نزيف الدم المستمر في حلب يطال الجميع، ويلاحق حتى من خاطروا بحياتهم مرات وتمكنوا من النجاة سابقا، كأنما يريد أن يقول أن هذه المرة ليست ككل مرة.
فارس أبو إسلام (27 عاما) أحد هؤلاء الذين راحوا ضحية القصف الذي تتعرض له الأحياء الشرقية من حلب، بعد أن خاطر بحياته طوال 6 سنوات، خلال تطوعه مع منظمات خيرية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي المدينة.
مساء الجمعة أرسل أبو إسلام رسالة صوتية لمراسل الأناضول قال فيها "لا نستطيع الخروج إلى الشوارع بسبب الحرب الدائمة. المقدر لنا سيحدث. الله موجود لن ينسانا. لا تنسونا"، وكان صوت إطلاق النار يُسمع في خلفية التسجيل.
لم تتلق الأناضول أي أخبار من أبو إسلام بعد ذلك، ليفاجئ مراسلها في عنتاب أمس الاثنين بتلقيه خبر وفاة أبو إسلام، يوم السبت، في قصف على حلب، بعد ساعات فقط من وصول رسالته الصوتية إلى الأناضول.
وجاءت وفاة أبو إسلام كما كانت حياته، إذ طاله القصف خلال تقديمه المساعدة للآخرين، حيث ساعد أبو إسلام، يوم السبت، إحدى العائلات على الخروج من المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة وأوصلها إلى مكان آمن، وفي طريق عودته لمنزله سقط صاروخ بالقرب من سيارته ما أدى إلى إصابته، ولم تتمكن الإمكانات الطبية الشحيحة في المدينة من إنقاذه.
وكان أبو إسلام نجا من الموت في 26 إبريل الماضي، عندما أصاب القصف منزلا يقيم فيه متطوعون مع منظمة "إمكاندار" الخيرية التركية في حلب وبينهم أبو إسلام، وظهر أبو إسلام في مقاطع فيديو وهو يحاول إنقاذ زملائه الذين مات 4 منهم في القصف.
وقبل وفاة أبو إسلام بعدة أيام شرح الوضع في الأحياء المحاصرة في حلب قائلا إن الناس يموتون عدة مرات "الخوف سيد الموقف هنا، الجميع يضعون أياديهم على قلوبهم. يبدأ صوت القصف ومن ثم يبدأ الناس في البكاء، ما يعيشه الناس هنا لا يعرفه سوى الله. لا توجد كهرباء ولا ماء، والطعام شحيح ولا يوجد طعام للأطفال".
وقال أبو إسلام إن الناس في حلب لم يعودوا قادرين على التحمل مضيفا "نحن تخلينا عن حياتنا ولكن ما ذنب الأطفال؟".