إعدام ومؤبد وغرامة بالملايين عقوبات الإرهاب... فلماذا يُعدل الدستور؟

صورة للرئيس السيسي اثناء عزاءضحايا تفجير الكنيسة البطرسية

رغم أن قانون الإرهاب الذي وقع عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أغسطس 2015، يحمل في مواده تعريفًا شاملا للجماعات الإرهابية وتعريفا مفصلا لأعمالها وجرائمها، ونص على عقوبات تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد والمشدد وغرامة تصل إلى ثلاثة ملايين جنيه؛ إلا أنه بعد تفجير الكنيسة البطرسية، اعتبر الرئيس السيسي القوانين الموجودة مكبلة للعدالة.

 

 

تزامن مع دعوة الرئيس مطالبة عدد من نواب البرلمان ورئيسه بتعديل الدستور  فصرح علي عبد العال خلال جلسة البرلمان المنعقدة أمس الثلاثاء قائلا "بصراحة، لو تطلب الأمر، وأكرر لو تطلب الأمر تعديل الدستور لمواجهة الإرهاب فسوف نقوم بتعديله، بما يسمح للقضاء العسكرى بنظر جرائم الإرهاب بصفة أصلية". 

 

وتنص المادة رقم 204 من الدستور المصري المعمل به حاليا على أنه لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها.

 

عقوبات كافية

 

المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، يرى أن عقوبات قانون مكافحة الإرهاب المعمول به حاليًا كافية، ولا حاجة لتعديل الدستور.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" إن كانت الدولة تريد تسريع المحاكمات فهذا الأمر لا يحتاج إلى تعديل الدستور بل إلى تعديل في قانون الإجراءات الجنائية".

 

وأكد الجمل، على أن تعديل الدستور لن يقدم جديدًا فيما يخص المتهمين في قضايا إرهابية، لأن القانون الحالي الذي وقّع عليه السيسي في أغسطس 2015، لم يغفل شاردة أو واردة، فقد نص على عقوبات مشددة بلغت الإعدام والأشغال الشاقة.

 

محظورة دستوريا

 

محمود كبيش، عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة، قال "ليس هناك أي داعي لتعديل الدستور، لمواجهة الإرهاب كما يدعي بعض النواب والإعلاميين.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن " مواجهة الإرهاب لا تحتاج إلى تعديل الدستور والقوانين، بقدر ما تحتاج من إصلاحات سياسية واقتصادية تجفف منابع الإرهاب " .

 

 

وحول تحويل المدنيين لمحاكمات عسكرية، أكد كبيش، على أنه لا يحاكم شخص أمام محاكـم استثنائية لأن الدستور يحظر هذه الإجراءات . 

 

لا حاجة لتعديل الدستور

 

في السياق رحب الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، بالأصوات التي تنادي بتعجيل المحاكمات، من خلال تعديل قانون الإجراءات الجنائية للوصول إلى العدالة الناجزة.

 

وانتقد الإسلامبولي تصريحات على عبد العال رئيس مجلس النواب التي أشار فيها إلى إمكانية تعديل الدستور، قائلا إن"  كان الغرض والهدف هو العدالة الناجزة فلا حاجة لتعديل الدستور ولا داعي لهذه الدعوات"، مضيفًا "هناك حلول أخرى مثل إدخال بعض التعديلات على قانون مكافحة الإرهاب، مثل تخفيض درجات التقاضي إلى درجتين " .

 

تعريف الجماعات الإرهابية

وعرّف قانون مكافحة الإرهاب الجماعات الإرهابية في مادته الأولى بأنها "  كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو جهة أو منظمة، أو عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل ، أو غيرها من التجمعات أو الكيانات التى تثبت لها هذه الصفة، أياً كان شكلها القانوني أو الواقعي سواء كانت داخل البلاد أو خارجها، وأياً كان جنسيتها أو جنسية من ينتسب إليها، تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب، أو كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية. "

 

كما عرف القانون الشخص الإرهابي بأنه "  كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت، ولو بشكل منفرد، أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك، أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية". 

 

وبحسب القانون المعمول به فأنه يقصد بالعمل الإرهابي" كل استخـدام للقـوة أو العنف أو التهديد أو الترويع فى الداخل أو الخارج، بغرض الإخـلال بالنظـام العـام أو تعريـض سلامـة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطـر، أو إيذاء الأفراد أو إلقـاء الرعـب بينهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهـم أو حقوقهـم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر، أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون".

 

وفي المادة السابعة للقانون نص على عقاب كل من سهل لإرهابي أو لجماعة إرهابية بأي وسيلة، مباشرة أو غير مباشرة ارتكاب أية جريمة إرهابية، أو الإعداد لارتكابها، أو وفر مع علمه بذلك  لمرتكبها سكنًا أو مأوى أو مكانًا للاختفاء، أو لاستخدامه في الاجتماعات أو غير ذلك من التسهيلات باعتباره شريكًا.

 

 

إعدام واشغال شاقة

 

وتضمن القانون أكثر من  20 مادة أوضحت طبيعة العقوبات على كل من قام أو شارك  بعمل إرهابي أو حرض عليه، تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد أو بالسجن المشدد وغرامة لا تقل عن مائه ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثة ملايين جنيه.

 

كما أمّن القانون القائمون على تنفيذه في المادة (8) حيث نص على أن لا يسأل جنائياً القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر.

 

 

وفي تعليق مقتضب  أكد الدكتور نور فرحات استاذ القانون بجامعة الزقازيق ،و الفقيه الدستوري لـ"مصر العربية"، إن مجلس الدولة سوف يرفض أي مشروع قانون  مقدم من مجلس النواب لتعديل الدستور.

 

تعديلات كثيرة

 

وفي سياق متصل أكد الدكتور صلاح فوزى أستاذ القانون الدستوري، أنه يجوز محاكمة المدنيين المتورطين في قضايا إرهاب أمام محاكم عسكرية بقرار من رئيس الجمهورية في حالة إعلان الطورئ، دون الحاجة إلى تعديل الدستور.

 

وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية"، "  يجوز محاكمة المدني أمام المحاكم العسكرية، فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها ". 

 

وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أن قانون الإجراءات الجنائية يحتاج إلى تعديلات كثيرة للوصول للعدالة الناجزة.

 

وأيد فوزي مقترح المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، بشأن  ضرورة إنشاء أكثر من دائرة لمحاكمة الإرهابيين، ودوائر تتفرغ بمحكمة النقض لنظر القضايا المطعون فيها أمامها وتعديل قانون الإجراءات الجنائية ليكون الفصل في القضايا أسرع من الآن.

 

وتابع أن تعديل القانون  سيتيح للمحكمة أن تكتفى بسماع أى من الشهود وليس لزاما سماعهم جميعًا.

 

محفوف بالمخاطر

 

وطالب  المُستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة لشؤن مجلس النواب في مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، ببرنامج "هنا العاصمة" على قناة "سي بي سي"، بعدم الاقتراب من تعديل مواد الدستور المصري، قائلًا: الاقتراب من الدستور محفوف بالمخاطر".

 

وأضاف : "نحن نبحث إجراء تعديل على القوانين لتحويل محكمة النقض إلى "محكمة موضوع" بدلًا من "محكمة قانون".

 

وأوضح أن قانون الإجراءات أصبح واجب التعديل حتى نحقق العدالة الناجزة، مشيرًا إلى أنه سيتم عقد مؤتمر خلال الفترة المقبلة عن هذا الشأن، معربًا عن أمله فى أن يكون المؤتمر تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

مقالات متعلقة