قصة أصحاب راجعين يا هوا.. أشهر صورة في وداع حلب

الحلبيون يودعون مدينتهم

نعم. خرجت صورتهما من حلب المنكوبة؛ ووصلت إلى الملايين بعد أن نشرتها كبريات الصحف العالمية، لكنَّ صاحبَي الصورة المحتفى بها على الشبكات الاجتماعية، لا يزالان في الواقع محاصرين في المدينة التي بسطت قوات النظام السوري سيطرتها عليها.

 

"راجعين يا هوى".. هي الجملة التي كتبها صالح (25 عاماً) على جدار نصف مهدّم، فيما كان يحتضن زوجته مروى (20 عاماً) بيد وباليد الأخرى يحمل بندقية لم تكن له.

 

ولم يكن يخطر ببال صالح أنّ تاريخ الصورة 15 ديسمبر 2016 الذي قام بكتابته مع زوجته على أحد جدران منطقة السكري، آخر مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في حلب، سيتم تأجيله حتى إشعار آخر.

 

وكانت قد توجهت صباح اليوم 18 ديسمبر قرابة 25 باص لإجلاء من تبقى من محاصرين في حلب وذلك حسب مصادر روسية وسورية رسمية، ضمن اتفاق جديد توعدت فيه روسيا بعدم التعرّض للمحاصرين.

 

"هافينجتون بوست عربي" دخلت المنطقة المحاصرة والوصول إلى الشابين المتزوجين حديثاً واللذين قالا إنّ هذا ليس النزوح الأول لهما لكنه "الأصعب" على حد وصفهما، لأنه جاء على خلاف إرادتهما، فالنزوح الذي شمل عشرات آلاف المدنيين جاء في تسوية للمعارك الدائرة بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة.

 

صالح ابن منطقة الأنصاري والذي يعمل في مجال تصوير الأفلام الوثائقية كان قد التقى مروى منذ عدة أشهر خلال تصويره لفيلم، وشاركته فيه كممثلة "روحها المرحة وضحكتها هما ما دفعاني إلى طلب يدها للخطبة" يقول صالح، بحسب هافينجتون بوست عربي.

 

مروى هي الأخرى وجدت في زواجها من صالح أملاً متجدداً في الحياة فالحب على حدّ وصفها "جميل في زمن الحرب ولكنه مؤلم" وتبرر ذلك متابعة لـ"هافينغتون بوست عربي" لأن "تجربة النزوح صعبة على زوجين كان قد بدأا حياتهما للتو، تركنا لهم (أي قوات نظام الأسد) أغراضنا التي جهزنا بها المنزل والكثير من الذكريات والتفاصيل".

 

"كيك الحصار"

 

ولا تقف روعة تفاصيل قصة حبّ الشابين صالح ومروى بما أطلا به على العالم من "صورة" بل أيضاً بما عاشاه داخل أحياء هذه المدينة وتحديداً في حي الفردوس قبل أن تقتحمه قوات الأسد.

 

فقرار ارتباطهما لم يكن سهلاً في ظل الظروف القاسية التي عاشها المحاصرون لشهور طويلة، لكن الحصار كما يقول صالح "علّمنا أن نفرح بما هو موجود وأن نصنع سعادتنا من أشياء بسيطة".

 

يتابع الشاب الحلبي" في أولى أيام خطبتنا أردنا الاحتفال وقررت مروى أن تصنع لنا قالباً من الكيك، لم نكن نمتلك سوى الطحين جلبنا البيض من أحد الجيران الذي كان يملك عدّة دجاجات في حديقة منزله، السمن من جار آخر، واستخدمنا قليلاً من حليب الأطفال بعد أن أبدلنا الشوكولا بالتمر وأسميناه كاتو الحصار".

 

فترة الخطوبة كانت قصيرة وتزامن يوم زواج صالح ومروى مع بدء الحملة التي شنتها قوات النظام السوري على أحياء حلب المحاصرة فاختصرا زفافهما باحتفال صغير ضم أهل مروى وبعض الأصدقاء، "لكن غياب عائلتي التي تعيش خارج الحصار بقي غصّة" يقول صالح.

 

راجعين يا هوا

 

لم يكن يتوقع الشابان أن تنتشر صورتهما بهذا الشكل الكبير وخاصة أنهما وجدا في تعبيرهما عن حبهما على جدار كما يقول صالح "وسيلة تلهينا عن تفاصيل المأساة التي نعيشها".

 

فبعد إعلان الهدنة وتوقف القصف قررا الخروج في نزهة بعد أيام طويلة قضياها في المنزل تفادياً للقذائف والشظايا، يتابع صالح، "كانت معي علبة دهان بخاخ، قررت ومروى أن نترك شيئاً على جدران مدينتنا قبل الرحيل فكتبت “راجعين” وأضافت “يا هوا” وعلى جدار آخر كتبت لها “إلى من شاركتني الحصار.. بحبك” ثم رسمنا التاريخ المقرر لخروجنا الأخير من مدينة احتضنت سنوات حياتنا وكل ما نملك من ذكريات".

 

وكان صالح ومروى اللذان عادا أدراجهما خائبين بانتظار اتفاق جديد للإجلاء قد وضبا حقيبة صغيرة تضمّ آخر ما بقي لهما من مدينتهما، فصالح اختار أن يحمل كاميرته والكمبيوتر المحمول و"القبعة التي ظهرت في الصورة، مروة صنعتها لي كهدية في فترة خطوبتنا ولن أتخلى عنها" على حدّ قوله.

 

أما مروى مع تنهيدة حزن عميقة قالت أنها ستأخذ معها شالاً تلقته كهدية من صديقاتها عندما تخرج من حلب، لكن قلبها "سيبقى هناك بجانب الجدار الذي كتب صالح عليه كلمة “بحبك”.

مقالات متعلقة