فاينانشيال تايمز: إيران الرابح الأكبر من سقوط حلب

الأوضاع في حلب مأساوية

هزيمة المعارضة في حلب جاءت مصحوبة بإراقة الدم والمواد المتفجرة الحديثة التي كانت تنزل كالمطر على سكان المدينة، ناهيك عن الحصار الذي أنهكها، لتقع في النهاية أخر حصون المقاومة السورية في أيدي قوات الرئيس بشار الأسد.

 

لكن سقوط حلب يمثل أكثر من مجرد حدث. فهو جزء لا يتجزأ من عملية فوضوية عنيفة لم ولن تقوى القوى الأجنبية في سوريا والعراق- روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية- على تحويلها إلى أي شكل من أشكال الاستقرار. بل هي، فوق هذا وذاك، تمثل نصرا لـ إيران، إذا نظرنا إلى مستقبل المنطقة.

 

جاء هذا في مقالة للكاتب الصحفي ديفيد جاردنر بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية والتي راح يتناول فيها بالتحليل المكاسب التي حققتها إيران على الأرض من معركة حلب التي استطاعت أن تحسمها القوات السورية الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد والتي تدعمها بجانب روسيا، طهران.

 

وقال الكاتب إن روسيا بالطبع تبرز من معركة حلب كـ كقوة عالمية لا تتوانى عن تأمين مقعد لها في مقدمة مسرح الأحداث العالمي، وبأي ثمن، حتى ولو اضطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحويل حلب إلى "جروزني" جديد مستخدما في ذلك أبشع السبل والوسائل الممكنة. ولعل هذا ما ألمح به ديمتري ترينين من مركز "كارنيجي" في العاصمة الروسية موسكو خلال مؤتمر في بيروت الأسبوع الماضي، حينما قال:" الموقف الروسي في سوريا لا يتعلق بسوريا في حقيقة الأمر، أو حتى بمنطقة الشرق الأوسط. ولكنه يتمحور حول دور عالمي- وفي النهاية تحالف يعادل الولايات المتحدة الأمريكية."

 

لكن وبالنسبة لـ إيران، كقوة إقليمية ومسلمة شيعية، تختلف المسألة. فـ روسيا وإيران حليفان في سوريا، ولا ينكر أحد أنهما نجحا في الحفاظ على موكلهم، بشار الأسد على رأس دولة مهلهلة كانت قد رضخت تقريبا لمقاومة سنية في مناسبات ثلاث منذ أعلنت دمشق الحرب على الانتفاضة الأهلية التي اندلعت ضد الطاغية بشار الأسد في العام 2011.

 

لكن موسكو وطهران سيختلفان لا محالة في توقعاتهما من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. والدليل على ذلك ريكس تيليرسون الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل"، الذي اختاره ترامب ليترأس حقيبة الخارجية الأمريكية، بعد أن أثار تيليرسون القلق والشكوك حول العلاقات الوثيقة بين ترامب وبوتين الذي يقر الرئيس الأمريكي المنتخب بإعجابه به.

 

لكن مايكل فلين الجنرال المتقاعد وصاحب نظريات المؤامرة الذي اختاره ترامب في منصب مستشار الأمن القومي الخاص به والمعروف بعدائه الصريح لـ طهران، يصر على أن طهرن كانت وراء الهجوم الذي استهدف القنصلية الأمريكية في بنغازي في العام 2012.

 

ولعل الاختبار المبكر الذي سيحسم على الأرجح العلاقة بين ترامب وبوتين سيتمثل في نية الأول تنفيذ تهديدات حملته الرئاسية بإلغاء الاتفاق النووي المبرم بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما والقوى العالمية، من بينها روسيا، من ناحية وبين إيران من ناحية أخرى في العام الماضي.

 

وتضع هذه الاتفاقية قيودا على أنشطة تخصيب اليورانيوم من جانب طهران مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران على خلفيه برنامجها النووي المثير للجدل.

 

وهذه هي الطريقة الوحيدة لشل قدرات إيران النووية، والتي ربما يتسبب الفشل فيها في اندلاع الحرب الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سيدفع المنطقة بأكملها إلى دخول النادي النووي.

 

ولعل هذا من بين الأسباب التي كانت تسابق إيران الزمن بسببها لحسم معركة حلب، كي تقف على الحقائق كاملة قبل مراسم تنصيب ترامب الرئاسية الرسمية المقررة في يناير المقبل.

 

إن معركة حلب التي سُحقت فيها المعارضة المسلحة، هي انتصار أخر لـ إيران، والذي تحقق بخسائر فادحة، على أيدي قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المتحالفة معها مثل حزب الله اللبناني. ويخلق هذا الانتصار منطقة مجاورة عميلة لـ طهران تمتد من حكومة بغداد التي يسيطر عليها الشيعة ومرورا بالائتلاف شبه العسكري الشيعي الذي ينشط في الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة على مدينة الموصل، وحتى الساحل السوري وصولا إلى بيروت التي نجحت طهران في تنصيب مسيحي حليف لها في منصب الرئيس هناك.

 

لمطالعة النص الأصلي

 

 

مقالات متعلقة