنها لا تأكل شيئا سوى السوائل الطبية، أعددنا لها عصير فواكه وحليب مع الموز، لكنها لم تستطع شرابه".
ووفقا لإحدى الممرضات التي ترعاها في المستشفى، سعيدة واحدة من بين 14 مليون يمني يفتقرون إلى الغذاء، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب جراء الحرب الدائرة هناك.
وكانت تعاني سعيدة، التي تعيش في قرية تقع على بعد مئات الكيلومترات من الحديدة، منذ عدة سنوات من نقص في الغذاء.
"كانت على ما يرام ويصحة جيدة، لم يكن لديها اية مشكلة” تقول عمة سعيدة، مؤكدة أنها أصيبت بالمرض قبل خمس سنوات، حيث باتت لا تستطيع الأكل بسب آلام بحلقها، ولمدة شهرين، ظلت تعاني من الإسهال، ولم يتم عالجها بسبب عدم وجود مال مع عائلتها، وفي النهاية تم مساعدتها من بعض الناس الكرماء، دون أن تعطي تفاصيل عن هويتهم.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، أكثر من نصف اليمنيين يحصلون على حاجتهم من الطعام بالكاد، أي أن سبعة ملايين من االسكان في حالة طوارئ غذائية، بزيادة قدرها 15٪ مقارنة بالعام الماضي.
وبينت أنه من بين بين هؤلاء، ثلاثة ملايين طفل دون سن الـ 5 سنوات، أصبحوا عرضة لخطر سوء التغذية الحاد، ففي محافظة تعز، واحد من كل أربعة أطفال يعانون من الجوع.
وأكدت المجلة الفرنسية أن ليس هناك أي علامات على تحسن اﻷوضاع في اليمن، فرئيس البلاد، عبد ربه منصور هادي، رفض مؤخرا خطة الأمم المتحدة للسلام، لإنهاء الصراع الذي أدى إلى أكثر من 7000 قتيل وواكثر من 37 ألف جريح، كما شرد ثلاثة ملايين شخص.