اتفق مصرفيون على أن تطبيق قرار زيادة الجمارك على الكثير من السلع بالإضافة إلى موافقة الصين على التعامل بالجنيه المصري مقابل اليوان الصيني بدلا من الدولار سيسهم خلال الفترة المقبلة على استقرار نسبي في سعر الدولار.
إلا أنهم اختلفوا حول السعر العادل مؤكدين أنها مسألة معقدة جداً وتحتاج لحسابات دقيقة تتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي الحالي والمستهدف، ومعدل الإنتاج القومي الإجمالي، ونسبة التضخم ومقارنتها بأسعار الفائدة داخل السوق، وعجز الميزان التجاري، وحجم الذهب والاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وموارد البلاد من النقد الأجنبي، والالتزامات الخارجية والديون قصيرة الأجل المستحقة على الدولة وغيرها.
كما يتوقف السعر العادل للعملة على خطة الدولة وما إذا كانت تريد زيادة الصادرات والحد من الواردات أم إنعاش السياحة والاستثمارات، لأن تقوية الجنيه أكثر من اللازم مقابل الدولار لن يكون مثلا في صالح السياحة.
وطالبوا الحكومة بعدم الاقتصار على تقليل النفقات فقط بل العمل على زيادة الإنتاج وتشجيع مصادر النقد الأجنبي من سياحة واستثمارات وتحويلات للمصريين بالخارج.
وأوضحوا أن هناك التزامات وديون خارجية مستحقة على مصر في العام المقبل تقارب 10 مليارات دولار، وعدم وجود مؤشرات تؤكد قرب تعافي موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات رئيسية كالسياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية، وأن السيولة الدولارية الأخيرة، التي ترتب عليها زيادة الاحتياطي الأجنبي لأكثر من 23 مليار دولار، هي أموال لم تأت من مصادر ذاتية، أي ليست أموالا طازجة، بل نتجت عن التوسع الكبير في الاقتراض الخارجي.
وتراوح سعر صرف الدولار في البنوك ، اليوم الخميس، من18 جنيها للشراء إلى 18.25 جنيها للبيع ، في موجة ارتفاع شهدها الدولار منذ قرار تعويم الجنيه أول نوفمبر الماضي وصلت فيها الزيادات إلى ما يقرب 4.5 جنيه في شهر واحد.
وقال الخبير المصرفي، محمد فاروق، إن استقرار سعر الدولار مرهون بتخفيض الاستيراد الفترة القادمة الذي يستنزف مليارات الدولارات من النقد الأجنبي للدولة، والابتعاد عن استيراد السلع التي يمكن إنتاجها في مصر وقد يؤدي إلى تحقيق هذه الغاية قرار زيادة الجمارك على بعض السلع الذي صدر مؤخرا.
وتوقع فاروق في تصريحات لـ" مصر العربية" أن يصل سعر الدولار في حالة تخفيض الاستيراد وانخفاض الطلب على العملات الأجنبية إلى 12 جنيها في أسوأ الأحوال.
وأشار إلى أن الدولار خلال الأيام القادمة قد يصل إلى 15 جنيها بعد التعامل باليوان في المعاملات التجارية مع الصين والتي نتسورد منها غالبية احتياجاتنا.
ونشرت الجريدة الرسمية أول الشهر الجاري قرار رئاسيا بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية وزيادتها على 364 سلعة، بنسب تتراوح بين 50 و500%.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه اليوم بمناسبة المولد النبوي الشريف إن السلع الأساسية لن تمس بأي قرارات اقتصادية أو زيادة الدولار، مؤكدا أن السعر العادل للدولار أقل من السعر الحالي بكثير والذي يتراوح من 18 إلى 19 جنيها، وأنه سيحدث استقرار له خلال 6 شهور .
وفي مطلع أغسطس الماضي، قال السيسي إن الذين يحتكرون الدولار، باعتباره سلعة تجارية، سيتدفقون على البنوك في اليوم التالي لتغييره. وكان الدولار يساوي حينذاك 8.88 جنيه ، وارتفع ليصل إلى نحو 18.30 جنيه في السوق الرسمية، بعد قرار تعويم العملة المحلية في مطلع الشهر الماضي.
أستاذ الاقتصاد وخبير التمويل، مدحت نافع ، قال إنه لا يوجد ما يسمي سعر عادل للدولار، ولكنه يتم حسابه على أساس السعر السوقي التوزاني وهو الذي يلتقي عنده حجم العرض والطلب الفعليين في السوق، ولكنه من الصعب حاليا الوصول إلى سعر مستقر توزاني للدولار في ظل عدم وضوح المعروض الدولاري لأنه ما زال الكثير من الأشخاص يقومون بتخزين الدولار.
وأضاف نافع لـ" مصر العربية" أن قرارت رفع الجمارك على بعض السلع والصادر الشهر الماضي قد تتسبب في تقليل الطلب على العملات الأجنبية للحفاظ على المعروض الدولاري وتحقيق استقرار في سوق الصرف.
وأكد أن تحديد الرئيس مدة 6 شهور لاستقرار سعر الدولار وانخفاضه ربما تكون مربوطا بتقارير وردت إلىه لم يتم الإعلان عنها حتى الآن.
واتخذ البنك المركزي بداية الشهر الماضي قرارا بتحرير سعر صرف الجنيه وتركه لحركة العرض والطلب، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في السوق لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي بهدف استعادة تداوله داخل القنوات الشرعية.
وقال خبير سوق المال وائل النحاس إنه من الصعب أن ينخفض سعر الدولار خلال فترة الـ 6 شهور التي حددها الرئيس، وخاصة مع تراكم الديون الجديدة على الدولة وحجم القروض الخارجية التي ستقوم الدولة بتسديدها خلال الفترة القادمة، وتدهور مؤشرات الاقتصاد المصري ووصل معدل التضخم إلى 19.4 %.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ،اليوم الخميس، عن تسجيل التضخم أعلى مستوياته منذ عام 2008 ، ليسجل 19.4% ، وذلك بسبب القرارات الأخيرة التي أتخذتها الحكومة والتي من بينها تعويم الجنيه وزيادة الجمارك على بعض السلع ، مما أدى إلى قفزة في الأسعار تجاوزت 200 %.