تجددت حالة الجدل حول إلغاء مادة التربية الدينية من المناهج التعليمية بوزارة التربية والتعليم، مع اقتراح النائب عصام فاروق، بإلغاء حصة الدين من المدارس، وذلك بعد حادثة تفجير كنيسة البطرسية بالعباسية، التي أسفرت عن مقتل نحو 26 شخصا و48 مصابا .
وتباينت ردود الأفعال حول هذا المقترح، الذي ناقشته لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، نهاية الأسبوع الماضي، وبرره صاحبه بأن إخراج الأطفال المسيحين من الفصل أثناء حصة الدين الإسلامي، تُعطي رسالة لزملائهم بأنهم ليسوا "شبهك"، ورأى أنه مفترض تكون "حصة الدين" في الجوامع و الكنائس على حسب كل ديانة.
مقترح "فاروق" لم يكن الأول في هذا السياق، سبقه في ذلك الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر الشريف إذ طالب، خلال مؤتمر تصوير وإصلاح التعليم في نوفمبر الماضي، بأن تكون مادة الدين علوم دينية تحتوي على الإسلام والمسيحية، مضيفا :"احنا مش بنعلم دين بنعلم علوم دينية..مش أنا اللي هصلح علاقتك بربنا".
وفي شهر مارس الماضي، تقدمت النائبة نادية هنري، عن حزب المصريين الأحرار، بمقترح استبدال مادين التربية الدينية سواء الإسلامي أو المسيحي، بمادة بـ "القيم والأخلاق"، حتى لا يُزرع التمييز والفتن بين التلاميذ.
اتفق نواب مع هذه المقترحات، وزادوا عليه مطالب بإلغاء تدريس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي بالمدارس، مشيرين إلى أن البلدان التي لا تُدرس الدين أكثر حفاظا على الأخلاق من بلادنا، فيما اقترح آخرون أن يكون هناك جمعا بين مادتي التربية الدينية الإسلامية والمسيحية، وفريق ثالث رأى أن التعليم بأكمله يحتاج لثورة.
الدكتور آمنة نصير، عضو لجنة التعليم البرلمان، قالت إن المسألة ليست في إلغاء مادة التربية الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، ولابد من التدقيق في الطرح المقترح حتى لا يقابل بالهجوم .
وطالبت نصير، خلال تصريح لـ "مصر العربية"، بأن تكون هناك حصة تجمع بين المسلم والسيحي، بما لدى الديانتين من قيم أخلاقية مشتركة وجاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدث عنها عيسى وموسى عليهما السلام وكذلك جميع الأنبياء.
وأضافت، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال في حديثه الشريف:" إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، موضحة أنه يتمم الأخلاق ولا يبدءها، وكذلك القرآن الكريم يخاطب الناس جميعا بـ "يا أيها الناس، يابني آدم"، أي أن هناك نصوص من القرآن والأحاديث الكثير مما يتطابق ويتعارف مع مفهوم الوطن والوطنية، وكذلك لدى المسيحيين.
وتابعت: وعلى هذا تكون هناك مادة تجمع بين نصوص القرآن والإنجيل ما يتطابق ويتعارف منهما، وتُدرس للمرحلتين الإبتدائية والإعدادية، لإيجاد أرضية مشتركة بين الأطفال في هذا السن المسلمين والمسيحين، وفي المرحلة الثانوية تُدرس وزارة التربية والتعليم ما تشاء للطلاب.
وأوضحت، أن هذه المادة ستكون بديلة لمادة التربية الدينية، لأنها ستكون عبارة عن منظور القيم الأخلاقية الدينية، مشددة أنه يجب أن يُنتقى لها أساتذة ممن يتحلون بمعرفة قيمة الأديان وقيمة المشترك بين الأديان، وكيف تُكتب بشكل دقيق موضوعي فيه الجمال للأديان، ويُلقن الأطفال بهذا الشكل التحليلي المبسط بجمال الديانتين الإسلامية والمسيحية بعناية فائقة.
وأردفت نصير، أنه يجب يكون كتبة هذه المادة من أهل الاختصاص في المواد الإنسانية والعقلية، بحيث يشارك أساتذة العلوم الإنسانية والعقلية بالأزهر، مع أساتذة ذات المواد من الكليات الأخرى، بشكل لا يفرق ولا يفرط.
فيما رأى سمير غطاس، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أنه لابد من إلغاء مادة التربية الدينية من كافة مراحل التعليم بأنواعه المختلفة، معتبرا أن مناهج التعليم بشكل عام ولاسيما الدينية منها تحض على التمييز وتنشيء بيئة حاضنة للإرهاب، لأنها تقوم بالأساس على الحفظ والتلقين، وتخلقم واطن قابل للاختراق سيصدق كل ما يُعرض عليه دون تفكير، فهكذا اعتاد في سنوات تعليمه.
وأشار غطاس، إلى أن هناك 4 أنواع من التعليم هم " عام، خاص، أجنبي، ديني"، كل منهم يخلق مواطنين مختلفين، ومن ثم يزرع بينهم التمييز، والتعليم الديني تحديدا مليء بالحشو والمواد التي تحرض على الإرهاب.
وقال، إن الأخلاق ليس لها علاقة بتدريس الدين، مستدللا على ذلك باللدول الغربية التي لا يوجد بها تعليم ديني أو تدرس في مدارسها مواد التربية الدينية، مثل فرنسا واليابان، لم تنهار فيها الأخلاق، بل الأخلاق فيها أفضل 150 درجة من بلادنا، بحد قوله، متسائلا :"وإلا لماذا انهارت الأخلاق في مصر؟".
واستطرد: أن تدريس الدين بالطريقة المصرية المدرسين تؤدي حتما إلى الإرهاب، لافتا إلى أن بعض المدرسين يتبنون الفكر المتطرف، مشددا أن التعليم بأكمله الديني منه وغير الديني يخلق بيئة صالحة للإرهاب.
واتفق أمين إسنكدر، الكاتب والمحلل السياسي، مع فكرة منع تدريس الدين في مناهج التعليم بالمرحلة الإبتدائية، مؤكدا في الوقت ذاته أن المشكلة ليست فقط في التعليم الديني ولكن مناهج التعليم بشكل عام والطريقة التي تُدرس بها.
واقترح إسكندر، إضافة مادة "أسس التفكير العلمي"، تتضمن كيفية تدريب الأطفال في مراحل التعليم قبل الجامعي على التفكير بشكل علمي، بعيدا عن المعتقدات والإيمان، معتبرا أن التعليم بحاجة لثورة، لأنها تقوم على الحفظ والتلقين، ومع اختلاف السنوات أصبحت البلاد في حاجة لتعليم قائم على النقد والجدل .