تعرضت أسواق المال العالمية خارج الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تراجعات وتذبذبات في أدائها الأسبوع الماضي، عقب إعلان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، رفع سعر الفائدة على الأموال الاتحادية بربع نقطة مئوية. وواجهت أسعار الذهب تراجعاً حاداً بنحو 26 دولاراً للأونصة، لتهبط إلى أدنى مستوى لها في 10 شهور، ويستقر سعر الأونصة عند 1136 دولاراً، مع صعود الدولار لأعلى مستوى في 14 عاماً. ونجحت لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الاتحادي "الفيدرالي الأمريكي"، الأربعاء الماضي، في رفع نسبة الفائدة للمرة الأولى منذ عام، بنسبة 0.25% إلى نطاق 0.50% - 0.75%. التذبذبات التي شهدتها الأسواق العالمية، تظهر مدى الارتباط الوثيق بين الاقتصاد العالمي والدولار الأمريكي الذي حلق عالياً بعد الإعلان عن رفع أسعار الفائدة. الرابح الوحيد وتعد الولايات المتحدة الأمريكية، الرابح الأكبر من قرار رفع نسبة الفائدة، الذي صعد بأسواق الأسهم إلى مستويات هي الأعلى منذ فوز الجمهوري دونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية. "المركزي الأمريكي" هدف من قرار رفع الفائدة، زيادة قوة الدولار ليكون الدافع الأبرز في صعود نسب التضخم داخل أسواق البلاد الاستهلاكية، التي ما تزال دون النسبة المستهدفة البالغة 2%. ورغم ارتفاع أعداد الوظائف الجديدة في السوق الأمريكية خلال العام الجاري، وتسارع نسب النمو الاقتصادي خلال العام الجاري، إلا أن نسب التضخم ما تزال دون 1%. وتجاوز عدد الوظائف الجديدة في السوق الأمريكية 2 مليون وظيفة، وبنسبة بطالة هي الأدنى منذ 9 سنوات، بينما بلغت نسبة النمو الاقتصادي 2.9% للربع الثالث، على أساس سنوي. وستكون الدول المصدرة الكبرى بعملة الدولار الأمريكي، من الرابحين جزئياً من قرار رفع الفائدة الأمريكية، لأنها ستزيد من قيمة صادراتها المقومة بالعملة الأمريكية، تزامناً مع قوة الدولار. الخاسرون كثر تعد تكلفة الديون العالمية المقومة بالدولار، واحدة من أبرز السلبيات التي تلقتها دول العالم مع قرار رفع الفائدة الأمريكية، مع صعود الدولار إلى مستويات مرتفعة. وبحسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، "يبلغ حجم الدين العالمي 152 تريليون دولار أمريكي"، أكثر من 70% منها بعملة الدولار الأمريكي. وخسرت دول العالم، مبلغ 26 دولاراً عن كل أوقية (أونصة) واحدة تملكها، بعد قرار رفع أسعار الفائدة الذي هبط بسعر الذهب إلى 1136 دولاراً، نزولاً من 1162 دولار قبل الإعلان عن نتائج اجتماع "المركزي الأمريكي"، مساء الأربعاء الماضي. جاء في تقرير حديث صدر الشهر الجاري عن احتياطات العالم من الذهب، عن مجلس الذهب العالمي استنادا إلى صندوق النقد الدولي، يبلغ احتياطي أول 100 دولة حول العالم من المعدن الأصفر 33.181 ألف طن. وتتأثر واردات السلع المقومة بالدولار الأمريكي، سلباً، بارتفاع تكلفتها على المستورد وبالتالي المستهلك النهائي، ما يدفع نسب التضخم للعديد من الاقتصادات للصعود. والجمعة الماضية، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي قليلاً بفعل عمليات بيع جني الأرباح، لكنه ظل قرب أعلى مستوى في 14 عاماً، عند 102.9 نزولاً من مؤشر إغلاق الخميس البالغ 103.5. وبينت معطيات تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، السبت الماضي، بلغت قيمة التجارة السلعية حول العالم في 2014، نحو 16.6 تريليون دولار أمريكي. واضطرت غالبية الدول العربية المرتبطة عملاتها بالدولار الأمريكي، برفع أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة ربع نقطة مئوية، كالسعودية والإمارات، وقطر والبحرين والأردن. ولن تكون سوق السندات بعيدة عن طابور القطاعات الخاسرة من قرار رفع أسعار الفائدة الأمريكية، وستزيد من تكلفتها على الدول المصدرة لها. ودفع الدولار القوي، إلى زيادة التكلفة على مستوردي النفط الخام ومشتقاته، لتتراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، إلى 53.6 دولار أمريكي عقب رفع أسعار الفائدة، قبل أن تعواد الصعود لاحقاً.