أعرب عدد من علماء الأزهر، عن سعادتهم بخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، موضحين أن الخطاب ركز على أهمية الأزهر ودوره المحوري في مصر، والأمة العربية والإسلامية، مشيرين إلى أن تأكيد الرئيس على احترام شيخ الأزهر والعلاقة الطيبة بينهما تعد لفتة محفوفة بالذكاء.
وأكد علماء الأزهر، أن الرئيس السيسي حرص على إيصال رسالة للجميع، محتواها أن الأزهر هو القائد وصاحب الكلمة الأولى في قضية تجديد الخطاب الديني، مطالبين وزارة الأوقاف بتحويل خطاب الرئيس إلى خطط عمل.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد في خطابه اليوم، أن مصر في حاجة ماسة لتجديد الخطاب الديني مما هو دخيل على ديننا الحنيف، ومشددا على أن تصويب الخطاب الديني لا يعني المساس بالثوابت، وذكر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- قاد ثورة هائلة من التحولات الفكرية والسياسية والاقتصادية.
وأعرب الرئيس عن حاجته لتشكيل لجنة من علماء الدين والاجتماع والنفس للتباحث في نقاط القوة والضعف التي يعاني منها المجتمع المصري، ووضع خطة على مدار 5 سنوات تهدف إلى ترسيخ الفهم الديني الصحيح في عقول المصريين.
وخلال خطابه، داعب الرئيس عبد الفتاح السيسي، شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، قائلًا: "أنا بحبك يا فضيلة الشيخ.. وأوعى حد يعتقد غير كدة ألا تكون كارثة"، كما عاتب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بسبب تسرعه في إطلاق تصريحات الخطبة المكتوبة.
الأزهر روح مصر
بدوره قال الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية الوافدين بالأزهر، لـ"مصر العربية"، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص على إيصال رسالة للجميع تشيرا إلى أن الأزهر هو صاحب الرسالة الأولى في مسألة تجديد الخطاب الديني، وهو القائد في ذلك، وأنه على الجميع أن يتعاون مع الأزهر سواء كان الأوقاف أو مؤسسات الدولة المعنية بذلك الأمر.
وأضاف: "ما قاله الرئيس لفته محفوفة بالذكاء يرسلها للداخل والخارج، بأن الأزهر هو روح مصر وقوتها الناعمة التي لا يمكن التفريط فيه، ولا فى علمائه وأبنائه ".
وأوضح فؤاد، أن الرئيس شدد على أن الوقت الراهن وقت اتحاد لا وقت تفريق، وأكد أن الإسلام دين سماحة ويسر، وأنه لا يدعو للتكفير أو القتل أو غير ذلك، ومن يرتكب هذه الجرائم لا يعرف جوهر الإسلام الحقيقي.
وأشار عميد كلية الوافدين بالأزهر، إلى أن الرئيس حرص على التنويه إلى أن الجميع خلف الأزهر، وأن رئاسة الجمهورية تعرف قيمة وقامة الأزهر.
وأضاف: اعتقد أنه يجب على كل من يهاجمون الأزهر بأفكارهم أن يتوقفوا عن هذا الهزل، ويعلموا أن الأزهر ليس لقمة سائغة لكل أفاك أثيم، وأن من يهاجمون الأزهر وما يقوم به في مسألة تجديد الخطاب الديني هم مفلسون فكريا، وليس لديهم خريطة للتجديد حتى يتحدثوا عن التجديد".
وأكد أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر، أن الرئيس نفى الشائعات التي دندن بها بعض المتربصين فى وسائل الإعلام بأن هناك خلاف بين الإمام الأكبر ومؤسسة الرئاسة، وهذا غير صحيح فالرئيس من خلال حديثه لقن هؤلاء أحجارا في أفواههم، ويكفيه أنه قال بتلقائيه أنه يحب الإمام الأكبر.
وتابع : "نحن أبناء الأزهر نحب من يحب إمامنا وأزهرنا وبلدنا وشعبنا، فالمحبة لا تولد إلا المحبة وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، والأزهريين تربوا على المحبة للآخرين وتعلموا هذه المحبة من الدين الإسلامي الحنيف، لذا لا ترى أزهريا واحدا تربى على منهج الأزهر يكره مصريا واحدا مسلما كان أم مسيحيا".
رئيس متدين
أما الدكتور سالم عبد الجليل وكيل الأوقاف الأسبق، وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، فقال إن أهم الرسائل التي وجهها الرئيس في خطابه اليوم هو تأكيده المستمر على أهمية الأزهر ودوره المحوري ليس في مصر فقط وإنما في الأمتين العربية والإسلامية.
وأضاف سالم عبد الجليل لـ" مصر العربية"، : "كان مهم جدا تركيز الرئيس السيسي على احترامه لشيخ الازهر والعلاقة الطيبة بينهم وهذا المنطق والطبيعي، لأنه رجل متدين بغض النظر عن كونه رجل عسكرى وقد راينا هذا في شغلنا معه".
وأشار وكيل الأوقاف الأسبق، إلى أن الرئيس السيسي طالب الأئمة والدعاة بأن يكونوا على قدر المسئولية، وأن يجددوا من خطابهم الديني، وأن يتم تشكيل لجنة من علماء الاجتماع لإعادة المواطن المصرى الى الفطرة السليمة.
وطالب أستاذ الثقافة الإسلامية، وزير الأوقاف بأن يوجه مساعديه بأن يحللوا خطاب الرئيس السيسي ، ويحولوه إلى خطط عمل لتخرج أهم النقاط التي ركز عليها الرئيس في خطب الجمعة، كما كانت تفعل وزارة الأوقاف في عهد الدكتور حمدي زقزوق.
مؤتمر عالمي
ومن ناحيته قال الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، إن الخطاب كان خطابا شفافا وشاملا لا ينقصه أى شيء من الوضوح سواءً ما يتعلق بتجديد الخطاب الديني، أو بمصارحة الشعب المصري بالأوضاع التي تواجه البلاد، وكان واضحا في مطالبته بأن نقطع الكلام ونتوجه للعمل والتطبيق.
وذكر العبد أن اللجنة الدينية بالبرلمان، تعتزم عقد مؤتمر صحفي عالمي الأسبوع القادم، يحضره قيادات المؤسسات الدينية (الأزهر – الإفتاء - الأوقاف) ووزراء الشباب والرياضة والثقافة والتعليم من أجل دراسة خطاب الرئيس.
ولفت رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، إلى أنه يجب على المؤسسات الدينية والتعليمة والثقافة والشباب والرياضة أن التعاون في مجال واحد لإظهار سماحة الدين، والتأكيد أن الدين الإسلامي دين لا يعرف العنف أو الكراهية أو التعصب، وإنما هو دين المحبة والسلام والتعاطف، ولا يقف عند المسلمين فقط وإنما يتعداه إلى غير المسلمين
من جانبها قالت الدكتورة أمنة نصير، عضو مجلس النواب وأستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، إن كلمات الرئيس كان فيها نوع من المداعبة للإمام الأكبر ووزير الأوقاف وكانت ممتلئة باللطف، فتكلم عن تجديد الخطاب الديني بما لا يمثل الثوابت، وأن نخاطب الناس بلغة تتناسب مع هذا الزمان.
وأشارت إلى أن الرئيس مس قضية فشل أصحاب الديانات السماوية في تقديم الخطاب الذى يصلح حال البشرية، وهذه نقطة فيها نظرة شمولية للإنسانية وليس المسلمين فقط، كما تضمن خطابه بعض التحذيرات من الفساد.
جهات أمنية
بينما أكد الدكتور عبد العزيز النجار مدير عام الوعظ بالأزهر، أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس جديدا، فالحديث عن تجديد الخطاب الديني لم ولن ينتهى، فكلما وجدت الحياة كلما كان هناك متطلبات للتجديد لكن هذه المرة تمتاز بأن الرئيس وضع آليات وخطط زمنية للإصلاح وتصحيح المفاهيم الدينية".
وقال مدير عام الوعظ بالأزهر، : "إن اقتراح الرئيس المتعلق باللجنة العلمية التي تضم علماء من كافة التخصصات، نقطة مهمة لأن الجميع يعلم أن تنشئة الشباب صار علم له أصول وقواعد، ولا يمكن أن ينفرد بالتنشئة داعية فقط كما كان في السابق، بل المناهج التربوية الإسلامية وغير الإسلامية لابد أن يشارك فيها علماء".
وشدد النجار على ضرورة أن يشارك متخصصون بالجهات الأمنية في اللجنة العليمة، لتزويد اللجنة بالمعلومات والفكر الوافد وما تنتج عنه التحقيقات والمضبوطات حتى يمكن وضع خطة شاملة كاملة تحد من الفكر المتطرف الوافد إلينا، مشددا على ضرورة استمرار اللجنة بعد 5 سنوات وأن تطور نفسها حسب الأحداث والأفكار الوافدة.