جدد تفجير الكنيسة البطرسية الذى وقع الأسبوع الماضي بالقاهرة، وخلف 26 قتيلا ، وقرابة 48مصابا، الحديث حول تعديلات دستورية تسمح بإحالة المتهمين في قضايا الإرهاب للقضاء العسكري، وهو ما يحتاج لتعديل المادة 204 من الدستور.
أصحاب دعوة إحالة الإرهابين للقضاء العسكري يتحججون بأن القضاء المدني مثقل بالقضايا التى ينظرها، كما أن بطء إجراءات التقاضي تسببت في عدم ردع الإرهابين، بينما يتخوف معارضو الفكرة من أن الهدف من تعديل الدستور هو تمرير حزمة تعديلات أبرزها تمدير فترة الرئاسة من أربع سنوات لست سنوات، وأن قضية المحاكمات العسكرية هي مجرد "قنطرة" لتعديل بعض المكاسب الدستورية التى تحققت في دستور 2014.
مكافحة الإرهاب.. هل تكون الباب الخلفي لتعديل الدستور؟
البداية كانت مع المفكر السياسي عبد السناوي، والذى رفض المقترح مؤكدا على أن أي مساس بالدستور سيكون بداية النهاية للنظام الحالي.
وقال السناوي لـ"مصر العربية" إن نفي رسمي صدر من رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال، قبل أيام بخصوص تعديل الدستور، وقال إن هذه الدعوات محض أكاذيب لا وجود لها.
وأضاف أنه بشكل عام، لا يعتقد أن هناك فرصة لعمل تعديلات دستورية حاليا، ﻷنها ستفتح باب لتقالبات وعدم استقرار سياسي، ستكون أثاره سلبية على السلطة الحالية.
ولفت إلى أن دستور 2014، هو الانجاز الوطني الوحيد الذى تحقق خلال السنوات الماضية.
وألمح إلى أن الدستور محل توافق وطني، مشيرا إلى أنه حتى الذين لم يصوتوا بالموافقة عليه يستشهدون به، وأى تعديل يجب أن يكون بمنطلق توافق وطني أيضا.
وذكر السناوي أن الاقتراب من الدستور كان أفة الرؤساء السابقين، فتم الإطاحة بمبارك بعدما عدل الدستور، وكان دستور 2012، بداية نهاية حكم الرئيس محمد مرسي، بعدما صوتت القاهرة والأسكندرية عليه بـ"لا" مؤكدا على أن الثورات دائما تكون من العاصمة.
وقال إن الدستور ليس لعبة، لكى يعدل كلما تثار مشكلة، واصفا الداعين لتعديله بدعوى إحالة الإرهابين للقضاء العسكري بأنهم مصابون بالخرف الفكري والسياسي، لافتا إلى أن أى تعديلات ستجري حتى في قوانين الاجراءات الجنائية ستكون محل طعن بغير الدستورية، إذا خالفت مواد الدستور.
وأضاف أن من يدعون لتعديل الدستور هم من يتأمرون على نظام الرئيس السيسي، ﻷن الدساتير تعدل وفق اجراءات دستورية معروفة، وبشرط التوافق الوطني.
بالرجوع إلى تصريحات رئيس البرلمان التى انتقد فيها، قيام بعض الإعلاميين بالترويج كذبا بشأن ما أعلنه البرلمان حول إجراءات حماية الوطن.
وأكد عبد العال فى كلمته بالجلسة العامة أن ما أطلقه البرلمان بشأن حماية الوطن تقتضى اتخاذ تدابير حتى لو تطلب الأمر إلى تعديل الدستور، تم الترويج لذلك إلى أن البرلمان يهدف لتعديل الدستور بهدف تعديل المادة المتعلقة بمدة رئيس الجمهورية، وهذا غير صحيح.
لكن على الجانب الآخر شدد عدد من نواب البرلمان على ضرورة إحالة كل قضايا الإرهاب للقضاء العسكري، فقال اللواء محمد صلاح أبو هميلة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، والقيادي بائتلاف دعم مصر إن إحالة القضايا المتهم فيها إرهابيون للقضاء العسكري هي الحل الأمثل لردع المتطرفين.
وأكد أبو هميلة في تصريحات لـ"مصر العربية" أن البرلمان سيعقد جلسة استثنائية خلال أيام لمناقشة تشريع جديد يسمح بسرعة مقاضاة الإرهابين وانجاز قضايا الاعتداء على الوطن.
وأشار إلى أن الحكم على المتهمين في قضايا الإرهاب يجب ألا يتأخر كثيرا عن وقت الجريمة حتى يكون رادعا لافتا إلى أن بعض القضايا المتهم فيها قيادات جماعة الإخوان منذ 30يونيو وحتى الآن لم يفصل فيها.
وقال إن إحالة هذه القضايا للمحاكم العسكرية سيجعل هناك رادع قوى لمن تسول له نفسه بالبعث بأمن البلاد، لافتا إلى أن المتهم عادل حبارة حتى الآن لم ينفذ فيه الحكم حتى الآن.
وبدوره قال اللواء حسن السيد عضو مجلس النواب عن حزب حماة الوطن، الهدف من مطالبتهم بإحالة الإرهابين للقضاء العسكري، ليس تعديل الدستور وإنما هو السرعة في القصاص للشهداء.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن الرئيس طالب منذ سنتين بتعديل اجراءات التقاضي إلا أن الحكومة تتقاعس عن التنفيذ ولم تقدم تعديل لقوانين الاجراءات الجنائية حتى الآن للبرلمان.
وأوضح أن المحاكم المدنية لا تجد مقرات كافية لعقد جلساتها وبالتالي يجب الاستعانة بقاعات حكومية أخرى كما يتم في أكاديمة الشرطة بأن تتم المحاكمات في معاهد القوات المسلحة ومقراتها لانجاز الأمر.
ولفت إلى أنه لو تحققت سرعة التقاضي من خلال القضاء المدني فلا حاجة وقتها للقضاء العسكري حتى لا نقحم الجيش في قضايا غير تخصصاته ولا توجه له انتقادات.
وتنص المادة 204 من الدستور على أن " القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشرًا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم. ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى. وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية".