"لا أستطيع أن أرضي أولادي أو أتلقى الحب والدعم من جانبهم، أنا بالنسبة لهم باختصار مجرد ATM، ألبي جميع احتياجاتهم ورغباهم" حكاية مختصرة تعبر عن الواقع الحقيقي لكثير من الآباء الذي يرهقون أنفسهم من أجل أطفالهم لتفير حياة رغيدة، مليئة بالترف وبعيدة عن القسوة، ولكن يواجهون جفافا في المشاعر من قبل أطفالهم ولا يعرفون السبب.
وترى الدكتورة دعاء راجح الاستشارية الاجتماعية والأسرية أن المشكلة ليست في الأبناء، ولكنها تنحصر في الآباء الذين اختصروا دورهم مع أطفالهم في توفير المال والأشياء المادية، وبالتالي تعامل الأطفال معهم وفق الدور الذي رسمه الآباء لأنفسهم.
وقالت راجح: "زي الأم الي بتختصر دورها فقط في الأكل واللبس والمذاكرة والتوصيل والخدمة، فبيبقى كل تعامل أولادها معاها هذه الطلبات فقط" لافتة إلى "علشان تستقبل الحب لازم تعطي الحب".
وتابعت راجح عبر فيسبوك: "الحب ممكن يبان بالاهتمام يعني تبقى عايز تعرف أخبارهم، وتتكلم معاهم وتسمع منهم بكامل الانتباه.. تسمع تنصت.. تسمع كأنك عايز تعرفهم آراءهم وأفكارهم ومشاعرهم ومشاريعهم بدون انتقاد، وبدون ممارسة الدور الأبوي الي عارف مصلحتهم".
وأوضحت الاستشارية الأسرية: "الحب يبان بالاحترام أنك تحترمهم وتقدرهم وتقلل من انتقادهم أو إهانتهم، وتحترم مشاعرهم مهما كنت مش مقتنع بيها، الحب ممكن يبان بأنك تمنحهم الوقت تخرج معاهم.. تضحك معاهم.. تلعب معاهم.. تخرج مع حد تشتري معاه حاجة وتصبر عليه، ويبقى الوقت دا ممتع مش طول النهار خناق ونقار وانتقاد ومش عاجبك تصرفاتهم".
وأضافت راجح: "الحب بيبان بالتواصل الجسدي؛ عود نفسك على أنك دايما تحضنهم وتبوسهم، ولما تعد مع حد فيهم حط إيدك على كتفه أو امسك إيده أو خليه ينام على حجرك، الحب بيبان لما تنفتح أنت كمان عليهم وتقعد تحكيلهم بس مش تقعد تحكي إنجازاتك وأعمالك العظيمة بس، احكي لحظات ضعفك ومشكلاتك واحكيلهم عن مشاعرك".
وأكدت الاستشارية الاجتماعية: "مش عيب أنك تبان أنك بتضعف في بعض الأحيان بالعكس دا بيخليهم يتعاطفوا معاك ويحترموك أكتر، اعتذر لهم عن أي غلط ارتكبته في حقهم قبل كده، علشان تحاول تطيب قلبهم من أي جرح سببته ليهم، لو حد جاي عايز يتكلم معاك اقفل كل وسائل التواصل والتليفزيون وركز معاه بعقلك وقلبك وعينيك وانتبه، خده في حضنك وخليه في حضنك وهو بيتكلم علشان يحس بالأمان".
وأشارت راجح إلى أن "أولادك محتاجينك زي ما أنت محتاج لهم أكتر ما هم محتاجين فلوسك، ساعات الأولاد في مرحلة المراهقة بيبقى أصحابهم أهم عندهم من آباءهم وأخواتهم، ودا طبيعي جدا لأن ما بيلاقيش التفاهم والاحتواء من أهله، وبيحس دايما لرفضهم ليه ولتصرفاته ولأفكاره، وساعات بيحب العزلة في الأوضة لوحده ودا طبيعي برده بس دايما ادخل عليه واطمن عليه، وقل له لو عايز تتكلم أنا تحت أمرك وحسسه أنك محترم رغبته في العزلة".
ونصحت راجح الآباء، قائلة: "خليك دايما في ظهرهم لما يقعوا في مشكلة أو يحتاجوا المساعدة يلاقوك حاضر معاهم وموجود، هات لهم هدايا من غير مناسبات كونك نزلت ودورت وتعبت نفسك في البحث دي قيمتها أكبر بكتير من غلاء الهدية، وما تقلش منا بديهم فلوس.. الهدية منك ليها معنى تاني".
وتابعت راجح: "خلي كلامك ليهم دايما حلو مثل يا حبيبتي يا حبيبي، وامدح في جمالهم لو بنات وعاكسهم كأنه ولد بيعاكسهم خليهم يشوفوا جمالهم في عينيك، ما تقعدش تقول أنت تخنت أو شعرك وحش أو انتي طويلة وهبلة والكلام المؤذي دا، حسسهم أنك فخور بيهم وبإنجازاتهم مش طول النهار تقطم فيهم وتنكد عليهم بكلامك وتريقتك ونقدك والمقارنة بغيرهم".
وكشفت راجح عن أن "الحب مش حاجة بنتولد بيها، الحب مشاعر مكتسبة بتيجي بالتودد والتحبب وإظهار الحب"، لافتة إلى أن "أولادك ممكن يكونوا بيحترموك أو بيقدروك أو حاسين بالامتنان ليك، لكن الحب هبة كبيرة محتاجة مجهود كبير علشان تحصل عليه، ومحتاج أنك تحبهم مش تحس بالمسؤولية تجاههم وأنهم حمل تقيل على قلبك عايز تخلص منه".
وأوضحت الاستشارية الأسرية أن الآباء يجب أن يتقربوا لأطفالهم "مش تحس أنهم هم الي لازم يخطبوا ودك لأنك بتصرف عليهم، محتاج أنك تكسب قلبهم مش أنك تستغلهم لتحقيق أحلامك ومشاريعك أنت، محتاج تتعامل معاهم كبشر محترمين مش كعبيد لتنفيذ أوامرك وتعليمات".
واختتمت راجح تدوينتها قائلة: "حبهم من قلبك وعبر عن حبك دا، علشان تقدر تكسب حبهم بجد، والكلام للأمهات كذلك".