يجمع الاقتصاديون في مصر على أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تكون قاطرة النمو في وقت قصير جدا، وذلك لما لها من باع كبير في النهوض باقتصاديات دول كثيرة، وعلى رأسها الصين وماليزيا.
ومع إطلاق مبادرة "مصنعك بتراخيصه" التي طرحتها وزارة الصناعة التجارة الخارجية مؤخرا، أجمع المستثمرين أنها من أهم وأكبر الخطوات الداعمة للمشروعات الصغيرة، مؤكدين قدرتها على تشجيع إقامة هذه الصناعات وتنميتها تقويتها لتكون الذراع الأيمن للصناعات الوطنية الكبرى.
إلا أنهم شددوا على أن المتابعة الدورية لتنفيذ هذه المبادرة على أرض الواقع هي التحدي الأكبر لنجاح هذه المبادرة وتحقيق الأهداف المنشودة من ورائها، مؤكدين ضرورة الحرص على ذلك حتى لا تضاف هذه المبادرة إلى قائمة القرارات والمبادرة التي لم يتجاوز تفعيلها مرحلة الإعلان عنها، دون إحراز أي خطوات تنفيذية على أرض الواقع.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة الخارجية قد أعلنت مؤخرا عن مبادرة "مصنعك بتراخيصه"، تقوم على إنشاء مجمعات صناعية تضم عدد من المصانع الصغيرة المستوافاه كامل الإجراءات والموافقات والتراخيص الصناعية المطلوبة، ما يؤهل لبدء الإنتاج مباشرة بمجرد شراء المصنع.
ويبدأ طرح هذه المجمعات بمدينة السادات الصناعية، بمساحات تصل لـ 1000 متر مربع، وتستهدف صناعات المجالات الهندسية والغذائية والدوائية.
وقال المهندس أحمد عبد الرازق رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية أن مشروع المجمعات الصناعية هي مبادرة رئاسية في الأصل، حيث يدعمها الرئيس عبد الفتاح السيسي ويشدد على سرعة تنفيذها.
وأضاف، في تصريحات خاصة، أن طرح هذه المجمعات هدفه الحرص على سرعة تشغيل صغار الصناع والمستثمرين، وذلك بما يحقق زيادة الإنتاج الصناعي المحلي، والذي يعد من أهم أهداف هذه المرحلة، ما يحد من تدفق الواردات ومن ثم يخفف الضغط عن العملة الأجنبية.
وتابع أن الوزارة تهدف كذلك من خلال طرح هذه المجمعات الحد من ظاهرة الصناعة العشوائية ومصانع بئر السلم، وجذبها للمظلة الشرعية للصناعة بأسهل وأسرع الطرق.
وأردف عبد الرازق أن تمويل الصناع في هذه المبادرة سيكون عن طريق مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والبالغ قيمتها 200 مليار جنيه، حيث يقوم الصانع بسداد 5 % من قيمة الأرض على أن يسدد باقي المبلغ على مدار 10 سنوات بتمويل هذه المبادرة.
ولفت إلى أن باكورة مبادرة المجمعات الصغيرة بالتراخيص الجاهزة، ستكون بمدينة السادات تليها مدينة الرسوة بجنوب بورسعيد ثم مدينة بدر الصناعية، لافتا إلى التخطيط لإنشاء عشرات المجمعات الصناعية بهذا النظام بحلول عام 2020 بمختلف محافظات الجمهورية.
ومن جانبه، قال محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات أن مبادرة وزارة الصناعة والتجارة الخارجية "مصنعك بتراخيصه"، تعد من أهم الخطوات دعما وتشجيعا للمشروعات الصغيرة، مؤكدا ايجابية المبادرة وقدرتها على المساهمة في النهوض بقطاع المشروعات الصغيرة.
وأضاف المرشدي في تصريح لـ"مصر العربية" أنه الفيصل في الاستفادة من هذه المبادرة هو التنفيذ على ارض الواقع ومتابعة خطواته دوريا، بما يجعلها مبادرة حقيقية مفيدة لصغار الصناع، مبديا تخوفه من انتهاء المبادرة عند مجرد إعلانها دون تطبيقها على ارض الواقع، كما يحدث كثيرا مع العديد من القرارات والمبادرات الحكومية.
وأشار إلى أن نجاح هذه المبادرة يتطلب أيضا توفير مناطق صناعية مرفقة، وتوفير المباني، وإنهاء كامل الموافقات والإجراءات المطلوبة لبدء النشاط، لافتا إلى ضرورة أحداث التكامل بالمجمعات الصناعية المستهدف إنشائها، بحيث تخصص المجمعات لصناعة واحدة تضم كافة تخصصاتها من الصناعات الوسيطة والمغذية وصناعة الخامات، وحتى صناعة المنتج تام الصنع، ما يحقق التكامل الصناعي المطلوب ويحد من واردات الخامات والصناعات المغذية.
وقال علاء السقطي رئيس اتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن المبادرة جيدة جدا، وتمكن -حال تطبيقها الأمثل- من دعم المشروعات الصغيرة وتنميتها لتكون ركن أساسي مكمل للصناعات الكبرى.
غير أنه لفت في تصريح لـ"مصر العربية" إلى عدة ملاحظات بالمبادرة، منها أن المساحات المحددة للمصانع في تلك المجمعات كبيرة، حيث تصل لـ 1000 متر مربع، وهو ما لا يتناسب مع إمكانيات الشباب وصغار الصناع، كما أنها تزيد عن حاجة المشروع الصناعي الصغير، كذلك وضع الصناعات الدوائية ضمن الصناعات التي تشملها المجمعات، غير موفق، وذلك لطبيعة الصناعات الدوائية المختلفة عن كثير من الصناعات، كما أنها تتطلب بطبيعتها استثمارات كبيرة بما لا يجعلها ضمن الصناعات الصغيرة التي يمكن أن يشملها المجمع الصغير.
وأضاف أنه لابد من أن تشمل المجمعات الصناعية المستهدف إنشائها توفير كامل متطلبات نجاح المشروع، من حيث توفير المخازن، والمساعدة على التسويق، وتغطية كامل متطلبات نجاح المصانع وتحقيق أهدافها.
من جانبه، قال بهاء العادلي رئيس جمعية مستثمري بدر ، أن مبادرة "مصنعك بتراخيصه" ، اتجاه ايجابي للغاية، حيث أنها تعمل على تيسير إقامة المشروعات الصناعية لاقصى مدى، فهي تخفف من عبء وهم الإجراءات الصناعية المطولة والصعبة خاصة على صغار الصناع والمستثمرين والذي يفتقرون لخبرة إنشاء المصانع وإجراءاتها، ما يمثل محفز ومشجع حقيقي لهم.
غير أنه شدد لـ"مصر العربية" على ضرورة المتابعة الدورية لخطوات تنفيذ هذه المبادرة واستمرارها في تحقيق أهدافها، نظرا لكون التنفيذ على أرض الواقع هو التحدي الحقيقي أمام نجاح هذه المبادرة.
جدير بالذكر أن المشروع الصغير الجديد "حديث التأسيس"، يعرف بحسب إعلان البنك المركزي المصري الصادر مطلع العام الجاري، بأنه ما يقل حجم رأس ماله من 50 ألف جنيه وحتى 5 ملايين جنيه للمشروعات الصناعية وحتى 3 ملايين جنيه للمشروعات غير الصناعية، فيما لا تزيد عدد العمالة التي تستوعبها عن 200 عامل، فيما يعرف المشروع متناهي الصغر بأنه ما يقل رأس ماله عن 50 ألف جنيها ، ولا تزيد العمالة به عن 10 أفراد.
أما المشروعات المتوسطة فتعرف بأنها ما يزيد رأس مالها عن 5 ملايين جنيه وحتى 10 ملايين جنيها للمشروعات الصناعية، وما يترواح بين 3 و 5 ملايين جنيها للمشروعات غير الصناعية، ولا تزيد العمالة بها عن 200 عامل أيضا.
ويختلف هذا التعريف بالنسبة للمشروعات الصغيرة القائمة حاليا – بحسب البنك المركزي ايضا– حيث تعرف المشروعات الصغيرة بأنها التي يبلغ حجم مبيعاتها سنويا ما لايقل عن 10 ملايين جنيها ولا يزيد عن 20 ملايين جنيها، ويبلغ عدد العاملين بها 10 أفراد، فيما تعرف المشروعات الصغيرة جدا بأنها ما يترواح قيمة مبيعاتها ما بين مليون و 10 ملايين جنيها، أما المشروعات متناهية الصغر فقيمة مبيعاتها لا تزيد عن مليون جنيها سنويا، وتصل عدد العمالة في النوعين الآخيرين لـ 200 فردا .
أما المشروعات المتوسطة فهي التي تترواح قيمة أعمالها ما بين 20 و100 مليون جنيه، ويصل عدد العمالة بها 200 فردا.
والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لها مساهمات كبيرة في تشغيل الشباب والحد من البطالة، فضلا عن دورها في زيادة الإنتاج المحلي، ذلك إلى جانب دورها في تحقيق التعميق الصناعي وزيادة نسبة المكون المحلي بالمنتجات المصرية.
وتعد مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 200 مليار جنيه، هي المبادرة الأحدث لتشجيع هذا القطاع من المشروعات، حيث تقدم المبادرة تمويلا للمشروعات الصغيرة خلال الـ 4 سنوات المقبلة بفائدة 5 %.