في حين يشرف خبراء إيرانيون على تدريب معظم عناصر الحشد الشعبي، يتولى ضباط أميركيون من الوحدات الخاصة تدريب شباب من العشائر لملء الفراغ بعد الانتصار على داعش، ما يعني أن واشنطن وطهران تعدان الحشد لإدارة الصراع المسلح في الفترة المقبلة وفق تقارير إعلامية عراقية الأمر الذي اعتبره مراقبون سيزيد من تعقيد المشهد العراقي.
وفي العراق يوجد حوالى 6 آلاف عسكري أميركي يقدمون دعما استخباريا ولوجستيا للقوات العراقية، فيما توفر الطائرات غطاء جوياً لمعاركها ضد "داعش"، وتتجنب توفير هذا الغطاء لـ "الحشد الذي يشارك في معركة الموصل.
وأقرت طهران من قبل بتواجد قواتها النخبة من الحرس الثوري في العراق، على رأسهم قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وأعلنت إرسالها أسلحة ومستشارين عسكريين إلى هناك لمساعدة القوات الحكومية على استعادة المناطق التي يسيطر عليها "داعش".
حرب الموصل
وبدأت القوات العراقية عملية تحرير الموصل منتصف أكتوبر لطرد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية التي سيطرت عام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
ويقاتل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية للاحتفاظ بالموصل، آخر المدن التي يسيطر عليها في العراق، أمام هجمات القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية، ويدعمها في ذلك التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، الذي يوفر لها في تقدمها غطاء بالغارات الجوية على مواقع التنظيم ودفاعاته بالموصل.
ويعيش في الموصل أكثر من مليون مدني أصبحوا عالقين بين نيران قوات الحشد التي تمارس انتهاكات بحق المدنيين وصنفتها منظمات حقوفية بجرائم حرب، وبين نيران داعش الذي يستعملهم كدروع بشرية.
وعلى الرغم من هيكلة الحشد الشعبي وتقنين أوضاعه حيث أصبح من يديره رسميا القوات المسلحة العراقية، لكنه على أرض الواقع لا يمثل إلا الطائفية وذلك ظهر جليا بالانتهاكات الموثقة بالصوت والصورة منذ بدء عمليات تحرير المناطق العراقية من قبضة داعش.
متى تشكل الحشد؟
وتشكلت هيئة الحشد الشعبي في 14 يونيو 2014، من المتطوعين للقتال ضمن صفوف القوات الأمنية، وذلك بعد دخول عناصر تنظيم "الدولة" إلى بعض مدن العراق وفرض السيطرة عليها، خاصة في ديالى (شمال شرقي البلاد)، وكركوك، ونينوى، وصلاح الدين (شمالي البلاد)، والأنبار (غربي البلاد)، وجزء من محافظة بابل (وسط البلاد).
ويواجه الحشد الشعبي اتهامات بارتكاب انتهاكات ضد "السُّنَّة" في المدن المحررة من تنظيم "الدولة"، في حين تطالب عشائر "سنية" عراقية بعدم مشاركة الحشد في أي عملية عسكرية نظرا للانتهاكات التي يمارسها بحق المدنيين.
تمويل الحشد
ولتأمين تمويل ميليشيات الحشد بشكل رسمي استقطعت الحكومة 3 % من إجمالي الرواتب الحكومية بموازنة 2016، إلى هيئة الحشد الشعبي، فضلا عن التمويلات الإيرانية وفقا للمركز الاستراتيجي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة.
ويتقاضى كل فرد في الحشد الشعبي 500 دولار أميركي شهريًا، تدفعها الحكومة العراقية التي اشترطت على كل فصيل، ليحظى بالدعم المالي، أن يكون بحجم لواء ويتمتع بهيكلية واضحة، بحسب مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية.
وتعمل عناصر الحشد بطريقة 50 % دواما، و50 % راحة، فيما يتلقون عناية صحية من قبل الوحدات الطبية التي نشرتها وزارة الصحة في المناطق التي يتواجد فيها الحشد.
ولاء الحشد لقياداته
بدوره قال المحلل السياسي العراقي أحمد الملاح، إن الحشد الشعبي أصبح جزءا من المؤسسة العسكرية العراقية ودخوله إلى مكان ثانٍ أو استخدامه خارج نطاق الحدود العراقي يخضع للاتفاقيات الدولية الموقع عليها من قبل العراق.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أنه على الرغم من ضم الحشد ضمن المؤسسة الأمنية في العراق، لكن إلى الآن ما يزال يحتفظ بقياداته وتبعيته غير المباشرة للحكومة العراقية.
وأوضح أن الصراع القادم سيكون بين البيت الشيعي المنقسم بين تغول الحشد وضعف الحكومة وسيتسمر لفترة لحين قدرة أحد الطرفين على إرضاخ الآخر أو انفجار الوضع في العراق بين الأطراف المتصارعة.
وأشار إلى أنه لا يوجد تخمين حقيقي للدور الأمريكي في العراق وحول حجم الضغط لترجيح كفة الحكومة العراقية على من يريد التغول عليها.
سبب لتقسيم العراق
فيما قال الإعلامي العراقي ليث نجم، إن الحشد الشعبي هو القوة الفعالة لإيران وبسط نفوذها بشكل واسع وعلني في العراق، لذلك هو غير مرحب به في العراق إذا ما استمر على نهج العنف، خاصة أنه أصبح تحت مظلة الجيش العراقي، وأي تجاوز من الحشد سيسيء للجيش بشكل عام.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن أي قوات ستنضم للحشد الشعبي بعيدا عن الجيش ستكون كارثية، لافتاً إلى أن المرحلة القادمة ستسعى قوى إقليمية ودولية للمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار للعراق.
وأكد أن الحشد الشعبي من الممكن أن يكون السبب الرئيسي في التقسيم الرسمي للعراق، وذلك بسبب الجرائم التي يصر عناصره على ارتكابها، وهذا دليل على عدم انضباطهم نفسيا وسلوكيا.