خبراء: النظام السوري المستفيد الأكبر من سيطرة داعش على تدمر

قوات تابعة لتنظيم داعش

أثارت سيطرة تنظيم "داعش" مؤخراً على مدينة تدمر وسط سوريا للمرة الثانية، تساؤلات حول المستفيد الأكبر من تلك السيطرة.

 

خبراء ومختصون ألمحوا وبعضهم أكد أن المستفيد الأكبر من تلك السيطرة هو النظام السوري وحليفته روسيا لصرف الأنظار عن الجرائم والانتهاكات التي يقومان بها في شرقي حلب، خاصة في هذا التوقيت الذي تصاعدت النداءات الدولية لوقف إطلاق النار فيها. 

 

الخبراء استندوا في نظريتهم إلى أن النظام "تساهل" في تسليم تدمر بسرعة كبيرة، كما اعترف سريعا أيضاً بوسائل إعلامه الرسمية أنه فقد السيطرة على المدينة على غير العادة، وذلك كله من أجل إثبات أن "الإرهاب" يستهدف النظام وروسيا اللذين يقومان بمحاربته، وذلك كله من بوابة المدينة المدرجة على لوائح التراث العالمي.

 

وأعاد تنظيم "داعش" الإرهابي الأحد الماضي، سيطرته على مدينة تدمر التاريخية، في ريف محافظة حمص الشرقي، بعد معارك مع قوات النظام السوري، فيما سارعت وسائل إعلام النظام الإعلان عن فقدان السيطرة على المدينة، وهو أمر غير معتاد منها.

 

وتأتي هذه السيطرة عقب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي، الذي يطالب بوضع نهاية فورية وكاملة لجميع الهجمات العشوائية على المدنيين في سوريا، ولا سيما حلب (شمال)، تقدمت به كندا، حيث صوتت له 122 دولة، واعترضت عليه 13، وامتنعت 36 عن التصويت، من إجمالي أعضاء الجمعية العامة البالغ عددهم 193 دولة. 

 

مؤسس الجيش السوري الحر العقيد المنشق رياض الأسعد، قال إنه يعتقد أن تقدم داعش في تدمر "مناورة منه للهروب إلى الأمام، في ظل الهجوم عليه في الباب(بريف حلب) والرقة (شمال)، لإحراز بعض التقدم في بعض المناطق الهشة عسكرياً".

 

غير أنه في الوقت نفسه أكد في تصريح للأناضول أن "للنظام مصلحة أيضاً بسيطرة داعش على تدمر، ليقول للعالم بأن الإرهاب يهاجمه".

 

ووجد أن النظام يعمل على المناورة في تدمر، لأنه "منذ اللحظات الأولى يتذرع بقتال الإرهاب، فدخول التنظيم لتدمر ليقول بأنه مهدد ويحارب الإرهاب، وأنه القوة الوحيدة التي تقاتله، وليغطي على كل الجرائم التي ترتكبها قواته والميليشيات التابعة لها في حلب".

 

وعن سبب ذلك، اعتبر أن "كل المنظمات الدولية والدول تتكلم حالياً عن حلب، بعد أن بدأت تتكشف بعض جرائم النظام ولو بشكل بسيط، فيعمل النظام على تحويل الأنظار بتدمر حتى يغطي على جرائمه، ويقول بأنه يحارب الإرهاب الذي يهاجمه".

 

الأسعد أيضا تطرق إلى إعلان النظام السريع عن سيطرة داعش على تدمر، حيث رأى ذلك أنه يأتي "ضمن الخطة الإعلامية للنظام، فيريد أن يقول بأنه يهاجم من قبل الإرهاب، فسارع إلى إعلان سقوط تدمر ودخول التنظيم إليها".

 

واعتبر الأسعد "مناورة" النظام في تدمر بأنها جاءت عقب "انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتصويت بأغلبية ساحقة ضده، فبدأت المنظمات تتكلم عن جرائم ترتكب في حلب، ليبدأ هو بالحديث عن خسارته لبعض المناطق".

 

وأكد أنه بذلك "يستعطف العالم، ليغير من توجه بعض المنظمات والشعوب الغربية والعربية، التي بدأت تتفاعل مع الحدث في حلب، وتدقق بجرائم النظام، وبأنه مجرم ويرعى الإرهاب، وأنه منبعه".

 

من ناحيته، ذهب الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، المختص بقضايا الشرق الأوسط، إلى أن "شبهات عديدة" تحوم حول سيطرة التنظيم الإرهابي على مدينة تدمر.

 

وفي تصريح أدلى به للأناضول، لخص أوزجان تلك الشبهات بأن "تنظيم داعش يتراجع في كل مناطقه من الموصل (شمال العراق) إلى سوريا، ولكنه يتمدد في تدمر، وفي ذلك شبهات، فلماذا وكيف يتقدم التنظيم للمدينة مع أنه انسحب سابقا منها؟، فهناك نقاط غير مفهومة".

 

وعن دخول "داعش" السريع للمدينة، وإعلان النظام عن سقوطها السريع أيضا بيد التنظيم، قال أوزجان "أعتقد أن النظام سهل دخول التنظيم للتغطية على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في حلب، وهي لعبة استراتيجية وتكتيكية".

 

واعتبر ان النظام "يستطيع تصفية عناصر داعش من المدينة بقوة النار، وهي قضية سهلة، ولكنه يعمد إلى خلط الأوراق، فليس هنالك أدنى شبهة بأن النظام هو من سهل دخول التنظيم إلى المدينة".

 

أما الدكتور صبحي ناظم توفيق، الضابط العراقي السابق والخبير العسكري، فذهب إلى أن "تدمر مدينة صغيرة على شكل واحة تتوسط البلاد في مركزه، وأهميتها أنها مفترق طرق عديدة".

 

الخبير العسكري اعتبر في تصريح للأناضول، أن السيطرة الأخيرة لداعش هي "عملية لا تعدو عن كونها غارة كبيرة، الغاية منها المباغتة والاستنزاف والكسب الإعلامي على الصعيد الدولي".

 

ورأى أن مسلحي التنظيم على كثرتهم المعلنة "لن يحتفظوا بالمدينة طويلاً، فلو قرروا الاحتفاظ بها، فهي خطة انتحارية، لأن القوة المتمركزة ستباد على يد الطيران في الأيام القادمة".

 

وعن مآلات المعركة بعد سيطرة التنظيم على تدمر، قال "أتصور أن طائرات روسيا والنظام ستدمر المدينة دون أن تأبه بالمدنيين، وحتى القرى المحيطة بها، ومع انتهاء موعد الغارة، سيتراجع عناصر التنظيم إلى دير الزور(شرق) والرقة(شمال)، عندها سيستغل الإعلام التابع للنظام هذا الانسحاب المنظم، بأنه انتصار وكسب للمعركة".

 

من جانبه أفاد نبيل البكيري، الباحث اليمني في شؤون الحركات الإسلامية، أن "هناك تضارب بين إعلان روسيا عن تصديها للتنظيم، وإعلان سقوط تدمر سريعاً من قبل النظام".

 

وأضاف البكيري في تصريح للأناضول أن "إعلان النظام المرتبك والذي جاء عكس توجه روسيا، يطرح أكثر من سؤال عن كيفية تحقق هذه الهزيمة مع وجود هجمات الطيران الروسي، وهي تساؤلات تتعلق بدور النظام وعلاقته وإمكانية اختراقه لهذه المجاميع (المتطرفة)، والتنسيق معها وتوظيفها في خدمته".

 

وكان "داعش" سيطر على تدمر أواخر مايو 2015، بعد انسحاب قوات النظام السوري منها، قبل أن يستعيد النظام بدعم روسي السيطرة عليها في مارس الماضي.

مقالات متعلقة