باحثون فرنسيون عن القضية الفلسطينية: هولاند جبان وألمانيا متناقضة وبريطانيا مشغولة

أثناء الندوة

في ظل الانشغال بالمناطق المشتعلة كسوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها، تظهر تساؤلات " إلى أين وصلت القضية الفلسطينية؟"، ولماذا تراجعت فرنسا عن المضي قدما في حل القضية؟ وماذا عن الاتحاد الأوروبي؟.. تساؤلات أجاب عنها باحثون فرنسيون.

 

وقال "جون بول شانيولو" مدير مركز أبحاث ودراسات المتوسط والشرق الأوسط إن القضية الفلسطينية يمكن تلخيصها حاليا في ثلاث كلمات، وهي السيطرة وتنحي المجتمع الدولي والانقسام الفلسطيني.

 

 ووصف "جون بول" المجتمع الدولي بـ"الجبان والمتخاذل" حيال ما يحدث في فلسطين، كما أن الدول الأوروبية تعاني من الخمول وعدم الفاعلية، مشددا على ضرورة عدم انتظار أي دور أو ردة فعل منهم.

 

كما انتقد الأكاديمي الفرنسي الموقف الأوروبي تحديدا، وقال إنه يجب الوقوف دقيقة صمت بسبب مواقفهم المخزية واتهمهم بعدم التحرك بشكل جاد لحل القضية.

 

وأشار "جون بول" إلى أن الرئيس الفرنسي الحالي "فرانسوا أولاند" دعا لمؤتمر دولي لإتاحة الفرصة لاستئناف الحوار بين الفلسطينين والإسرائيليين، وكان من المقرر أن يعقد خلال ديسمبر الجاري إلا أنه تم تأجيله ليناير المقبل،  مؤكدا أن بلاده ليست لديها القدرة على الاستمرار، كما أن الرئيس الفرنسي ليست لديه الشجاعة السياسية الكافية للمضي قدما لحل القضية الفلسطينية.

 

وأوضح أن دول الاتحاد الأوروبي منقسمة فيما بينها بخصوص القضية الفلسطينية، موضحا أن ألمانيا أصبحت غير قادرة على العمل لأن لديها شعور دائم يتعلق بـ"المحرقة التي قام بها هتلر"، كما أنها أمدت إسرائيل بغواصات  لنقل الأسلحة النووية، ووصف جون ألمانيا بأنها دولة غارقة في المتناقضات.

 

وعن بريطانيا، أكد "جون" أنها مسؤولة تاريخيا عن القضية الفلسطينية بسبب وعد بلفور الذي منحه لليهود في عشرينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أنها مشغولة بإجراءات خروجها من الاتحاد الأوروبي، أما باقي دول الاتحاد فهي لا تريد أن يكون لها دور على الصعيد الدولي.

 

السيطرة والاستيطان

 

والنقطة الثانية هي "السيطرة" ويقصد بها الأكاديمي الفرنسي سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي أيضا سيطرة أيدلوجية تتعلق بالفكر الصهيوني وهي التي تدعوا حاليا لنقل الفلسطينين من إسرائيل لإنشاء دولة يهودية، بالإضافة لعزل النشطاء والصحفيين الإسرائيليين مجتمعيا بسبب أفكارهم التي تدعو للسلام، وسيطرة القومية المتشددة على بعض اليهود.

 

وذكر أيضا الفرنسي "جون بول" سيطرة المستوطنين الذين يقدر عددهم بالآلاف على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، ووقوع القدس الشرقية وسط المستوطنات ما أدى لاستحالة عودتها للفلسطينين في إطار أي تسوية مقبلة، واصفا الوضع الفلسطيني اليوم بأنه ليس فقط صراع بين شعب وشعب لكنه تحول لعملية استيطان منظمة ومتعمدة.

 

والنقطة الأخيرة التي تلخص وضع القضية هي الانقسام الفلسطيني ووصفه بـ"الخسارة الكبيرة جدا" وشدد على ضرورة جمع الفرقاء الفلسطينين.

 

ليس نزاعا 

 

وحول تسمية القضية الفلسطينية بـ "النزاع" قال "جون بول" إنه لا ينطبق على القضية الفلسطينية حاليا، لأن أي نزاع يأتي عليه اليوم وينتهي، أما الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة فيمكن إطلاق عليه مسمى "أبارتهيد" أو الفصل العنصري، كما كان يحدث في دولة جنوب افريقيا، لافتا إلى أن حملات المقاطعة الدولية تخيف إسرائيل.

 

وبخصوص إطلاق التسميات الصحيحة، يرى "بيير بلان" المدرس والباحث في العلوم الجيوسياسية بمعهد الدراسات السياسية، أن الوضع في فلسطين تعدى كونه مجرد احتلال لأن الاحتلال قد ينتهي، لكنه استيطان يهدف مع مرور الوقت بفرض السيطرة جغرافيًا على الأرض وهو نوع من أنواع نزع الملكية.

 

وتحدّث الباحث في العلوم الجيوسياسية عن وضع الفلاحيين الفلسطينيين، موضحا أنهم يعانون من ظروف معيشية وحياتية صعبة، في ظل الإجراءات الإسرائيلية التي تصادر الأراضي وتستحوذ على النصيب الأكبر من المياه لاسيما مياه الآبار، حيث تستولى على 80 % من المياه، بينما نسبة 20 % الباقية للفلسطينين تستغلها إسرائيل في قطاعي السياحة وزراعة أراضي المستوطنات.

 

ووصف "بيير" الفلاحين في فلسطين بأنهم يتمتعون بروح الابتكار والإبداع، وذكر مقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "ديفيد بن جوريون" أن الفلسطينين هم صناع الصحراء، مؤكدا خطأه الفادح وخطأ أن فلسطين هي أرض بلا شعب، فالفلسطينيون استطاعوا تحويل الصحراء إلى جنة.

 

الجدار العازل 

 

وتحدث "بيير" عن الجدار الفصل الذي بنته إسرائيل عام 2005 بعد انسحابها من غزة،  مؤكدا أنه أصبح وسيلة لنزع ملكية الأراضي الخاصة بالفلسطينين للبناء عليها والاستحواذ على المياه واتخذته كوسيلة غير مشروعة لحماية المستوطنات، وهو ما يعد خرقا كاملا لاتفاقية أوسلو وتكريس للتفرقة بين الفلسطينين والإسرائيليين.

 

"أن نزع إسرائيل ملكية الأراضي من الفلسطينين يحول دون تحقيق أي أمل لسيادة الفلسطينين على أراضيهم، ويؤدي لعدم الأمن الغذائي وإفقار الفلسطينين من خلال تدمير قطاعات الصيد والزراعة والصناعة، وكل تلك السياسات تقود لتدمير البنى الأساسية وتقضي على التنمية ليصبح الفلسطيني أسير للمنتجات الإسرائيلية والصينية"، على حد قول "بيير".

 

وتابع الأكاديمي الفرنسي أن الوضع في فلسطين يصاحبه عنف شديد وإرهاب إسرائيلي ويقابله مقاومة فلسطينية، موضحا أن المجتمع الدولي عليه أن يعرف أننا وصلنا لطريق مسدود، وطالب بلاده بالإعتراف بالدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين.

 

جاء ذلك خلال ندوة أقام المركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة المصرية القاهرة بعنوان "أين نحن من القضية الفلسطينية اليوم"، الثلاثاء الماضي، وحاضر فيها باحثون فرنسيون وهما "بيير بلان" المدرس والباحث في العلوم الجيوسياسية بمعهد الدراسات السياسية بمدينة بوردو الفرنسية، و "جون بول شانيولو" مدير مركز أبحاث ودراسات المتوسط والشرق الأوسط في العاصمة باريس.

مقالات متعلقة