درجت الطرق الصوفية في السودان منذ مئات السنين على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الساحات العامة، لكن مفارقة هذا العام كانت مشاركة "الحواتة".
والحواتة لقب يطلق على معجبي الفنان السوداني الراحل محمود عبد العزيز أحد أكثر المطربين شعبية في البلاد، والذي عرف عنه أيضا إنشاد المدائح النبوية.
في ساحة المولد بمنطقة "السجانة" وسط الخرطوم نصبت مجموعة "أبقوا الصمود" وهي إحدى مجموعات معجبي الفنان الراحل، يوم السبت، سرداق وسط سرادق الطرق الصوفية الذين رحبوا بالفكرة.
وقال المدير التنفيذي للمجموعة عبد العظيم عبد الجليل للأناضول إنهم شاركوا هذا العام "لأن الراحل المقيم (الفنان محمود) كان يحتفي ويحتفل بالمناسبة العظيمة ويشارك فيها".
وتوفي عبد العزيز في يناير 2013 عن عمر ناهز 45 عاما وبعد مسيرة فنية ثرة بدأت منذ صغره في العام 1987.
وحظيت أعمال الراحل بأرقام توزيع قياسية في السودان بما في ذلك المدائح النبوية التي كان يتقن أدائها.
وفي آخر أيام الاحتفال بالمولد النبوي والتي تعرف عند السودانيين بـ"القفلة" يتجمع آلاف السودانيين في الساحات العامة بمختلف أنحاء البلاد.
وفي ساحة المولد بمنطقة "السجانة" نصبت الطرق الصوفية التي يدين لها غالبية السكان بالولاء سرادقها حيث يردد أتباعها الأوراد والأناشيد الدينية.
وبجلاليبهم المزينة بالألوان لا سيما الأخضر يحث أتباع أي طريقة زوار الساحة لدخول سرداقهم ومشاركتهم أورادهم والمواعظ التي يلقيها شيوخ الطريقة.
ومن سرداق إلى آخر لا يغيب عن أسماع الحضور ذكر الصوفية الآسر "الله الله الله.." لا سيما عند "الدراويش"، وهو لفظ يطلقه السودانيون على المنقطعين كليا للعبادة خلافا لبقية أتباع الطريقة.
وقال الطيب محمد (40 عاما) الذي جاء إلى الساحة للاحتفال كما درج على ذلك منذ صغره " كلما رددت كلمة الله أكثر تجدني ادور بقوة أكبر حبا لمولد النبي الكريم".
ومن عادة "الدراويش" أن يدور أحدهم حول نفسه مع ترديد الأذكار فيما يحاول بعض الحضور مجاراتهم في ذلك.
وقال الشيخ أبو المعالي، أحد شيوخ الطريقة المكاشفية (نسبة إلى الشيخ السوداني عبد الباقي المكاشفي 1867م - 1960م) إن "الاحتفال بمولد المصطفي واجب على كل مسلم لأن مولده رسالة محبة وسلام لكل الناس في كافة أرجاء المعمورة".
وإفادة الشيخ هي رد ضمني على "تحريم" الجماعات السلفية للاحتفال بالمولد النبوي بوصفه "بدعة".
وفي سرداق الطريقة العزمية (أسسها محمد ماضي أبو العزائم عام 1353 هـ/1934 م في مصر)كان الشاب ناجي يطوف مجئة وذهابا وهو حافي القدمين "تقديسا لرسولنا الكريم في يوم مولده (...) يوم الرحمة لكل البشرية".
وعلى جنبات الساحة تنتشر سرادق صغيرة لبيع حلويات المولد حيث يتزاحم عندها الصغار والكبار معا.
وعند سرداق حلوى عند نهاية الساحة كان أحد الأطفال يلح على والده في السؤال إن كان سيأتي به إلى هنا الأسبوع المقبل، فيضك الوالد ويجيب "سنأتي حتما لكن العام المقبل وكل عام".