"ماذا ينتظر نينوى وعاصمتها الموصل؟" سؤال بات يتردد في ذهن الكثيرين من الشعب العراقي وأيضًا العرب في ظل القلق حول مصير محافظة نينوى ذات الأغلبية السنية.
"مصر العربية" حاورت زهير الجبوري القيادي في حرس نينوى والمتحدث باسمه وهو أحد أبرز الفصائل المشاركة في عملية تحرير الموصل، للوقوف على آخر المستجدات في العملية العسكرية بعد شهر ونصف منذ انطلاقها وأوضاع أهالي المدينة والنازحين وأيضًا ما يريده أهالي نينوى في فترة ما بعد داعش.
وتطرق الجبوري في الحوار لتكتيكات تنظيم داعش في رد تقدم القوات والخسائر التي تكبدها الطرفان طول فترة العملية.
إلى نص الحوار..
نسمع روايات عن أوضاع صعبة يعيشها النازحون من الموصل هل لك أن تصف لنا حقيقة الوضع هناك؟
نزح عن الموصل للآن 89 ألفا في مخيمات الجدعة والقيارة ومخيم حسن شامي وغيرها ولكن هناك تخبط من قبل حكومة بغداد وحكومة نينوى المحلية في تقديم المساعدات الفورية والعادلة لهؤلاء النازحين.
نحن في جو قارس البرودة وبعض الليالي تصل فيها درجة الحرارة لسالب ثلاثة وهناك الكثيرون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وتسقط حالات وفاة بينهم جراء البرودة الشديدة.
ولكن سمعنا عن مساعدات تقدم من المنظمات الدولية والدول العربية .. ماذا عنها؟
هناك قسم من العرب يقدمون ما يستطيعون مثل الإمارات والكويت ولكن كلها مساعدات لا تسد الرمق، أقل ما نستطيع وصفها بها بأنها خجولة.
ونسبة المساعدات من المنظمات الدولية مثل اليونيسيف والمنظمات الفرنسية والأمريكية والكندية والسويدية ضئيلة جدا.
وماذا عن المدنيين الذين ما زالوا قابعين في المدينة؟
ما زال 650 ألف مدني يقعون في المدينة تحت رحمة تنظيم داعش الإرهابي الذي لا يسمح بإدخال مساعدات لهم ويعانون من قطع الماء والكهرباء منذ فترة طويلة واليونيسيف قالت كذبا إن السبب تضرر الخط الناقل للماء ولكن كل شيء مقطوع عنهم.
نحن أمام كارثة إنسانية، الكثير من المرضى ماتوا بسبب نقص الأدوية، ومصابو السرطان أغلبهم فارق الحياة لصعوبة الحصول على الكيماوي، والمرضى عموما لا يجدون مستشفيات تداويهم، حتى مستشفى السلام التي حررتها القوات العراقية هاجمها عشرات أو مئات الانتحاريين ما أوقع العديد من الخسائر ما دفع القوات للانسحاب والتحالف الدولي قصف المستشفى بعدها.
أهالي الموصل كانوا يرفضون مشاركة الحشد الشعبي ومع ذلك شارك.. لماذا؟
من حقهم ذلك فـ95% من الحشد هم من المكون الشيعي، والطبيعي أن يخشى الأهالي من مشاركتهم خاصة أنهم يتهمون الأهالي بأنهم حاضنة داعش، والمنطقي أن يشارك هؤلاء بدوافع كثيرة مثل الانتقام أو انتصار المذهب، وأهداف إقليمية تخص إيران وأهدافها في المنطقة.
جميعنا كنا نتحفظ على دخول الحشد الشعبي مدينة الموصل، وبعد هذا التحفظ صدرت أوامر بعدم دخول الميليشيا الموصل، واقتصار الأمر على الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والبشمركة والعمليات الخاصة.
شهر ونصف منذ انطلاق عملية تحرير الموصل ماهي خسائر داعش من واقع معلوماتك؟
داعش فقد 3 آلاف مقاتل في مدينة الموصل وبقي من مقاتليه بالمدينة ضعف هذا العدد أي زهاء الـ6 آلاف مقاتل، و كل عناصر داعش يقاتون مرتدين أحزمة ناسفة حتى يفجرون أنفسهم إذا تعرضوا لمأزق أو شعروا بإمكانية القبض عليهم، وهو جزء كبير من المعوقات التي تؤخر حسم المعركة.
في 23 نوفمبر الماضي سقط العديد من القتلى من قواتكم وفقد آخرون بسبب هجمات نفذها مسلحو داعش .. كيف حدث ذلك؟
كان ذلك في وحدة التبادل التجاري في المنطقة الشمالية وكان هناك عناصر من حرس نينوى، وهاجم عناصر داعش القوة بثماني سيارات مفخخة وكانت القوة تحاول صد الهجوم وأمر قائدها علي الطريزي بسحب القطاعات إلى الخط الأول للحفاظ على ما تبقى منها حيث سقط 9 قتلى و 13 جريحا و5 مفقودين.
صدر قانون الحشد الشعبي وسط اعتراضات سنية واسعة في البرلمان، هل تشاركونهم هذه الاعتراضات؟
كان لدينا اعتراضات على قانون الحشد الشعبي، واعتراضنا لأن هذا الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية يجب أن تكون ظهيرا للجيش لا أقوى منه، و يجب أن تكون ترتيباته بيد القائد العام للقوات المسلحة.
قلنا أن هذه مؤسسة عسكرية ليست حسينية أو كلية دينية فنتنمى أن يقودها ضباط محترفون وليس عمائم لأن هذا جيش يقاتل وليس دار دينية.
النقطة الثالثة أن كل من قاتل داعش مثل الحشود العشائرية وحشد نينوى وكل من حاربه في الأنبار ونينوى وغيرها يجب أن يشملهم هذا القانون ولكنه لم يشملهم.
وما هي ترجمة اعتراضاتكم هذه؟
لقد تقدمنا بطعن على القانون للمحكمة الاتحادية وننتظر حكمها حتى يكون القانون ملائما، يجب أن يشمل كل الحشود مع تمثيل مناسب لكل منطقة، فوفقا لعدد سكان نينوى يجب أن يكون حرس نينوى 27 ألف مقاتل وليس 6 آلاف فقط، فمن الضروري أن يكون هناك توازن بين كل المكونات.
الكثيرون يتساءلون عن مصير نينوى بعد التخلص من داعش، هل يميل أهلها للفدرلة؟بعد تحرير نينوى من داعش أمامها ثلاث سيناريوهات أولها مشروع اللا مشروع الذي يتبناه كثير من النواب المؤيدين للتحالف الشيعي بسبب مصالح فردية وقسم من الوزراء وهو العودة للوضع ما قبل 2014 حين غزا داعش العديد من المناطق في نينوى، وهو مشروع فاشل فحين يكون هناك خلل في الإدارة ليس الحل في تغيير المدير، وإلا يفعل مثل من يعالج مشاكل القطارات بتغيير السائق.
السيناريو الثاني وهو منافٍ للواقع أن تحصل مكونات الموصل ونينوى من السنة واليزيديين والمسيحيين والتركمان وغيرهم على تطمينات وهذا أمر صعب أن يوجد ما يطمئنهم فهذه المكونات سحقت في الحرب وتريد تدويل قضيتهم، فمن يقول إن هناك تعهدات يمكن أن تحميهم كمن يريد تأمين زورق صغير في محيط بحر هائج.
السيناريو الثالث وهو الأقرب للتطبيق هو الفيدرالية والحكم الذاتي أي كل أغلبية في محافظة وأقضية يحكمون أنفسهم مثل السنة في نينوى واليزيدية في سنجار هذا ما سيعطي كل فئة رسائل طمأنة.
ولكن البعض يقول إن هذا سيقسم العراق .. فما ردك؟
على العكس هذا سيرد الفتن ويحافظ على العراق من التقسيم، ويبقى العراق بلد اتحادي فيدرالي نظامه برلماني، أعتقد أن هذا السيناريو الأقرب للتطبيق، ولدينا الكثير من الاتصالات مع العرب والغرب وأمريكا حوله.
ما صحة ما يتردد عن سماح القوات العراقية والتحالف الدولي لعناصر داعش بالانسحاب من العراق لسوريا؟
لا مستحيل أن يسمح الجيش بترك عناصر داعش للانسحاب، فمن قتل يجب أن يأخذ عقابه، والرقة جزء من سوريا وهي دولة عربية، ومن يقتل في العراق سيذهب ليقتل في سوريا، أو مصر أو المغرب ونحن نرفض أي ضرر للدول العربية.
ومن أجل حماية الدول العربية والعالم بغداد تقاتل تنظيم إرهابي كبير والأمر سيستغرق بضعة أشهر ولا نعلم هل سيأتي تنظيمات أخرى بعده أم لا ولكن الآن بغداد تقاتل وتدافع نيابة عن دول العالم