جدعون ليفي: كان على إسرائيل التدخل لإنقاذ حلب

حلب تتعرض للإبادة

تحت عنوان "المنافقون المصدومون من حلب"، سخر الصحفي الإسرائيلي اليساري "جدعون ليفي" في مقال بصحيفة "هآرتس"، من الإسرائيليين المصدومين من المشاهد الفظيعة من مدينة حلب السورية، ووصفهم بالمنافقين، معتبرا أنه كان على إسرائيل التدخل لتحرير حلب أو إنقاذ أهلها من مجازر عصابات نظام الأسد، أو على الأقل كان عليها فتح أبوابها لآلاف اللاجئين، وألا تقف غير مكترثة بالمجازر، مثلما لم يكترث العالم لأجداد اليهود في المحارق النازية، على حد قوله.

 

 

إلى نص المقال..

 

هم الأسوأ، المنافقون، والمتظاهرون بالصلاح. هؤلاء المصدومون من مشاهد حلب، يمصمصون شفاههم أمام التلفزيون ومقتنعون أن على العالم القيام بشيء. العالم، لكن ليس هم أو دولتهم. يدعون العالم للقيام بشيء، عاجل، لا يحتمل التأجيل، لكن ليسوا هم أو دولتهم. يُسكتون ضميرهم، جميلون جدا، نبلاء، أخلاقيون في عينون أنفسهم. هم حقا مكترثون بأهوال حلب، هم رجال الضمائر الحية والعدالة، وهذا يؤلمهم.

 

يؤلمهم ذلك- يجافيهم النوم ليلا لرؤية الأطفال القتلى، يتذكرون جداتهم وأجدادهم في الهولوكوست، وكيف أدار لهم العالم ظهره آنذاك، وأنه لا يجب أن يتكرر ذلك. أبدا. لكن ليسوا هم أو دولتهم. بل آخرون. إسرائيل لا تسطيع. هي دولة عدو، لذلك لا يمكنها التدخل، وهي حالة خاصة، ولذلك لا تستطيع استيعاب لاجئين، كالسويد مثلا.  

هؤلاء هم الأكثر سوءا، المنافقون والمتظاهرون بالصلاح. هل الأفضل من يبتهجون لمشاهد حلب، لدينا هؤلاء أيضا، لكنهم على الأقل حقيقيون.

 

الإسرائيليون مقسمون تجاه سوريا. الكثيرون يتمنون التوفيق لكل الأطراف. عرب يقتلون عرب، هذه دائما أخبار جيدة بالنسبة لهم. ليس فقط بسبب لذة قتل (العرب)، بل لأن ذلك يكشف الوجه الحقيقي لأعدائنا. انظر، أيها العالم، مع من نتعامل. مع أي كائنات. هذا بالضبط ما كان سيحدث لإسرائيل، إذا ما انسحبت من الجولان. ما سيحدث لها إذا انسحبت من الضفة الغربية. ما سيحدث لها إذا انسحبت من عمونا (أكبر بؤرة استطيانية في الضفة مقامة على أراضي فلسطينية- المترجم). يقلل هذا أيضا من فظائع الاحتلال.

 

المجموعة الثانية هي الخاصة بغير المبالين. ما شأنهم بكل ذلك. إسرائيل ليست متورطة، لذلك فأي شيء آخر لا يثير الاهتمام. بالفعل، لا شيئا يثير اهتمامهم، باستثناء عالمهم الشخصي. لا الاحتلال، ولا طالبي اللجوء، ولا سوريا. فقط دعونا نخطط بهدوء لرحلتنا القادمة.

 

الثالثة فريق المـ-صد-و-م-ين الذين ليسوا على استعداد أن يحركوا ساكنا. الأعذار كثيرة، تماما كتلك التي لدول أوروبا في أواخر الثلاثينيات. إنهم مصدومون ليس فقط من المشاهد المروعة، بل أيضا من رد فعل العالم. أي عالم معلون هذا، يكتبون على الفيسبوك.

 

لكن أحدا منهم ليس على استعداد لأن يخرج ابنه للقتال من أجل تحرير سوريا. إنهم فقط يطوعون جنود أوروبا وجيش أمريكا للقيام بذلك. من ليسوا على استعداد لجعل أبناءهم يتطوعون ليس لديهم أي حق في عظة الآخرين. فليصمتوا بعارهم على الأقل. لماذا توافق أم من كونيتيكت (ولاية أمريكية) على ما لا توافق عليه أم من رمات هشارون (مدينة إسرائيلية)؟ المرة الأخيرة التي خرج فيها اليهود للقتال من أجل غيرهم كانت في الحرب الأهلية بإسبانيا. علينا تذكر ذلك.

 

بدلا من التدخل عسكريا كان يتوجب على إسرائيل أن تفتح أبوابها. ليس لحفنة من المصابين الذين جرى اختيارهم بناء على انتماءاتهم الحزبية، ويعالجون أمام عدسات كاميرات الدعاية ويتم إعادتهم بعد ذلك للجحيم.- مثلما اعتادت إسرائيل أن تفعل- بل لتفتح الباب للاجئين. نعم لآلاف السوريين، بل مئات الآلاف- ماذا يحدث لهم- ليقدموا لهم ملاذا في إسرائيل. لكن يكون هذا مريحا. أيضا بالنسبة لجيران سوريا الآخرين، تركيا والأردن، ليس مريحا استعياب الملايين. كذلك بالنسبة للسويد.

 

إسرائيل دائما "حالة خاصة" بالنسبة لنفسها. معفاة من الالتزام بالغرباء الذين يواجهون الأزمات، باستثناء إقامة مستشفيات ميدانية في مناطق الكوارث البعيدة، وأيضا لوقت قصير وأمام الكاميرات. لكن كان يتعين على إسرائيل أن تفعل شيئا: أ. من أجل الماضي. ب. لأنها دولة حدودية مع سوريا. وهي لا تفعل شيئا. لا تحرك ساكنا. بذلك لا تختلف عن موصدي الأبواب في أوروبا.

 

في ظل هذه الظروف- ليس فقط النفاق والتظاهر بالصلاح. لنعترف بالحقيقة على الأقل: مصير السوريين لا يعنينا بالمرة، وليس لدينا أية علاقة بدولة الأخلاق.

 

الخبر من المصدر..

 

 

مقالات متعلقة