ديون مصر.. المواطن يدفع ثمن فشل الحكومة

ديون مصر الخارجية حتى مارس 2016

أزمات متعددة وعوائق كثيرة يواجهها الاقتصاد المصري في الأونة الأخيرة، بسبب سياسة الحكومة الاقتصادية المتخبطة وغير المدروسة، وعلى رأسها أزمة الديون الخارجية و الداخلية، والتي ستكون عواقبها وخيمة وتأثيراتها ممتدة، خاصة في ظل ارتفاعها المتتالي، وهو ما يشكل عبئا على الأجيال المقبلة.

 

وتعاني مصر حاليًا من ارتفاع الأسعار بشكل متضاعف وزيادة معدلات التضخم وعجز الموازنة، على خلفية تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود وإقرار قانون القيمة المضافة، بالإضافة إلى هبوط وتدني عائدات السياحة وقناة السويس والصادرات، ما أدي إلى انهيار الجنيه أمام الدولار.

 

وفي يناير الماضي، أعلن البنك المركزي، أن إجمالي الدين العام المحلي قفز إلى نحو 259. 2 تريليون جنيه في نهاية سبتمبر الماضي، مقابل نحو 116. 2 تريليون جنيه في نهاية يونيو من نفس العام بزيادة قدرها 143مليار جنيه.

 

وفي ديسمبر 2015، بلغت ديون مصر الخارجية 47.8 مليار دولار، مقابل 48.1 مليار دولار في نهاية يونيو 2015.

 

وفي مارس 2016، قال البنك المركزي، في بيان له في مارس الماضي، إن الدين الخارجى المستحق على مصر، ارتفع بمعدل 11.2%، حيث بلغ 53.4 مليار دولار، فى نهاية شهر مارس 2016 مقارنة بـ48.1 مليار دولار فى نهاية يونيو 2015، بارتفاع قدره 5.4 مليار دولار.

 

وفي مايو الماضي، كشف البنك المركزي المصري، في تقرير له، عن ارتفاع أن متوسط نصيب المواطن المصرى من الدين الخارجى المستحق على مصر، ليسجل 491.2 دولار، ما يعادل 4360 جنيهًا، فى نهاية ديسمبر الماضى، مقابل 474.3 دولار، فى سبتمبر 2015.

 

وفي أغسطس الماضي، اعتبرت لبنى هلال، نائب محافظ البنك المركزي ، وصول حجم الدين الخارجي لمصر لـ 53 مليار دولار، والذي يمثل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، يعد في المعدلات الآمنة.

 

ووقتها قال عمرو الجارحي، وزير المالية، إن الدين الخارجي لمصر سيصل إلى 53.4 مليار دولار إذا حصلت بلاده على قرض صندوق النقد الدولي، وبالفعل حصلت مصر قرض الصندوق ولكن الارتفاع في الديون الخارجية تخطى توقعات وزير المالية.

 

وكشف تقرير للبنك المركزي في سبتمبر الماضي، أن 7 دول تمتلك حوالي 51% من إجمالي ديون مصر الخارجية بنهاية العام الماضي، حيث تمتلك"السعودية، والكويت والإمارات" 37.3% من ديون مصر الخارجية، بينما تستحوذ ألمانيا 6 % من الديون المصرية، تليها اليابان بـ 4.6%، ثم الولايات المتحدة الأمريكية 4.2%، ثم فرنسا 3.1%، بينما تمتلك المنظمات الدولية 27% من الديون المصرية.

 

وفي أكتوبر الماضي، وقبل تعويم الجنيه، أعلن البنك المركزى ارتفاع حجم الدين الخارجى بكافة آجاله لمصر بنهاية العام المالي الماضي 2015/2016 بمقدار 7.7 مليار دولار بمعدل 16% ليصل إلى 55.8 مليار دولار، مقارنة مع 48.1 مليار دولار في نهاية العام المالي 2014/2015.

 

وأرجع وقتها، الارتفاع إلى زيادة كل من صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو 7.4 مليار دولار، وزيادة أسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار، ما أدى إلى زيادة الدين الخارجي بنحو 300 مليون دولار.

 

كما أوضح المركزي، ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي إلى 2.619 تريليون جنيه فى نهاية يونيو الماضى منه 87.3% مستحق على الحكومة، و4% على الهيئات العامة الاقتصادية و8.7% على بنك الاستثمار القومي.

 

وأشار إلى أن رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة بلغ نحو 2.285 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي بزيادة قدرها 414.3مليار جنيه خلال الفترة العام المالي 2015/2016.

 

وأدت قرارات البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه وتخفيض قيمته بنسبة 48%، في نوفمبر الماضي، إلى ارتفاع ديون مصر الخارجية بنسبة بلغت نحو 26.2% بدلاً من 17.9%، من الناتج المحلي الإجمالي.

 

فيما ارتفع الدين المحلي بقيمة حوالي 460 مليار جنيه بنسبة تصل إلى نحو 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

ورصدت "مصر العربية" أراء الخبراء حول أسباب ارتفاع الديون الداخلية والخارجية على مصر ونسب الفوائد عليها، بالإضافة إلى توقعاتهم لمعدلات هذه الديون في 2017، خلال هذا التقرير.

 

حجم الفائدة

قال رضا عيسي، الباحث اقتصادي، إن مصر تدفع 800 مليون جنيه يوميًا، كفوائد علي ديونها؛ نتيجة لتضخم حجم الديون عليها، سواء المحلية أو الخارجية، لاسيما في ظل المتغيرات الأخيرة.

 

وأشار عيسي في تصريحات لـ "مصر العربية"، إلي أن المتغيرات الاقتصادية الأخيرة والتي من بينها تعويم الجنيه المصري ورفع سعر الفائدة، أدت بدورها إلي رفع الدين الخارجي والداخلي علي مصر.

 

وبين الباحث الاقتصادي، أن زيادة 1% علي سعر الفائدة محليًا فقط، يكلف مصر حوالي 20 مليار جنيه سنويًا، لافتًا إلي أن 70% من الضرائب التي تحصلها مصر تذهب لسداد فوائد الديون فقط، متوقعًا ارتفاع حجم الدين الداخلي والخارجي علي مصر.

 

ديون 2017

بدوره، أكد رئيس المنتدي المصري للسياسات الإقتصادية، رشاد عبده، أن حجم الديون علي مصر مرشحة في الزيادة خلال 2017.

 

واستند عبده، في تصريحاته لـ "مصر العربية"، إلى حصول مصر خلال 2017 على 4 شرائح من قرض صندوق النقد الدولي، الأمر الذي سيضيف 5.5 مليار دولار على حجم تلك الديون، كما أنها ستقترض مليار دولار من البنك الدولي، ومليار آخر من البنك الإفريقي.

 

وأوضح عبده، أن مصر ستلجأ خلال العام المقبل الي اقتراض من 7 إلى 8 مليارات دولار من روسيا؛ لاستكمال مشروع الضبعة الذي قد يتكلف نحو 25 مليار.

 

تفاقم الدين

وعن سبب تفاقم تلك الديون، ذكر عبده، أننا لا نملك حكومة قوية، كما أن المجموعة الوزراية الاقتصادية ضعيفة للغاية، وكذلك أداء طارق عامر محافظ البنك المركزي، مشيرًا إلي أنه أثبت فشله في إدارة السياسة النقدية.

 

وأوضح، رئيس المنتدي المصري للسياسات الاقتصادية، أن الدولة استعانت بمن هم أقرب لإدراة الأزمة الإقتصادية وليست بمن هم أكفأ، واصفًأ إياهم بأنهم بعيدين كل البعد عن أهل العلم والكفاءة والمعرفة، الأمر الذي قادنا نحو الإقتراض.

 

إدمان الاقتراض

الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أكد أن حكومات مصر أدمنت الاقتراض، حتى وصل الدين الخارجي إلى 56مليار دولار قبل تعويم الجنيه، وبعد تحرير سعر الصرف وصل إلى نحو تريليون.

 

وقال في تصريحات لـ "مصر العربية"، إن الدين الداخلى أصبح نحو 2.5 تريليون، أي أن نصيب كل مواطن مصري في هذا الدين حوالي 33 ألف جنيه، موضحًا أنه من المتوقع زيادة هذا الدين خلال العام القادم بنسبة تفوق الـ 40% مقارنة بالنسبة الحالية.

 

وأشار خزيم، إلى أن الدين العام المحلى والخارجي لمصر تجاوز الناتج المحلي، ولو في أى دولة يكون العجز نحو 60%، لكننا نقترب من عجز بنسبة 110%، مضيفًا أن عجز الموازنة قبل تحرير سعر الصرف كان 320 مليار جنيه من إيرادات 627 مليار جنيه، وبعد التحرير هذا العجز تضاعف.

 

وأوضح أنه الدولة لو أرادت سداد الدين الداخلي بما أنه أذون خزانة للبنوك المصرية، فعليها أن تجعل هذه البنوك مساهمة في مشروعاتها القومية، طالما واثقة من نجاح تلك المشروعات.

مقالات متعلقة