معارك ضارية لم تدر رحاها هذه المرة كما جرت العادة في ميادين القتال، لكنها اشتعلت بين أقدام اللاعبين على العشب الأخضر وفي أروقة الغرف المغلقة للمسؤولين عن الكرة لعقد صفقة مع لاعب أو لتأليب الجماهير على حكم ما أو حتى لمناكفة نادٍ آخر من أجل المناكفة فحسب.
مر العام 2016 الكروي بأحداثه المتلاحقة التي لم تهدأ أبدًا، آمال كبيرة تعلَّقها الجماهير على أحفاد الفراعنة الذين يحملون على أعناقهم حلم بلوغ كأس العالم الذي غبنا عن الظهور فيه منذ 26 عامًا.. في غمرة تلك الأحداث بزغ نجم لاعبين عانقوا السماء حتى حجزوا لأنفسهم مكانًا محل النجوم يشار إليهم بالبنان، ويشتاق الناس إلى معانقة الكرة لأقدامهم في أمسياتهم على المقاهي وفي البيوت، وآخرون وقعوا عقودًا مع دكة الاحتياط فلم يبرحوها، وعلى خط التماس قادت تعليمات وصيحات بعض المدربين إلى احتلال مكانة تليق بقدرهم في قلوب جماهير أنديتهم، واليعض بات ليلته في نادٍ ما وأصبح في آخر.
تلاحقت المباريات وتوالت المواجهات العنيفة، ولم يكن "استاد مصر العربية" بعيدًا عن أي منها، كنَّا هناك في أوروبا نرصد الأرقام الفلكية لصفقات اللاعبين، والصراع المحتدم بين الأسطورتين ليونيل ميسّي وكريستيانو رونالدو، وفي آسيا كنَّا في القلب من بطولاتها، وهنّا في مصر لم نغب لحظة عن متابعة ورصد وتحليل كل مباراة وكل لعبة.
وفي 2016، نشر "استاد مصر العربية" حلقات بعنوان "ثوار الكرة"، الذين كان من أبرزهم، الأسطورة الأرجنتينية، دييجو أرماندو مارادونا.
ويعيد "استاد مصر العربية" نشر حلقة مارادونا.
العشق والثورة دائما متلازمان وما بينهما هنالك الكثير من التشابهات.
بين العشقين رجال فهموا المغزى وأدركوا الحقيقة، حقيقة أن هناك وجه آخر وأنها أكثر من مجرد لعبة.. في القصص التي نرويها نجد معاني كثيرة.. نجد نضالا وتحرر.. نرى من كانوا على استعداد للتضحية من أجل القضية.
في ثوار الكرة سنتعرف معا على الوجه الآخر للكرة ربما يكون هو الوجه الأكثر صدقا من بين وجوه عديدة.
دييجو أرماندو مارادونا.. تشي إرنستو جيفارا.. في بلاد الشمس الذهبية تُعزف ألحان الثورة بأقدام الثائرين.
ربما ما يجعل "إل دييجو" الأفضل عبر مر تاريخ ليست قدمه السحرية وفقط وإنما شخصيته الثائرة المتمردة دائما وأبدا، فكما يقول أحد مشجعي نابولي: "أنا أعشق دييجو لأنه واحدا مننا.. إنه يتعامل بمنطق المشجعين.. إنه مثلنا"، وفي عالم الكرة فإن المشجعين هم أصحاب اليد العليا.
لن نتحدث هنا عن علاقة دييجو برفيقه فيدلكاسترو، الثائر والزعيم الكوبي، ولا عن علاقته بالرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز ولا عن عشقه للطبيب الأرجنتيني جيفارا فهي ربما أمورا يعلمها الكثيرون وإنما سنتحدث هنا عن امر آخر.
دييجو بحكم علاقته بهولاء المناضلين اليساريين كان كارها للقوى الإمبريالية بصفة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة باعتبارها على رأس هذه القوى وهو ما عبر عنه في أكثر من مناسبة.
وعبر دييجو عن هذا الأمر صراحة موضحا كرهه الشديد للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش واصفا إياه بالقاتل وذلك خلال لقاء تلفزيوني مع فيدل كاسترو قائلا: "أظن أن بوش قاتل .. سأقود مسيرة للاحتجاج على وجوده في الأرجنتين".
وأضاف: "لقد وعدت القائد، في إشارة إلى كاسترو، بأن أفعل ذلك وسأفعل".
وأثناء اجتماعه مع الرئيس الفنزويلي السابق هوجو تشافيز ارتدى دييجو قميص كتب عليه "بوش.. مجرم حرب"، كما ارتدى "أوقفوا بوش".
وبالفعل نفذ مارادونا وعده في الرابع من نوفمبر عام 2005، أثناء زيارة بوش للأرجنتين لحضور قمة قادة جميع دول الأمريكتين بمدينة "مار دل بلاتا" لمناقشة سوق التجارة الحرة.
وقاد مارادونا هذه المظاهرات التي شارك بها الألاف من المحتجين من بينهم نشطاء حقوقيون وزعماء اتحادات عمالية وشخصيات بارزة في المجتمع ليوصلوا صوتهم إلى مجتمع الدولي بأن هناك من قال لا في وجه من قالوا نعم.
وقال مارادونا خلال المظاهرة "أنا فخور كأرجنتيني كوني أتنصل من وجود هذه النفايات البشرية مثل جورج بوش".