السياسة ليست بالعمل الخيري، أو من أعمال البشر والإحسان، هكذا يرى الدكتور علي الدين هلال، وزير الشباب الأسبق وأمين الإعلام بالحزب الوطني المنحل، العلاقات بين الدول وبعضها وأن المصالح هي التي تحدد طبيعتها.
وأضاف هلال، في حوار لـ"مصر العربية"، أن أزمة قطر مع مصر لم تبدأ بعد 30 يونيو، لكنها موجودة منذ عهد مبارك، ملخصا الأمر في أنها تبحث عن دور وتُقدم نفسها على أنها داعمة للانتفاضات الشعبية في الدولة العربية سواء بالمال أو بالسلاح.
من يعترض يُتهم بـ الفلول أو الأخونة
على الحكومة عدم المقامرة بمصير الفقراء
القروض ليست عملاً خيرياً ولا زكاة
المنطقة العربية يسودها الاضطراب السياسي
إسقاط بشار يعني تسليم سوريا للقاعدة أو داعش
هجوم قطر على مصر للفت الأنظار
30 يونيو أفسدت مخططا أمريكيا تركيا
"ترامب" أول رئيس أمريكي لم يمارس السياسة
سيطرة المستقلين على البرلمان ليس جيدا ويأتي بسيولة سياسية
وسائل الإعلام لها أجندة سياسية تخدم رأس المال
تدخل رجال الأعمال في الحكم أسقط مبارك
الحديث عن ترشح جمال مبارك للرئاسة "عبث"
وإلى نص الحوار..
هل الوضع السياسي الداخلي مضطرب؟
دخلت مصر في مرحلة ممتدة من الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار منذ 25 يناير، فنحن مررنا بأكثر من مرحلة انتقالية مليئة بالشغب والفوضى، وأوقفنا الدستور مرتين أحدهما في 2011 و2013 ، وهذا أدى لعدة نتائج أولها أن العمل توقف 4 سنوات وانتشرت المظاهرات الفئوية ومن يعترض يُتهم بالفلولية أو الإخوان، كما توقفت العديد من المصانع وهبط الاحتياطي الاستراتيجي من 36 إلى 12 .
وما هي توقعاتك للقادم في ظل انتهاء الفترة الانتقالية بانتخاب البرلمان ؟
نحن مازلنا في مرحلة انتقال بالمعنى السياسي والممارسة؛ لأن قواعد اللعبة السياسية لم تستقر بعد، فالعلاقة بين أطراف الدولة بها شد وجذب، فمثلا النائب عبدالهادي القصبي أخرج قانون للجمعيات الأهلية دون انتظار الحكومة، ما يؤكد أنَّ الموضوع "فيه حاجة غلط"، وهناك حالة من الشد والجذب بين مؤسسات الدولة.
كيف ترى البرلمان الحالي؟
مشكلة البرلمان الحالي أن الغالبية من دون الأحزاب، وهذا أمر غير مألوف ولم يحدث من قبل، فأي انتخابات منذ 1952 كان لها عمود فقري حزبي، وللأسف أكثر كتلة برلمانية حزبية حالياً بها أقل من 100 نائب من أصل 600، مما يجعل القرار في يد الأغلبية المستقلة، وهذا نتيجته سيولة سياسية.
كيف ترى الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة مؤخراً؟
حتمية وكانت مطروحة منذ 2010، ولكنها تحتاج لاستكمال، وذلك من خلال شرح الحكومة فيما ستستخدم قرض صندوق النقد الدولي، الذي تتمثل أهميته في تأهيل مصر لاستقبال استثمارات ، مع ضرورة حل مشاكل المستثمرين، واتخاذ إجراءات عاجلة لتشغيل 100 مصنع متوقف وألا يكون هذا الأمر على الورق فقط، إضافة لرفع الرسوم الجمركية على كل شىء مستورد، و اللي عايز يستخدم المستورد يتحمل ثمنه.
كما يجب حماية الصناعة المصرية والقضاء على احتكار العائلات للصناعات، مع تفعيل جهاز حماية المنافسة، وتوفير السلع التي تغلو بالمجمعات الاستهلاكية بالأسعار التي حددتها لمحدودي الدخل.
ويجب عدم المقامرة بمصائر الفقراء؛ وذلك بمتابعة تنفيذ القرارات الحكومية كل شهر حتى لا ننتظر إلى لنهاية ونستيقظ على صدمة، وأؤكد أن تعويم الجنيه تنفيذه يتطلب قرارت أخرى جوهرها العدالة الاجتماعية وحماية محدودي الدخل والفقراء.
وكيف ترى لجوء مصر لصندوق النقد الدولي؟
كنا مُضطرين لهذا، فالقروض ليست عملاً خيرياً ولا زكاة، وحديث وسائل الإعلام عن أن موافقة البنك شهادة ثقة في الاقتصاد المصري عبث.
هل الحكومة الحالية على قدر المسئولية؟
الحكومة لا تصارح الشعب ولا تشرح له حقيقة الأمور ، وهذا ما أفقدها ثقة الناس، وهي تتبع سياسة النعام وتدفن رأسها في الرمال ؛ لذلك هي ليست جديرة بمكانها.
كيف ترى الإعلام حالياً وتناوله للقضايا المجتمعية؟
كل مؤسسة لها أجندة سياسية ، وتخدم أهداف صاحب المال سواء كان الدولة أو رجال أعمال، فأتذكر أن مالك المصري اليوم صلاح دياب كتب مقالا انتقد فيه تناول هيئة التحرير لأزمة نقابة الصحفيين.
والإعلام حالياً يُبالغ في تناول القضايا، فمثلاً يُغطون على عجز الحكومة بتضخيم نغمة تعرضنا لمؤامرة دولية، ولا يُشير لأطرافها، كما أنه يُسلط الضوء على قضايا هامشية ويثير ضجة حولها وينفخ في النار ولا يعطى الموضوعات حجمها، والإعلام "يبهيج الدنيا".
من خلال وجودك بالحزب الوطني.. هل شعرت بمقدمات لثورة؟ وما تفاصيل ما دار داخل الحزب؟
كان لدي شعور بها وأعلنت ذلك خلال اجتماعات الحزب؛ لأنه كان هناك مظاهر عديدة مثل الاحتجاجات والاعتصامات، وقلت نصاً حينها" أنا أكثر حرصا على الاستقرار السياسى من استقرار الحزب".
لماذا سقط مبارك؟
طول مدة حكمه، فكما تشيخ الأفراد تشيخ النظم السياسية وكذلك عدم نفيه موضوع التوريث بشكل حاسم, ففي نهاية حكم الرئيس مبارك لم يكن حاسمًا فى هذا الأمر كما كان من قبل, إضافة لسماحه بتدخل رجال المال والأعمال في صناعة القرار.
هل كان هناك شلة حول "مبارك" دفعته لارتكاب الأخطاء؟
كان هناك جو من الغموض والالتباس داخل الحزب، فكنا لانعرف متخذي القرارات التي كان يتحدث عنها جمال وبعض القيادات, وهذا الالتباس سمم علاقات الكثير بين القيادات وبعضهم وكان يتهكم علينا بعض قيادات الحزب صغار السن, أو ما يسمى الحرس الجديد.
بمناسبة جمال هل تتوقع ترشحه للرئاسة مستقبلاً؟
هذا هراء غير وارد ولا تتعدى كونها شائعات.
برأيك.. هل ظُلم مبارك؟
له ما له وعليه ما عليه والتاريخ هو الذي سيتحدث فأساتذة التاريخ كانوا يقولون إن التقييم الصحيح لأي زعيم سياسي يبدأ عندما يتوفى آخر الأحياء الذين شهدوا عهده، والقضاء برائه من قتل المتظاهرين.
والتاريخ قال كلمته فحدوث مظاهرات يؤكد أن النظام القديم غير قادر على حماية نفسه وأكبر غلطة لمبارك أنه استمر 30 سنة، والدرس الذي يجب تعلمه الرؤساء أنه مهما قيل لك ممن حولك أنت اللي حتنقذ مصر والكلام ده ، لا تستمر أكثر من مدتك القانونية.
العلاقات المصرية الأمريكية.. كيف تراها عقب فوز ترامب؟
أخشى من التفاؤل الشديد بترامب، فتصريحاته طوال المعركة الانتخابية مليئة بالتناقضات، فمرة يقول إنه سيسعى لإقامة دولتين لفلسطين وإسرائيل، وتارة يؤكد نقله عاصمة فلسطين للقدس، كما أنها أول مرة يتولى رئاسة أمريكا شخصية لم تعمل بالسياسة من قبل، وهذه علامة استفهام كبيرة.
وأتوقع مزيدًا من التوتر في الفترة المقبلة، في ظل إعلانه الحرب على الهوية الإسلامية، وعلى مصر إرسال أكبر الأعداد من الوفود للتواصل مع نظام ترامب بشكل أكثر قُرباً.
كيف تقرأ الوضع الإقليمي والعربي المحيط بمصر؟
أود التأكيد على أننا لا نستطيع فهم وضعنا الداخلي في غيبة مما يحدث بالمنطقة ككل والعالم العربي، فمثلاً تراجع أسعار النفط الذي أصاب دول الخليج، أثَر علينا من خلال ضعف تحويلات المصريين العاملين هناك والمساعدات، أو تراجع التجارة الدولية الذي أثر بدوره على العائد المتوقع من قناة السويس.
فالمنطقة العربية والشرق الأوسط في حالة تحولات كبرى يسودها الاضطراب السياسي مفعمة بالعنف للمليشيات المسلحة ، وأصبح العنف لغة يومية سواء في بعض البلاد مثل ليبيا اليمن سوريا أو من خلال أحداث إرهابية تحدث في بعض الدول مثل " مصر"، ناهيك أيضاً عن سيناء والأوضاع الساخنة بها.
كما أن هناك مشاريع لتقسيم المنطقة العربية لايمكن تجاهلها، فعمليا سوريا والعراق وليبيا أصبحوا مُقسمين، في الوقت الذي تصعد فيه تيارات الإسلام السياسي التي تستخدم العنف وتسعى لتغيير هوية المنطقة، فحالياً الدول تنهار وتتراجع لحساب المليشيات وتنضب قيم التسامح والتعايش بين الأديان لصالح التعصب والقتل على الهوية، وكل ماسبق تتفاعل معه مصر وتأثيراته عليها لايمكن تجاهلها.
هل السياسة الخارجية المصرية على قدر هذا الوضع المضطرب؟
مصر حققت نجاحا كبيرا على المستويين الدولي والعربي بعد 30 يونيو في مواجهة العقوبات التي كانت مفروضة عليها، فبدأت في تنويع علاقاتها بدول مختلفة أهمها روسيا سواء بشراء سلاح أو علاقات سياسية متطورة وكذلك الصين التي بدأت في تطوير التجارة معها، إضافة لزيارات الرئيس المتعددة لدول متنوعة.
هذا فيما يخص العلاقات الدولية.. ماذا عن العربية؟
هناك تحالف قائم على المصالح المشتركة منذ عهد الرئيس مبارك بين مصر ودول مجلس التعاون، ولكنه تجمد فترة حكم الإخوان؛ الذين كانوا يتصورون قدرتهم على إسقاط هذه النظم، وقطر الوحيدة الخارجة عن هذا التحالف لسلوكياتها وهجومها الدائم على مصر من خلال تصريحات مسئوليها أو قناة الجزيرة.
ولكن هناك بعض الخلافات التي ظهرت مؤخراً بين مصر والسعودية؟
هناك اختلاف حول الموقف من سوريا، فالأخوة بالخليج يعتبرون إسقاط بشار المهمة الأولى، في الوقت الذي ترى مصر ضرورة هزيمة داعش أولاً ثم يُحل الأمر بين السوريين، لأن سقوط بشار يعني تسليم سوريا للقاعدة أو داعش؛ لعدم وجود قوة معتدلة تستطيع سد الفراغ، وموقف مصر ليس اتفاقاً مع ممارسات الأسد ولكنه تحليل للواقع السياسي.
وهل للخلاف علاقة بأزمة جزيرتي " تيران وصنافير"؟
استبعد هذا الأمر تماماً؛ لأن الرئيس أقر الاتفاقية، ولكن القضاء كان له رأي آخر، وهو لايملك التدخل في هذا القرار، في ظل عدم تقديم الحكومة لدلائل تقوي موقفها، وأرفض حديث البعض عن المساعدات العربية لمصر بنبرة المعايرة؛ لأنهم يردون الدين.
قطر دولة علاقتها بمصر بها توترات كبيرة.. هل الأمر متعلق فقط بدعمهم للإخوان؟
أزمتنا مع قطر لم تبدأ بعد 30 يونيو وليست بسبب الإخوان، ولكنها موجودة منذ عهد مبارك، ويتلخص الأمر في أنها تبحث عن دور وتُقدم نفسها على أنها داعمة للانتفاضات الشعبية في الدولة العربية سواء بالتمويل أو بالسلاح، وهي دائمة الهجوم على مصر؛ لأنها تؤمن بـ" هجوم الصغير على الكبير يجعله محط الأنظار".
كما أنها تستخدم المصريين العاملين بقناة الجزيرة في الهجوم على مصر، حتى تُبرز أنها لا تُهاجمها ولكن أبنائها هم من يقومون بذلك، وهذا أمر لا ينطلي على " البلهاء" فالجزيرة جزء من كيان الدولة، ويجب أن يُدركوا أن مصر كبيرة سياسياً فأول حزب في مصر كان أيام الثورة العرابية.