إذا قال النظام المصري إن "تيران وصنافير" مصرية سنلجأ للتحكيم الدولي.
زيارة مستشار العاهل السعودي لإثيوبيا ليست انتقاما من مصر..والمملكة لن تمول "سد" يضر بدولة عربية.
العلاقات المصرية السعوية لم تصل إلى قطيعة ولا تحتاج وساطة قوى خارجية للمصالحة .
المملكة لم تفرض حظرا على الاقتصاد مع مصر .
الدول العربية تخشى غضب أمريكا وروسيا لذلك تركت لهم حلب.
تركيا ليست إخوانية وعلاقة المملكها بها تضامن لمواجهة الإرهاب والمد الإيراني.
على مصر الإكثار من الأصدقاء وتقليل أعدائها لاستعادة شخصيتها .
الحديث عن وساطة السعودية للمصالحة بين الإخوان والدولة تكهنات وغير رسمية.
الدول العربية تخشى غضب أمريكا وروسيا لذلك تركت لهم حلب.
قال الدكتور أنور عشقي، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة ، إن مواقف مصر حاليا لا تتناغم مع مواقف السعودية، لذلك بدا الخلاف واضحا بينهم مؤخرا نتيجة اختلاف وجهات النظر بين البلدين في عدد من القضايا لاسيما القضية السورية.
وأضاف عشقي الجنرال السعودي المتقاعد في حواره لـ "مصر العربية"، أن الخلافات بين المملكة ومصر لم تصل إلى قطيعة ولا تحتاج وساطة قوى خارجية للمصالحة، مؤكدا أنه إذا قالت القيادة السياسية في مصر إن جزيرتي "تيران وصنافير" مصرية، ستُحال القضية إلى محكمة العدل الدولية.
إلى نص الحوار
بداية..تفسيرك لزيارة مستشار العاهل السعودي أحمد الخطيب إلى سد النهضة الإثيوبي؟
الهدف من الزيارة هو بحث العلاقات والمشاريع الاقتصادية بين البلدين، فالمملكة قبل 10 سنوات عقدت عدة مشاريع استثمارية في الأراضي الإثيوبية، ولكن للأسف وقعت بعض التغيرات هناك فأحدث ضررا على المستثمرين السعوديين.
ولكن البعض فسر الزيارة بأنها انتقاما من مصر لموقفها من القضية السورية ؟
هذا غير صحيح لم تكن أبدا انتقاما من مصر، المملكة لا يمكن أن تفكر في أي شيء يضر مصر، فهي حريصة على العلاقة معها وهما يحتفظان بهدف استراتيجي واحد وهو الحفاظ على الأمن القومي العربي.
تعتقد أن تقبل السعودية دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي لتمويل سد النهضة ماديا؟
السعودية لا يمكنها أن تمول سدا قد يؤثر على دولة عربية أخرى، صحيح أن هناك خلافات بين الدولتين ولكنها هي مجرد خلافات في وجهات النظر.
وما سبب الخلافات التي بدت واضحة بين المملكة ومصر مؤخرا .. في رأيك ؟
هي خلافات تراكمية في وجهات النظر فكان هناك عشم بين الدولتين في كثير من الأمور، ولكن موقف مصر حاليا في عدد من القضايا لا يتناغم مع الموقف السعودي، على سبيل المثال "القضية السورية" فإن مصر تخشى أنه إذا سقط نظام بشار الأسد، سيكون الحكم للمعارضة المحكومة بجماعة الإخوان المسلمين، وهي لا تريد للإخوان أن يكون لهم سلطة في أي بلد.
وكذلك في اليمن ترى مصر أن للإخوان المسلمين الكلمة الأولى في مسألة ما يسمى بالحكومة الشرعية ذات الأغلبية من جماعة الإصلاح التي تنتمي للإخوان وهذا ما تخشاه مصر.
أيضا مصر تعتقد أن علاقة المملكة مع تركيا هي علاقة مع الإخوان المسلمين، وفي الحقيقة هي ليست كذلك إنما هي تضامن مع تركيا لمواجهة المد الإيراني ومواجهة الإرهاب وإيقاف شلال الدماء الموجود في سوريا، فكلها كانت عدم تفهم المواقف من الطرفين .
إلى أي مدى تستمر هذه الخلافات ؟
هذه الحالة من المد والجزر بين المملكة ومصر ستزول في أقرب وقت يكون فيه اجتماع بين مسؤولين ممثلين عن الدولتين، لإيضاح الأفكار ومواقف كل منهم.
وهل أثرت تلك الخلافات على التحالف العسكري بين البلدين في عاصفة الحزم؟
لم يؤثر عليه.. بدليل أن مصر لم تسحب القطاع الذي بعثته ولاتزال مستمرة في التحالف، ولا اعتقد أن التحالف سيتأثر بأي شكل نتيجة هذه الخلافات، وهو ما يؤكد أنه ليس هناك قطيعة وأزمة كبيرة بين مصر والسعودية.
وماذا عن تأثير الخلافات على التعاون الاقتصادي بين الدولتين..لاسيما بعدما أوقفت شركة "أرامكو" السعودية توريد المنتجات البترولية لمصر؟
لا اعتقد أن المملكة تراجعت عن تعاونها الاقتصادي مع مصر، ولا أعرف لماذا توقفت شركة "أرامكو" عن إمداد مصر بالبترول فهذا شيء يُرجع لها، أما المملكة فلم تفرض حظرا على أي شيء يتعلق بالاقتصاد مع مصر .
أترى أن العلاقة بين مصر والسعودية بحاجة لتدخل أطراف أخرى..في ظل ما تردد عن مساعي الإمارات للمصالحة بينهم؟
صحيح أن هناك خلافات بين المملكة ومصر لكنها لم تصل إلى القطيعة بين الدولتين، واعتقد أن المملكة لا تريد أن يكون هناك وساطة بين الأشقاء، فإذا كان هناك اختلاف مع مصر الشقيقة فلا داعي أن تتدخل دولة أخرى أو قوى خارجية للمصالحة،لكن أن تنقل وجهة النظر الأخرى لا بائس في ذلك.
تعتقد أنه إذا حكم القضاء المصري ببطلان تسليم جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية..ستزيد الخلافات بين البلدين؟
لكل حديث حدث.. ولكن ليس من اختصاص المحكمة الإدارية العليا الفصل في قضية "تيران وصنافير"، وكان المفروض الدفع بعدم الاختصاص، لأن إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة من اختصاص البرلمان المصري، وحتى إذا قال البرلمان إن الجزر مصرية سوف تُحال إلى محكمة العدل الدولية، لأنه منذ أيام فاروق ولم تكن أبدا الجزر تتبع مصر، هي كانت في إطار الحدود التركية، والسعودية ورثت تركيا وكانت "تيران وصنافير" وديعة عند مصر أيام فاروق وعبد الناصر.
وهذه قضايا حقوق لا تؤثر على العلاقات بين البلدين، فالقيادة السياسية في مصر قالت نرسم الحدود، وليس لسلطة قضائية الفصل فيها، وإذا قالت القيادة السياسية في مصر إن "تيران وصنافير" مصرية وقتها اعتقد أن المملكة سوف تتجه إلى محكمة العدل الدولية، لأن القضية تتعلق بالحدود البحرية بين الدولتين، والحدود محكومة في الأمم المتحدة سواء لمصر أو أي دولة من الدول، وأبسط شخص يفهم في القانون يعلم أنها قضية قانون دولي وليس قانون إدري.
وفي سبيل عودة العلاقات لطبيعتها..هل على مصر التراجع عن مواقفها التي تختلف مع رؤية المملكة؟
لا داعي لذلك..لكن نريد أن تتفهم مصر أنه بالإمكان حل المشكلة في سوريا بعملية السلام، وتطبيق توصيات مؤتمر جنيف الأول، بتشكيل حكومة وحدة وطنية وحينها لن تكون سوريا محكومة بأي طرف من الأطراف، ولن تسيطر عليها جماعة الإخوان، لأنها ستضم جميع الأطراف وهذا معناه أنهم لن يعطون طرف على حساب آخر، وأتمنى أن يدرك النظام المصري خطورة الوجود الإيراني في سوريا، ويشارك المملكة في رؤيتها.
وأود التوجه برسالة إلى مصر والمصريين بأنه يجب التذكر أن هناك 800 ألف أسرة سعودية ومصرية متزوجين من بعضهم البعض، والعلاقات بين الدولتين إذا تحسنت ستكون دعما للأمن القومي العربي، وكل فرد في الدولتين استشعار أهمية العلاقة بينهما في خدمة الأمن القومي العربي.
تقييمك للموقف العربي تجاه ما يحدث في حلب ؟
العملية في سوريا أصبحت شديدة الحساسية، وتُركت الأهلية للتفاهم بين روسيا وأمريكا لأن الدول العربية لا تريد أن تُغضب القوتين الكبرتين اللاتن يتحكمان في مجريات الأمور في سوريا، ولكن ما نخشاه الآن أنه إذا أُخرجت المعارضة والجيش الحر من حلب وبقية المناطق في سوريا، ستتحول إلى حرب عصابات تدوم عشرات السنين .
في رأيك..هل الخلافات بين الدول العربية وبعضها البعض أثرت على قضايا المنطقة حتى تحكمت فيها قوى دولية أخرى؟
اعتقد أن الخلافات بين الدول العربية ستضيق عندما يكون هناك تقارب بين مصر وتركيا، لإنني على يقين بأن تركيا ليست إخوانية ولكن جمعتهم المصلحة حينما اعتقدت تركيا إنها إذا تحالفت مع الإخوان المسلمين سوف سيطرون على العالم العربي بأكمله وسيكون العالم العربي مع تركيا، لكن هذا الأمر تغير والخطة الأمريكية تغيرت بالأساس في هذا الجانب.
الأمر الثاني أنهم وجدوا أن سياسات ترامب بدأت تغير ما فعله أوباما وستكون هناك أمور مختلفة عن ذلك، لأن الولايات المتحدة كانت تريد أن تكون نتيجة الربيع العربي تحول الدول العربية إلى أنظمة ديمقراطية، لكنها وجدت أن الربيع العربي أورد حروب أهلية وفوضى عارمة وأيضا وجود داعش، والآن يغير ترامب هذا كله وهو لا يستطيع العمل بنفسه ولكن "السيستم" الأمريكي هو من يقوم بذلك، بدليل أن ترامب قال إن العراق أيام صدام حسين أفضل من الآن، وليبيا أيام القذافي أفضل من الآن، وهذا معناه أنهم سوف يعرضون عن عملية فرض الموجة الرابعة للديمقراطية في العالم العربي.
وماذا عن علاقة السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية في ظل حكم "ترامب"؟
اعتقد أن العلاقة ستكون أثقل مما لو كانت تولت هيلاري كلينتون الحكم، أي أن العلاقة ستكون غير مريحة بالنسبة للمملكة، لأنه سيكون على خطى أوباما والديمقراطيين الذين يريدون إسقاط النظام الإيراني بعملية القوة الناعمة التي ستأخذ عشرات السنين، وترامب حين عين الآن وزيرا للدفاع وغير وزير الاستخبارات وعدد من الوزراء والمستشارين فهذا معناه أنه سيحدث تحول كبير في المنطقة وسوف يُقلم أظافر إيران .
وبالنسبة لمصر..توقعاتك للعلاقات المصرية الأمريكية في عهد ترامب؟
اعتقد أن مصر سوف تنسجم مع ترامب بدليل أنه اجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل نجاحه في الانتخابات، كما أن السيسي هو أول من هنأ ترامب بالفوز، واعتقد أن الولايات المتحدة سوف تعود إلى مبدأ الاعتماد على أن يكون هناك عمودين متوازيين هما السعودية ومصر، وسوف تركز على هاتين الدولتين التي يمكن أن توجد أو تُهبط الإيقاع في الشرق الأوسط وبشكل خاص الأمن.
بالحديث عن مكانة مصر في الشرق الأوسط..هل تراها عادت للريادة مرة أخرى؟
مصر الآن لاتزال تعاني من مشاكل اقتصادية وبعض التحديات، لكني على يقين أنها سوف تتجاوز كل هذه الأمور وسوف تستعيد شخصيتها، ولكي تصل إلى ذلك عليها أولا أن تكُثر من الأصدقاء وتقلل من الأعداء، فأي دولة تريد إعادة بناء نفسها عليها أن تكُثر من أصدقائها، والأمر الثاني لابد أن تركز وتبدء في عملية الوحدة الوطنية في الداخل، وثالثا تعتمد على البناء الاقتصادي في الداخل، ثم بعد ذلك تنتقل إلى آفاق المحيط الإقليمي والدولي .
من هم الذين حرص السيسي على صداقتهم ومن عاداهم..في رأيك؟
الحقيقة أن أصدقاء مصر حاليا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي هم الدول العربية المعتدلة وبشكل خاص مجلس التعاون الخليجي والأردن والمغرب والجزائر، وأرى أنه حتى المشاكل بين مصر ودول حوض النيل تحاول القاهرة أن تجعل لها حلا سياسيا ومنطقيا وتقاربا معها وهذا هو الطريق الأسلم.
مجلس التعاون الخليجي أصدر بيانا قال فيه"إن الزج باسم قطر في تفجير كنيسة العباسية يؤثر على صفاء العلاقات مع مصر"..أيعكس ذلك غضب خليجي تجاه القاهرة؟
لا ..ليس هناك غضب من دول الخليج تجاه مصر، لأنها دولة عربية إسلامية صديقة لا غنى عنها، والخلافات التي توجد بينهم هي اختلافات في وجهات النظر كالتي تحدث بين الأخوات، ولا يمكن أن تتأثر العلاقات بينهم مطلقا خاصة أنه يربطهم جميعا هدف استراتيجي واحد وهو الحفاظ على الأمن القومي العربي.
تردد كثيرا الحديث عن وساطة السعودية للمصالحة بين الإخوان والدولة المصرية..ألاتزال هذه المحاولات قائمة؟
كل هذه العمليات التي تُبحث وتُتداول عن مساعي السعودية للمصالحة بين الإخوان والدولة المصرية، لم تظهر إلى الآن على المستوى الرسمي، وكلها قد تكون تكهنات أو خبر لا نستطيع التعويل عليه.
ولكن هناك في مصر إخوان وآخرين مؤيدين لهم و متعاطفين، وأرى أنه لا يمكن أخذ المتعاطف على أنه إخوان وأقسم على الولاء لهم، هؤلاء المتعاطفين مغرر بهم ولابد أن نُقصيهم عن الإخوان، هناك أيضا المؤيدون يتفقون مع الإخوان في هدف أو عدد من الأهداف من الممكن أيضا إقصائهم، ومن ثم سنجد أن ما تبقى للإخوان مجموعة لا تتجاوز الألف .
كيف ترى علاقة مصر مع روسيا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي؟
الرئيس عبد الفتاح السيسي خطى خطوات طيبة في التقارب مع روسيا، ولكن يجب ألا تكون على حساب الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة وغيرها، وهذا ما ارتكبته من أخطاء تركيا حين وضعت يدها مع روسيا والصين وبدأت تخسر الولايات المتحدة، ولكن مصر تختلف عنها في عهد السيسي فهي تريد أن تكون على علاقة جيدة بأمريكا وروسيا والصين وهذا الطريق الصحيح .
مؤخرا منعت المملكة الكاتب الصحفي جمال خاشقجي من الكتابة والتغريد على "تويتر"..لماذا؟
لأنه كان يوحي للآخرين أنه يتكلم باسم الدولة، ويكرس دورا لصالح الإخوان لذلك المملكة فضلت له السكوت حتى لا يؤثر على علاقتها بالدول الأخرى ويتعدى دوره كصحفي .
ولكن أليس ذلك تقييدا لحرية رأي الكاتب؟
هذا لا يُعتبر تقييد لحرية الراي، لأنها مسألة استخدام اسم الدولة وإحداث فتنة، ولابد أن يكون هناك حذر في هذا الجانب، فهو لم يسجن ولم يعاقب ولكن مُنع من الحديث إلا إذا هو تكلم بأسلوب متوازن ويسير في إطار سياسة الدولة.