أعطى المشير خليفة حفتر القائد العام لعملية الكرامة أوامرا لقواته بالاستعداد لما أسماه "تحرير" العاصمة طرابلس بدعوى الانتقام من الاعتداء الجنسي على سيدة منذ أسبوع على يد إحدى الميليشيات في طرابلس.
يأتي هذا بعد ساعات من انقضاء الحوار الذي رعته مصر في القاهرة بين الأطراف الليبية المتنازعة.
"كأن شيئا لم يحدث"، هكذا قيم مراقبون جلسة الحوار في مصر التي حضرها الفريق محمود حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية وسامح شكرى وزير الخارجية .
"وحدة التراب، والجيش، وحرمة الدم، وقبول الآخر، والحفاظ على مؤسسات الدولة، ورفض التدخل الأجنبي"، مبادئ عامة خرج بيها الحور الوطني الليبي في مصر ولم تكن هنا المعضلة.
نقاط خلافية
المشكلة كانت في الدعوة لتعديل الاتفاق السياسي وإعادة النظر في من يتولى مهام القائد الأعلى للجيش، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي وإعادة النظر في تركيب مجلس الدولة، ويرى المراقبون أن مصر تميل لكفة حفتر بالكامل على حساب حكومة الوفاق الوطني وهو ما يجعل الحوار بلا تأثير.
ويسيطر على المعسكر الشرقي خليفة حفتر وبرلمان طبرق الذي يرأسه عقيلة صالح، بينما غريمته حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في المغرب تحت رعاية الأمم المتحدة تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها.
وتنازع حكومة الوفاق في طرابلس حكومة الإنقاذ الوطني بقيادة خليفة الغويل التابعة للمؤتمر العام والتي أعلنت عودتها للعمل وتجميدها لحكومة الوفاق فردت حكومة السراج بسعيها لاعتقال أفراد هذه الحكومة وكلاهما مناهض لمعسكر الشرق.
وتنذر دعوة حفتر لقواته بالاستعداد لدخول طرابلس باشتباكات دامية قد تحدث بين قوات حفتر وقوات حكومة الوفاق والميليشيات المؤيدة لها خاصة أن معارك عنيفة وقعت بين الجانبين في منتصف سبتمبر الماضي حينما انتزع حفتر السيطرة على الموانئ النفطية التي كانت تحكمها قوات حرس المنشآت الموالي لحكومة الوفاق.
وفي 7 ديسمبر الماضي حاولت ميليشيات انتزاع السيطرة على الموانئ النفطية ولكن قوات حفتر تصدت لها وتبرأت منهم حكومة الوفاق.
بلا جدوى
كامل عبدالله المتخصص في الشؤون الليبية رأى أن حوار القاهرة كان بلا أي جدوى لأنه افتقر لأسس الوساطات والمفاوضات بالضغط على جانبي الصراع لتقديم تنازلات في سبيل الوصول للحرب المستمرة منذ فترة طويلة.
وأوضح في حديثه لـ"مصر العربية" أنه بدلا من ذلك مصر تبنت مطالب حفتر وعقيلة صالح كما هي وطرحتها لذلك فقدت الحياد ولم يصبح للحوار أي أثر. مردفا:” كان عبارة عن مضيعة للوقت، ولم يقدم فكرة سياسية بل إعلان ضمني بتأييد طرف"
جولة جديدة من الصراع
وعن دعوة حفتر لقوات بالاستعداد لدخول طرابلس قال عبدالله إن هناك مؤشرات قوية
أن جولة من الصراع العنيف قادمة، في ظل أن مواقف المجتمع الدولي باهتة، وتقاعس دور القوى الإقليمية المعنية بالقضية الليبية، وحرب تصريحات بين أطراف الأزمة.
وتوقع أن تشهد أشهر يناير وفبراير ومارس من العام الجديد اشتباكات عنيفة بين أطراف الصراع في ليبيا، مفيدا بأن الاتفاق السياسي سيكون رهين للتطورات الميدانية.
وأشار المتخصص في الشؤون الليبية إلى أن البعض يريد تعديل الاتفاق والآخر نفسه والتفاوض حول اتفاق جديد.
شرعية الحرب
وذكر أن معسكر حفتر في الشرق يخشى العملية السياسية ويعتمد على شرعية الحرب، فهو يؤمن أن العملية السياسية ستكون خسارة له، لأنه غير قادر على توظيف مكاسبه العسكرية سياسيا لذلك سيصر على الاستمرار في الحرب.
وتابع:” في غرب ليبيا الوضع معقد أكثر فالكل هناك أعداء لبعضهم البعض، ومن يوالي حفتر يفعل ذلك نكاية في خصومه".
وكشف عبدالله أن حفتر يحاول ضم حلفاء جدد له في طرابلس وبعضهم له شروط وعلى مقدمتها الاعتذار.
لم تقدم شيئا
اللواء أركان حرب طعلت مسلم الخبير العسكري اتفق هو الآخر مع سلفه في أن محادثات القاهرة لم تقدم أي شيء ولكن ربما بعد فترة وإقامة عدة حوارات مماثلة أخرى يحدث وفاق ولو مبدئيا.
واعتبر مسلم في حديثه لـ"مصر العربية" دعوة حفتر لجنوده غير جدية وتأتي من باب الضغط السياسي.
ورأى الخبير العسكري أن الوقت الراهن غير مناسب لمثل هذه الخطوة بالنسبة لحفتر، ولن يقبل عليه حاليا.
وتخوض قوات حفتر معارك عنيفة في بني غازي منذ شهور طويلة مع مقاتلي مجلس شورى ثوار بني غازي المحسوب على التيار الإسلامي وإلى الآن لم تحسم المعارك بعد مع تكرار تصريحات قوات حفتر بقرب حسم المسألة عسكريا