حددت الحكومة الصومالية موعدا جديدا للانتخابات الرئاسية، بعد تأجيلها 4 مرات، حيث يتطلع الصوماليون إلى الوصول من خلال هذه الانتخابات للاستقرار لطي صفحات الخلافات السياسية والصراعات القبلية، فهل ستنفذ الانتخابات في موعدها أم ستؤجل من جديد؟
وكانت حكومة الصومال أصدرت بيانًا مشتركا مع رؤساء الولايات الاتحادية واللجنة الانتخابية بالموعد الجديد للانتخابات الرئاسية، وتوقعوا أن تنتهي الانتخابات النيابية الجارية منذ أكتوبر يوم 14 من الشهر الجاري، وأن ينتخب رئيسا مجلسي الشيوخ والنواب يوم 22 من الشهر ذاته.
وعادة يختار الصومال رئيس البلاد وأعضاء البرلمان في انتخابات واحدة، وتجري بطريقة غير مباشرة حيث، ينتخب مندوبو القبائل - وليس الشعب - المجلسين بغرفتيه "الشيوخ" و"الشعب" (البرلمان)، وبدوره ينتخب الأخير رئيس البلاد من بين المرشحين للرئاسة، لكن بسبب التأجيل المستمر بدأت انتخابات البرلمان قبل الرئاسة.
تأجيل مستمر
وأجل موعد الانتخابات الرئاسية 4 مرات، حيث كان يفترض أن ينتخب أعضاء مجلس الشيوخ والنواب رئيس البلاد في أغسطس الماضي، لكنه أرجئ إلى 10 سبتمبر ، ثم 30 أكتوبر ثم 30 نوفمبر.
وبعد الإطاحة بالحكم المركزي عام 1991، ودخول البلاد مرحلة الفوضى التي أتت على الأخضر واليابس، خاض الصومال 4 انتخابات رئاسية وبرلمانية، 3 منها عقدت خارج البلاد في كينيا وجيبوتي، بينما الأخيرة التي انتخب فيها الرئيس الحالي الذي انتهت ولايته في العاشر من سبتمبر الماضي) كانت داخل الدولة.
وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قد تعهد عقب ولايته بإجراء انتخابات مباشرة من أجل تحويل الواقع السياسي الصومالي للأفضل، لكن أعلن مؤخرًا أنّه مضطر لإجراء انتخابات غير مباشرة بسبب الأزمات السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد.
تحديات قبلية
بيد أن ثمة تحديات قد تبقى عالقة أمام اكتمال مؤسسات الدولة على رأسها المحاصصة القبلية، فضلا عن الجانب الاقتصادي الهزيل، على الرغم من أنَّ الصومال حافظت على اقتصاد صحي غير رسمي يقوم على أساس الثورة الحيوانية والتجارة وخدمات النقل والمواصلات والاتصالات والخدمات المالية وشركات الطيران والتعليم والصحة والبناء والفنادق.
ورغم شح الإحصاءات الرسمية إلا أن المتوفر منها بحسب تقارير إعلامية يشير إلى أن الاقتصاد الصومالي شهد على مدى سنوات معدلات نمو بلغت في المتوسط 2.6%، وقدر الناتج المحلي الإجمالي عام 1994 ثلاثة مليارات وثلاثة ملايين دولار أمريكي، حتى وصل عام 2010 إلى مايقارب 6 مليارات دولار، وارتفعت قيمة العملة الصومالية " الشلن"، حيث تراجع سعر الدولار من نحو 32 ألف شلن صومالي عام2011، إلى 1016 "شلن" عام 2012 .
واستمر الاقتصاد بسلبياته وإيجابياته خاصة بعد عام 2012، رغم الوضع الأمني غير المستقر، لكنه أعطى مؤشرات مبشرة خاصة مع نجاح الحكومة في عدد من الملفات أهمها تشكيل الولايات الفيدرالية، ولجنة ترسيم الحدود، ومن قبلهما لجنة الدستور، وتكوين المفوضية القومية للانتخابات.
أجندات محلية ودولية
بدوره قال الدكتور مختار غباشى ـ نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية، إن الصومال لديه العديد من التحديات التي قد تعوقه لاكتمال مؤسساته السياسية وعلى رأسها الصراعات القبلية والسياسية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن العملية السياسية في الصومال خاضعة لأجندات محلية وإقليمية ودولية، حيث تتوزع السلطات الصومالية في الداخل بين القبائل على المستوى المحلي، فضلاً عن نصيب الدول الإفريقية الداعمة سياسيا وعسكريا للصومال مثل كينيا.
وأوضح أن هناك دعما ماليا من أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية على رأسهم المملكة العربية السعودية وتركيا وهما أكبر دولتين متواجدتين في الصومال بشكل ملحوظ، كل هذا يتحكم في اكتمال العملية السياسية في الصومال بشكل مثالي.
تجاذبات سياسية
فيما قال الدكتور باسم رزق الباحث بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن هناك محاولات لفدرلة الصومال تجرى من سنوات عدة، وبالفعل قد تشكلت أقاليم في الصومال وأصبحت أمرا واقعا ينتظر تطبيق الفدرلة بشكل رسمي وهذا يسمح به الدستور الصومالي.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن تحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية تكرر من قبل أكثر من مرة، متوقعًا أن تؤجل الانتخابات الرئاسية بسبب التجاذبات السياسية في الصومال .
ولفت إلى أن الصومال أصبحت ينطبق عليها شبه دولة لأسباب عديدة منها عدم الاستقرار السياسي رغم البدء في الانتخابات البرلمانية التي لم تكتمل أيضًا حتى الآن، كما أن الوضع الأمني سيئ على الرغم من الشروع في بناء جيش وطني، ولعدم وجود اقتصاد ولا استثمار قوي تستند عليه البلاد.