لا يزال الصراع السعودي الإيراني يسيطر على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، والذي يتوقعه مراقبون باحتمالية تحوله لمواجهة عسكرية، عبّر عنها العاهل السعودي الملك سلمان قبل يومين في مجلس الشورى السعودي بحديثه عن اليمن، حين أشار بقوله إن أمن اليمن من أمن المملكة وأن السعودية لن تسمح لأحد بالتدخل في اليمن، موجها إشاراته لإيران. بحسب مراقبين.
التصريحات السعودية أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط اليمنية والخليجية، ففيها إشارة واضحة على إصرار المملكة بإكمال ما بدأته في اليمن، ومؤكدة على استمرار الدعم السعودي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ما يبرهن استمرار الصراع السعودي الإيراني..
كما أن تلك التصريحات بمثابة تحذير لإيران الداعم الأول للحوثيين، والتي وسعت من دعم الأخير وتزويده بالأسلحة في الساعات الأخيرة.
حدة النزاعات المسلحة وغير المسلحة بين إيران والسعودية تفاقمت في الآونة الأخيرة، في المنطقة العربية، خصوصا مع انسداد آفاق الحلول والتسويات السياسية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وبالتالي بات انخراط البلدين في حوار ثنائي أو متعدد الأطراف، يفضي إلى تسوية أو احتواء قضايا الخلاف بينهما، من شأنه "تبريد" هذه الصراعات بصورة مؤقتة ليس أكثر.
وفي لقاء الملك سلمان بأعضاء مجلس الشورى السعودي قبل يومين صرح خلال كلمته قائلا: "بالنسبة لليمن الشقيق فنحن في المملكة العربية السعودية نرى أن أمن اليمن الجار العزيز من أمن المملكة ولن نقبل بأي تدخل في شئونه الداخلية أو ما يؤثر على الشرعية فيه أو يجعله مقرا أو ممرا لأي دول أو جهات تستهدف أمن المملكة والمنطقة والنيل من استقرارها".
ومنذ 26 مارس2015، يشن التحالف العربي بقيادة السعودية عمليات عسكرية في اليمن ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، استجابة لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بالتدخل عسكرياً لـ"حماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات.
أيضًا لم تتوانَ المملكة في حشد المجتمع العالمي في صفها ففي 7 ديسمبر الماضي أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي "أن إيران تشكل خطرا واضحًا على منطقة الخليج ولا بد من التصدي لها عن طريق بذل جهود مشتركة".
وشددت ماي في خطاب ألقته أمام المشاركين في أعمال قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي في المنامة، على أن أمن الخليج يعني أيضا أمن بريطانيا، متعهدة بالعمل المشترك على منع أي هجمات موجهة ضد دول الشرق الأوسط وأوروبا، لا سيما الهجمات الإلكترونية.
وأشارت رئيسة الحكومة البريطانية إلى الارتفاع المستمرة في عدد التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشكل خطرا على أمن بريطانيا ودول الخليج، على حد سواء، مؤكدا ضرورة مواصلة بذل المساعي المشتركة في مواجهة "اللاعبين الذين يقوض نفوذهم الاستقرار في المنطقة"، على حد قولها.
واستطردت ماي قائلة: "بودي أن أؤكد لكم أننا نرى الخطر الذي تشكله إيران على الخليج والشرق الأوسط الكبير".
وأضافت رئيسة الوزراء البريطانية أن بلادها متمسكة بشراكتها الاستراتيجية مع دول الخليج وتعمل معها جنبا إلى جنب على مواجهة الخطر الذي تواجهه.
وشددت ماي على ضرورة الحيلولة دون التصرفات السلبية لطهران في سوريا واليمن ومنطقة الخليج، بغية تحقيق الأمن والاستقرار فيها.
بريطانيا ليست الدولة الأولى التي يهاجم مسؤولوها في الآونة الأخيرة إيران، إذ قرر مجلس الشيوخ الأمريكي في مطلع الشهر الجاري تمديد العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات أخرى، ما هدد بانهيار الاتفاق النووي المبرم بين طهران ودول مجموعة 5+1 في 15 يوليو 2015. وتعليقا على قرار مجلس الشيوخ، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي باراك أوباما بعدم التصديق على قرار الكونجرس بتمديد العقوبات الأمريكية على إيران، والتي اعتبرها انتهاكا للقانون الدولي. وقال روحاني في كلمته عقب القرار الأميركي أمام مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان): إنه ينبغي على الرئيس الأمريكي عدم المصادقة على ذلك القرار والحيلولة دون تنفيذه، معتبرا تمديد مجلس الشيوخ للحظر ضد إيران انتهاكا صارخا للاتفاق النووي، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "فارس". ودعا قادة دول الخليج، إيران إلى تغيير سياستها في المنطقة بالالتزام بقواعد القانون الدولي، وأعربوا عن "استنكارهم لاستمرار التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس".
وأكد قادة دول الخليج، "على ضرورة أن تغير ايران من سياستها في المنطقة وذلك بالالتزام بقواعد وأعراف المواثيق والمعاهدات والقانون الدولي".
الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية والأمن القومي قال إن هناك توترًا شديدا بين العلاقات السعودية والإيرانية يرتكز على من يلعب الدور الرئيسي في منطقة الخليج.
وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية"، أن إيران تعتمد في هذا الصراع على قوتها الذاتية سيما العسكرية، بينما المملكة العربية السعودية تعتمد على تحالفاتها الاستراتجية ونفوزها العالمي وعلاقاتها القوية الدول العظمى.
واستطرد، أن إيران تتبع استراتيجية الحرب بالوكالة إي أنها تحارب بشكل غير مباشر ولها أدواتها المؤثرة في هذا الشأن، ففي اليمن لديها الحوثيون وعلي عبد الله صالح، وفي اليمن تساند بشار من خلال الميلشيات الشيعية، وفي لبنان لديها حزب الله.
واستنكر الخبير في الشأن الدولي، الذين يعتبرون أن الصراع السعودي الإيراني هو صراع ديني او طائفي، مؤكدا أنَّ الصراع بين الدولتين هوصراع سياسي على النفوذ في المنطقة.
وتوقع المشاط أن يتطور الصراع الآونة القادمة مستمرًا مدة طويلة حتى يحدد شكل المنطقة فقد أصبح من المؤكد أن الشرق الأوسط سوف يعاد تشكيله في الأيام القادمة.
الدكتور محمد سعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام قال إن تصرفات إيران دائما تتسم بالطائفية، وغالبا ما تكون هي الفاعل، ثم تأتي ردود الفعل السعودية.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن أكبر المستفيدين من حالة الصراع القائم بين المملكة العربية السعودية وإيران هي الولايات المتحدة الأمريكية، لأن الصراع يصب في مصلحة إسرائيل.
وتوقع الخبير فى الشأن الأيرانى، أن تشارك دول كوسطاء لحل الأزمة بين البلدين، محذراً من أن يتم تصعيد معركة بين العرب السنة والشيعة فى المنطقة".
وتشهد العلاقات بين السعودية وإيران، أزمة حادة، عقب إعلان الرياض في 3 يناير الماضي، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأخيرة، على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمالي إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجاً على إعدام "نمر باقر النمر" رجل الدين السعودي "شيعي"، مع 46 مداناً بالانتماء لـ"التنظيمات الإرهابية".