شهدت أسعار الذهب خلال العام الجاري ارتفاعًا كبيرًا لأكثر من الضعف بنسبة تراوحت إلى 126% تسبب فيها عدة عوامل كان على رأسها ارتباطه بـ سعر الدولار الذي قفز هو الآخر لأرقام قياسية.
ففي أول شهر يناير من هذا العام، سجلت أسعار الذهب من عيار 21 للجرام 260 جنيها، وبنهاية الشهر بلغ عيار 21 نحو 265.50 جنيه، بعد موجة من الارتفاع على المستوى المحلى والعالمى، نتيجة ارتفاع سعر النفط إلى 34 دولارا للبرميل الواحد.
وبنهاية شهر فبراير، وصل عيار 21 نحو 295جنيهًا، جاء ذلك بعد موجة من الزيادة التي سيطرت على الأسواق بقيمة 8 جنيهات خلال التعاملات، حيث سجل السعر العالمى 1212 دولار للأوقية.
وشهدت أسعار الذهب، في مستهل شهر مارس تذبذبا ملحوظا في مصر بين الانخفاض والارتفاع نتيجة انخفاض سعر الذهب عالميا بجانب ارتفاع سعر الدولار في البنوك رسميًا، إلى أن قفز سعره بختام الشهر حيث بلغ عيار 21 حوالي 320 جنيهًا.
وقفز سعر الذهب خلال شهر أبريل، العديد من القفزات فوصل سعر عيار 21 في بداية الشهر إلى 326 جنيهًا، ومع زيادة عالمية فى البورصة بقيمة 4 دولارات للأوقية ليصل السعر العالمى إلى 1234 دولارا، سجل عيار 21 "370" جنيها بنهاية الشهر.
وشهد المعدن الأصفر استقرارًا إلى حد كبير في مايو حيث ظل سعر عيار 21 يتراوح بين 370 حتى 365 جنيها، وفي يونيو، قفز سعره عدة مرات، حيث سجل سعر الجرام لعيار 21 ، 392 لأول مرة في تاريخ مصر، وواصل الارتفاع أيضًا حتى وصل إلى 398 جنيهًا بنهاية الشهر.
وفى ارتفاع كبير ومفاجئ، صعدت الأسعار المحلية للذهب في يوليو ليسجل عيار 21 حوالي 430 جنيها للجرام.
وأصبح هذا الارتفاع، الأول من نوعه يشكل أزمة حقيقة، لاسيما في ظل مضاربات السوق السوداء والتلاعب في قيمة العملة الأمريكية، وبنهاية شهر اغسطس، سجل سعر عيار 21، أعلى مستوي 463 جنيه للجرام بعد ارتفاعات مستمرة لم تحدث في مصر.
وانخفضت أسعار الذهب، خلال شهر اغسطس بحوالي 10 جنيهات ليسجل عيار 21 نحو 450 جنيهًا، على الرغم من ارتفاع سعر الأوقية العالمية لـ 1337 دولار.
وفي سبتمبر بدأت أكبر موجة لارتفاع أسعار الذهب ليتخطى الـ 500 جنيه، وواصل المعدن الأصفر ارتفاعه الجنوني، حتى وصل سعر الجرام لعيار21 إلى 630 جنيه، بنهاية شهر أكتوبر.
ومع تعويم الجنيه في نوفمبر واستقرار سعر الصرف مؤقتًا عند 14 جنيها، انخفضت أسعار الذهب إلى 550 جنيها لعيار 21 إلا أنه لم يلبث أن بدأ رحلة الصعود مع ارتفاع سعر الدولار في البنوك إلى مستوى 18 جنيها حتى استقر الذهب عند 580 بنهاية الشهر.
وفي ديسمبر، بدأت موجة صعود للعملة الخضراء بالبنوك، انعكست على اسعار الذهب ليتذبذب سعره صعودا وهبوطا بين 590- 600 جنيه.
ورغم الهبوط الذي لحق بأسعار الذهب عالميا تأثرًا بقرار البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلا أن أسعار الذهب بمصر لم تتأثر كثيرًا.
وأرجع خبراء الاقتصاد سبب عدم هبوط أسعار الذهب بمصر، مقارنة بهبوط أسعاره عالميًا، إلى سببين رئيسين، أولهما يكمن في انخفاض القيمة الشرائية للجنيه المصري، لاسيما في ظل تطبيق سياسة تعويم الجنيه، وثانيهما يرجع إلى ارتباطه بقاعدة العرض والطلب، متوقعين أن تشهد أسعار الذهب في مصر انخفاضًا طفيفًا خلال الفترات المقبلة.
واصف أمين، رئيس شعبة الذهب، قال إن هبوط سعر الذهب عالميًا، جاء كرد فعل طبيعي بعد رفع الفائدة الأمريكية، مشيرًأ الي ان الاستقرار الملحوظ لسعر الذهب في مصر، يعود الى انخفاض سعر الجنيه امام الدولار الامريكي.
وأضاف أمين، في تصريحات لـ "مصر العربية"، أنه لايمكن توقع أسعار الذهب بالارتفاع او الانخفاض خلال الفترات القادمة، لاسيما أن الذهب لايمكن لأحد على الإطلاق أن يتوقع سعره، في ظل ارتباطه بالبورصة العالمية وسعار الدولار.
رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، اعتبر أن سبب ارتفاع أسعار الذهب في مصر على الرغم من هبوطه عالميًا، يرجع إلى سببين أولهما هو قاعدة العرض والطلب، حيث إن زيادة الإقبال علي شرائه باعتباره مخزونًا للقيمة، يؤدي الى ارتفاع سعره.
وعن السبب الثاني، أوضح عبده في تصريحات لـ "مصر العربية"، انه يرجع إلي انخفاض القيمة الشرائية للجنيه المصري، بعد تعويم الجنيه، متوقعًا أن ينخفض سعره خلال الفترات المقبلة وإن كانت نسبة الانخفاض ستكون قليلة.
وأشار إلى أنه في حال ارتفاع القيمة الشرائية للجنيه المصري، فإنه سيترتب عليه انخفاض العديد من السلع والتي من بينها الذهب.
ولفت الدكتور سعيد توفيق، الخبير الاقتصادي، إلى أن هبوط سعر الذهب عالميًا في مقابل استقراره في مصر، يرجع إلى عدم استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري حيث إن غالبية الذهب في مصر يتم استيراده من الخارج.
وأوضح توفيق، في تصريحات لـ "مصر العربية"، أنه من ضمن الأسباب الأخري أيضًا، هو استغلال تجار الذهب لهذا الأمر، والتلاعب بسعر الذهب كما يشاؤون، مقترحًا أن يقوم جهاز حماية المستهلك بإلزام أصحاب محال بيع الذهب، بوضع شاشة بقيمة جرام الذهب بكافة الأعيرة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن تطبيق هذا الأمر سيكون بمثابة رقابة حقيقية علي جشع واستغلال التجار، كما سيحد من تفاقم آثار تلك الأزمة.