ربما لم يكن يعرف منفذو العملية الإرهابية التى راح ضحيتها 28 مواطنًا غالبيتهم من النساء والأطفال و49 مصابًا، أنّ الكنيسة البطرسية ما زالت ملطخة بدماء أول حادث اغتيال في التاريخ لسياسي مصري.
الكنيسة التى استهدفت اليوم الأحد، تعيد للأذهان ما وقع في نهايات نوفمبر عام 1910 باغتيال بطرس باشا غالي رئيس وزراء مصر.
وبنيت الكنيسة على مقبرة رئيس الوزراء الأسبق بعد تعرضه لأول محاولة اغتيال سياسي موجهة لمصري، فلم يسبقها أى حادث سوى مقتل قائد الحملة الفرنسية كليبر عام 1800ميلادية.
الانفجار داخل الكنيسة
وبنيت الكنيسة البطرسية على الطراز الإيطالي، ويبلغ طولها 28 متراً وعرضها 17 متراً، ويتوسطها صحن يفصل بينه وبين الممرات الجانبية صف من الأعمدة الرخامية فى كل جانب.
وتضم الكنيسة العديد من لوحات الفسيفساء مثل فسيفساء التعميد، والتى تمثل السيد المسيح ويوحنا المعمدان فى نهر الأردن، ويوجد أمامها حوض من الرخام يقف على أربعة عمدان، كما توجد صورة بالفسيفساء فى قبة الهيكل تمثال للسيد المسيح العرش وعلى يمينه السيدة العذراء وعن اليسار مارمرقس الرسول.
وبنيت الكنيسة التى استهدفت اليوم تخليدا لرئيس الوزراء المغتال وقتها وبدأ العمل فيها في عام 1911، فوق ضريح بطرس غالى باشا.
بطرس باشا غالي
وترجع قصة اغتيال بطرس باشا، لتنامي الحركة الوطنية التى كانت ترى أن رئيس الوزراء يميل للإنجليز على حساب المصريين.
في الساعة الواحدة بعد الظهر يوم 20 فبراير 1910، خرج بطرس غالى من غرفته فى ديوان الخارجية بصحبة حسين باشا رشدى ناظر الحقانية، وفتحى باشا زغلول (وكيل الحقانية)، وعبدالخالق ثروت (النائب العمومى)، وأرمولى بك التشريفاتى بالخارجية، ثم فارق من كانوا معه عند السلم الخارجى، وبينما هو يهم بركوب عربته اقترب منه "إبراهيم نصيف الورداني" وهو صيدلي شاب كان عائدا حديثا من إنجلترا.
تظاهر الورداني بأنه يريد أن يرفع لرئيس الوزراء عريضة شكوى وأطلق عليه رصاصتين أصابته إحداهما فى صدره، وما كاد يلتفت خلفه ليرى صاحب هذه الفعلة حتى أطلق عليه الفتى ثلاث رصاصات أخرى أصابت عنقه من الخلف واثنتين فى كتفه، وأطلق رصاصة سادسة أصابت ثيابه، وتوفي متأثرا بجروحه.
اعترف الوردانى بجريمته وبررها بأن غالي باشا وقع اتفاقية السودان فى 19 يناير عام 1899، بالنيابة عن الحكومة المصرية باعتباره وزير خارجيتها، وكان ضمن تشكيل محكمة دنشواى، وإعادته العمل بقانون المطبوعات القديم فى 25 مارس عام 1909، وقانون النفي الإداري في 4 يوليو من نفس العام، كان له الدور الرئيسي فى محاولة مد مشروع امتياز قناة السويس، كما اعترف أنه قصد قتل بطرس باشا غالى منذ زمن.
لكن غالي برأ نفسه من التهم التى وجهت إليه فقبل وفاته بدقائق نطق بآخر عبارات له قائلاً: ” يعلم الله أنني ما أتيت ضرراً ببلادي، و لقد رضيت باتفاقية السودان رغم أنفي و ما كان باستطاعتي أن أعترض عليها.
وبخصوص حادث دنشواي قال: إنهم يسندون إلي حادث دنشواي، و لم أكن منها و لا هي مني، و يعلم الله أنني ما أسأت إلي بلادي".
حاول المحتل الإنجليزي وقتها استغلال الحادث للترويج لفكرة أن الاغتيال كان نتيجة التعصب الإسلامي تجاه المسيحيين، فكان رد المحامي المسيحي ناصف أفندي جنيدي منقبادي: ” إننا جميعاً قد ضاقت صدورنا من السياسة المنحازة للإنجليز التي كان يدافع عنها بطرس باشا، وإنني لأصرح بصفتي مصرياً قبطياً أن حركتنا إنما هي حركة وطنية ترمي إلي الحرية”.
الكنيسة من الداخل
والعائلة البطرسية تعد من أقدم العائلات المصرية التى يرتبط اسمها بالتاريخ المصري وينتمي لها الراحل بطرس بطرس غالي أبرز دبلوماسي مصري والأمين العام السادس للأمم المتحدة للأعوام 1992 – 1996م، وآخر أبرز رجالها الوزير يوسف بطرس غالي وزير مالية الرئيس المخلوع حسني مبارك والهارب حاليا خارج البلاد.
بطرس بطرس غالي - بطرس غالي باشا - يوسف بطرس غالي وزير المالية