حذَّر الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية من أنَّ عرض الحكومة الإسرائيلية نقل مستوطنين من بؤرة استيطانية مقامة على أرض فلسطينية خاصة إلى أخرى مصنفة على أنَّها "أملاك غائبين فلسطينيين"، مقدمة لشرعنة 116 بؤرة موجودة حاليًّا بالضفة الغربية.
وقال التفكجي - في تصريحاتٍ لـ"الأناضول"، الجمعة: "التسوية المقترحة من الحكومة الإسرائيلية على مستوطني بؤرة عامونا وسط الضفة الغربية من أجل تفكيك مستوطنتهم، تعني عمليًّا نقل مستوطنين يهود من أراضٍ فلسطينية إلى أراضٍ فلسطينية أخرى".
وأضاف: "إسرائيل بدأت عمليًّا بشرعنة 116 بؤرة استيطانية موجودة بالضفة، فما تعرض تطبيقه على بؤرة عامونا سيتم تطبيقه مستقبلًا على باقي البؤر الاستطيانية".
و"البؤر الإستيطانية" مستوطنات صغيرة أقامها مستوطنون يهود دون إذن من الحكومة الإسرائيلية وعادة ما تتكون من بضع إلى عشرات المنازل المتنقلة "الكرافانات".
وعلى الرغم من تعهُّد الحكومة الإسرائيلية بإزالة هذه البؤر بموجب خطة خارطة الطريق للسلام التي طرحتها اللجنة الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا عام 2003، إلا أنَّها لم تنفذ ذلك حتى الآن.
وتسعى الحكومة الإسرائيلية لمحاولة تشريع هذه البؤر بأثر رجعي من خلال مشروع قانون يبحثه الكنيست "البرلمان" الإسرائيلي تحت اسم "قانون التسوية".
وطرح الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، مؤخرًا، مشروع قانون في الكنيست شرعن بأثر رجعي البؤر الاستيطانية، ولكن ما زال يتعين التصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، ليصبح قانونًا ناجزًا بعد التصويت عليه بالقراءة الأولى، قبل نحو أسبوعين.
والثلاثاء الماضي، عرضت الحكومة الإسرائيلية، على المستوطنين في بؤرة عامونا نقل منازلهم إلى قطعة أراضٍ فلسطينية مصنفة على أنَّها "أملاك غائبين".
ويطلق مصطلح "أملاك الغائبين" على أراضي الفلسطينيين الذي غادروا الأراضي الفلسطينية، خلال حربي 1948 و1967، ويقيمون حاليًّا، في دول عربية مجاورة، دون أن تسمح لهم إسرائيل باستعادة أراضيهم.
وفي السياق ذاته، أوضَّح التفكجي أنَّ المطلوب هو إخلاء المستوطنين بشكل كامل من كل الأرض الفلسطينية لكي يكون بالإمكان إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
وأضاف: "في ظل الوضع القائم حيث تنتشر المستوطنات الإسرائيلية في كل أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، فإنَّ تطبيق حل الدولتين يبدو مستحيلًا".
وأشار إلى وجود 131 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، وعشر مستوطنات في القدس الشرقية، إضافة إلى 116 بؤرة إستيطانية منتشرة في أنحاء الضفة.
ولفت إلى أنَّ 420 ألف مستوطن يسكنون في الضفة الغربية حاليًّا، و220 ألفًا آخرين يقطنون في مستوطنات القدس الشرقية.
وإضافةً إلى محاولة الحكومة تشريع البؤر الإستيطانية، فإنَّ حركة "السلام الآن" الإسرائيلية -يسارية منهاضة للاستطيان-، قالت إنَّ مشروع القانون الإسرائيلي الجديد "قانون التسوية" سيشرع نحو أربعة آلاف وحدة استيطانية إسرائيلية أقيمت في السنوات الماضية، دون الحصول على تراخيص من الحكومة.
وأضافت الحركة، في تقريرٍ لها: "يصل عدد الوحدات السكنية الاستيطانية التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة إلى 3921 وحدة من بينها 2744 وحدة مبنية، و1177 وحدة عبارة عن منازل متنقلة".
ومشروع القانون الجديد، في حال إقراره، سيؤدي إلى مصادرة 8183 دونما "الدونم يعادل 1000 متر مربع" من الأراضي الفلسطينية الخاصة المقامة عليها البؤر الاستيطانية، والموجودة قرب المستوطنات، والمناطق الصناعية الاستيطانية، بحسب حركة "السلام الآن".
وأوضَّحت الحركة أنَّه في حال تشريع البؤر الاستيطانية، فإنَّه من المرجح أن تتوسع من خلال مخططات جديدة لتتحول إلى مستوطنات كبيرة.
تجدر الإشارة إلى أنَّ الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية كان أحد الأسباب الرئيسية في توقف مفاوضات السلام، في أبريل 2014.
ويعارض المجتمع الدولي بمختلف مكوناته الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ويرى فيه عقبة في طريق السلام وتجسيد حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية، إلى جانب دولة إسرائيل وهو موقف يتقاطع مع موقف السلطة الفلسطينية وتعارضه إسرائيل.
وتؤكِّد منظمة التحرير الفلسطينية أنَّ المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشكِّل علاوة على افتقارها إلى الصفة القانونية، أعظم تهديد يكتنف حل الدولتين، وبالتالي إمكانية التوصل إلى سلام عادل ودائم.